في ظل التصعيد العسكري على الحدود ..الجنوب إلى أين ؟

في ظل التصعيد العسكري على الحدود ..الجنوب إلى أين ؟

قبل 5 سنوات
في ظل التصعيد العسكري على الحدود ..الجنوب إلى أين ؟

نائف المزاحمي

  

إن المتابع للمشهد السياسي والعسكري في اليمن منذ بداية التدويل للأزمة اليمنية إلى اليوم وعلى وجه الخصوص واقع المشهد في الجنوب سيلاحظ بأن مايدور على الأرض ومايشكل من امتداد خليجي إقليمي دولي حتى وإن كان في نوع من الخلط والتداخل هنا وهناك لكن بشكل عام يمكن التركيز على أن واقع الأمور تتجه نحو مساران لا ثالث لهما ويمكن استعراض الوقائع والأحداث التى تحدد اتجاهات كل مسار على النحو التالي : -

المسار الاول
 

عندما طلب الأمين العام للأمم المتحدة من مبعوثه الخاص جمال بن عمر تقديم احاطتة الأخيرة قبيل أستبداله بمبعوث آخر عن مقترحات الحل في اليمن في جلسة مجلس الأمن والتي عقدت مطلع فبراير ٢٠١٥م وقف حينها وقال بأن مقترحات الحل النهائي تكمن في المضي نحو :

- في ألشمال :-

ضرورة إيجاد تسويه تاريخية بين الملكيين والجمهوريين .

- في الجنوب :-

ضرورة إيجاد تحالف دولي لمحاربة الإرهاب .

لم يكن أمام المبعوث الأممي حينها خيار آخر فيما يخص الوضع في الجنوب ، فقوى الاحتلال أستطاعت أن تخلق في الجنوب حاله من التفكك والانقسام وعدم القبول بالآخر لقوى الحراك ، وكذلك خلق حاله من الانبطاح والتبعية والضعف لعناصر الجنوب في الشرعية ، هذا الواقع المعقد كان بمثابة مؤشر إنسداد أفق إمكانية تبني قوى جنوبية من ناحية تمتلك من الإمكانيات لخلق شراكة مع أصحاب الوصاية وصناع القرار تضمن من خلالها فرض ترتيبات الحل النهائي المفروض والذي يتوافق ومصالحهم ، ومن ناحية أخرى إمكانية أن تمتلك القدرة على مواجهة خطر التهديدات المستمرة لقوى الهيمنة الشمالية والتي تسعى بكل ماتمتلك من امكانيات لادخال الجنوب في مستنقع الفوضي والتطرف والإرهاب .

ولأن بعض الأطراف الدولية لايهمها الا مصالحها بغض النظر عن خطر القوى التي تتعامل معها لإدارة وترتيب المشهد السياسي القادم حتى وإن كان عبر ادخال الجنوب بحاله من الفراق والفوضى والتطرف والإرهاب كأمر واقع وخيار يضمن التدخل الدولي المباشر، وهذا المشروع مازال قائمآ وتحاول فرضه قوى الإحتلال وادواتهم في الجنوب وبمساندة أطراف أقليمية ودولية للأسف الشديد .

المسار الثاني 
 
لقد مثل يوم ٤مايو ٢٠١٧م نقطة تحول تاريخية في مسيرة نضال الحركة الوطنية الجنوبية ، كيف لا فهو اليوم الذي كسب فية الشعب الجنوبي الرهان على عدوهم الطاغية عفاش ومنظومة الاحتلال ومن ساندهم اقليميآ ودوليآ والذين يسعون بشكل مستمر لإيهام الخارج بأن الجنوب لايمكن له أن يتوحد ، وانة الملاذ والبيئة الخصبة للإرهاب والتطرف والفوضئ .

إن ضرورة وحاجة واستحقاقات المرحلة قد فرضت تشكيل كيان المجلس الانتقالي الجنوبي ولقد كان التفويض هو السبيل الوحيد لتشكيلة .

إن المجلس الانتقالي الجنوبي وهو يخوض معركة استعادة الدولة الجنوبية كاساس في مساعية ونشاطة وتحركاتة الداخلية والخارجية وتحت هذا الهدف الوطني الجنوبي سعى الى فتح باب الحوار الجنوبي الجنوبي مع كل القوى الجنوبية وقد وصل إلى خطوات متقدمة تم الإعلان عن جزء منها.

كما سعى ويسعى وهو ينشد مشروع أستعادة الدولة نحو تأسيس شراكة جنوبية خليجية أستراتيجية من خلال الإستمرار في القتال جنبآ الى جنب مع الاشقاء الخليجيين وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ويسعى أن لا تنتهي الشراكة بتحقيق أهداف الحرب وانهاء التمرد وقطع ذراع أيران في المنطقة بل يحرص أن تكون شراكة دائمة

كما سعى ويسعى وهو ينشد مشروع أستعادة الدولة والوطن الى خلق شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعة وفي هذا الصدد فقد حقق مالم تحققة اي أنظمة في المنطقة ، كما أن الجهود والمساعي الدبلوماسية لقيادة المجلس الانتقالي واخرها جهود الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وزياراتة الى بريطانيا وروسياء ولقاءات مع سفراء الدول العشر المعلنة والغير معلنة قد غيرت قناعات صناع القرار واصحاب الوصاية إلى إمكانية التعامل مع خيار أستراتيجي جديد يهدف إلى خلق شراكة جنوبية أقليمية دولية لترتيب أوراق أستحقاقات المرحلة القادمة بما يضمن الأمن والاستقرار والمحافظة على مصالح الجميع في المنطقة وصونها .

ان نتائج مشاورات السويد بشأن الحديدة قد مكنت الحوثي واعطتة صفه الشرعية وعززت مكانته وكبرت من شأنة ، كما أنها كانت بداية مرحلة طي صفحة قوى الشرعية وبداية خروجهم من واجهة المشهد السياسي والعسكري ، كما أن نتائج المفاوضات تهيئ بشكل واضح الطريق نحو خلق واقع يمهد للشمال للوصول إلى تسوية تاريخية بين الملكيين والجمهوريين وهو الأمر الذي اشار اليه السيد جمال بن عمر في احاطته والتي أشرنا إليها في بداية المنشور .

لكن يبقى العائق الذي يحول دون ذلك واقع الأزمة والصراع المتعارف علية بين طرفي الشرعية وقوة الانقلاب والتي قامت الحرب بينهما ، ويبقى مسألة تغيير طبيعة المشهد العام للازمة اليمنية هي الخطوة التي تتم من خلالها خلق قناعات ورأي عام مجتمعي وسياسي وجغرافي شمالي جديد يخرج الحوثه وحلفائهم من صفة الانقلابيين الطائفيين الى صفة تكون أكثر قبولآ وشرعية للمجتمع تضمن كل الأطراف الشمالية المتصارعة من خلالها نجاح التسوية السياسية القادمة.

ما تفسير مايحصل في الضالع ويافع من تصعيد عسكري ومناطق حدودية جنوبية اخرى؟
 

إن المتابع للمشهد السياسي والعسكري منذ بداية الأزمة اليمنية يلاحظ بأن القوى الدولية واصحاب الوصاية لاتنتهج سياسة الحوار والتوافق والتشاور السلمي بين الفرقاء لفرض واقع جديد ، فسياسة خلق الأزمات والمواجهات والتصعيد العسكري هي الآلية التي ينتهجها المخرج الخارجي لتوضيب المشهد على الأرض لفرض واقع جديد في إطار مسار الحل السياسي النهائي لاخراج اليمن جنوبة وشمالة إلى بر الأمان .

إن واقع الحرب والانتصارات التي حققتها المقاومة الجنوبية منذ تحرير عدن والمناطق الجنوبية الأخرى ، واستمرار المقاومة الجنوبية ومعها التحالف في الحرب خارج حدود المناطق الجنوبية وماحققتة من انتصارات في الساحل الغربي قد رفع من مكانة الجنوب ، كما أن واقع الشراكة الجنوبية مع المجتمع الدولي والإقليمي في محاربة الإرهاب والقضاء علية وتجفيف منابعة من الجنوب قد أسس لشراكة عززت من مكانة الجنوب اقليميآ ودوليآ أيضآ ، كما أن تحركات المجلس الانتقالي ومساعية محليآ واقليميآ ودوليآ وما رافق تلك المساعي الدبلوماسية والسياسية من قبول وترحيب وبشكل واضح يمثل انتصارآ للجنوب ولقضيتة العادلة .

كل ماتم ذكرة من انتصارات جنوبية كانت كفيلة أن تفرض واقع جديد وقناعات إقليمية ودولية جديدة تتواكب مع تلك المتغيرات .

لقد فرضت تلك المتغيرات قناعات لدى صناع القرار بأن الأزمة اليمنية لم تعد أزمة شرعية وقوى تمردت عليها .فمؤشرات الواقع المفروض تبين بشكل واضح بأن الأزمة بين جنوب وشمال ، وان مقتضيات الحل يفترض أن تمضي نحو ذلك المسار كخيار أستراتيجي مفروض لاخراج اليمن إلى بر الأمان .

اذآ مايحصل في الضالع ويافع يمثل نقطة تحول في واقع الأزمة اليمنية فالتصعيد العسكري على مناطق التماس بين الجنوب والشمال الغرض منه بدرجة رئيسية من وجهة نظر المخرج هو تغيير في واجهة الأزمة من شرعية وتمرد إلى أزمة بين الجنوب والشمال كخطوة تتواكب مع المتغيرات التي ذكرناها.

عندما وصلت القوى اليمنية بداية الأزمة إلى انسداد في العملية الحوارية لم يجد المجتمع الدولي غير خيار الحرب لتوضيب المشهد واضعاف القوى المتصارعة لم يجد افضل من الحوثة للقيام بهذا الدور .
اليوم يتكرر المشهد فحدود الجنوب واسعة مع الشمال ومناطق التماس التي تشهد تواجد قوات جنوبية مواجهة لقوات حوثية شمالية كثيرة ، لكن السؤال :-


لماذا تم اختيار الضالع ويافع بشكل رئيسي ؟

إن صحت التحليلات التي اوردتها في المنشور وهي مجرد تحليلات واجتهادات شخصية متواضعة ، فإن اختيار الضالع ويافع في الواجهة كساحات مواجهات عسكرية بين الجنوب والشمال فإن ذالك يخدم القضية الجنوبية وانتصارآ لها ، لما تمتلك من مقومات المواجهة والصمود لفترة طويلة لتواجد الحاضنه المجتمعية من ناحية ،وللخلفية الجغرافية ، وللخلفية الامدادية الإسعافية ردفان ،- ابين -عدن وبقية المناطق الجنوب الاخرى والتي تجعل من الضالع ويافع اكثر صمودآ ولسنوات مهما كان حجم القوات وتكالبها .

أعتقد أن سارت الأزمة والتصعيد بهذا الاتجاه فهو مؤشر واضح لنجاح الخيار الثاني الذي اوردناه في بداية المنشور على اعتبار أن هذا التصعيد سيخدم قوى الهضبة في الشمال أن اكتفوا بإدارة الشمال فقط فالتصعيد بين الجنوب والشمال سيخلق مشهد انقاذ للوحدة تتكالب فية كل الأطراف والمناطق في خندق واحد ، وهذا كفيل أن ينهي من ذاكرة مناطق الوسط مشروع التمرد ويصبح الحوثي في وضع الشرعية واكثر قبولآ .

كذلك الحال فيما يخص القوى الدولية واصحاب القرار فالتصعيد يعطي مبرر لتحرك دبلوماسي دولي يفضي إلى اعتراف بأن الأزمة جنوبية شمالية .كما أن الصمود في المواجهات يعطي فرصة للقوى الدولية لتهيئة الملعب للقوى الجنوبية للتحضير والإعداد للتفاوض الجنوبي الشمالي القادم بإذن الله .

أما أن سارت الأمور عكس ما أشرنا إليها واخذ التصعيد العسكري يضعف في الضالع ويتجة خط التصعيد والحشد نحو خطوط تماس لمناطق جغرافية مفتوحة وتفتقر للمناطق الإسعافية فهذا مؤشر واضح من ان وضع الأزمة يتجة نحو المسار الأول الذي أشرنا اليه في بداية المنشور ومثل هكذا مسار لايمكن له أن يفرض الا متى ما كانت قوى خليجية وإقليمية ودولية داعمين له وبكل قوة .. وحتى وإن اتجهت الأمور نحو إدخال الجنوب في مشروع الفوضى والتطرف والإرهاب فلن يكون المتضرر الأول فدول الخليج وبعدها القوى الدولية ستكون أكثر ضررا.

أذآ القادم اكثر خطرآ على الجنوب وعلينا جميعا اي كانت الخيارات المطروحة علينا أن نكون أكثر التفافا وتوحدآ لمواجهة التحديات القادمة وعلى الشركاء في الخليج وفي العالم تقع مسؤولية أمام الجنوب بشكل خاص واليمن بشكل عام المساندة للخروج إلى بر الأمان ..ولله الامر من قبل ومن بعد وهو على كل شيئا قدير .

*كاتب وناشط جنوبي

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر