أزمة الشرعية لا تمكن في التحالف العربي ولا في مبعوثي الأمم المتحدة بل في الشرعية نفسها ، ذلك إن داخلها شرعيات متعددة تبدأ بمن يجد نفسه أقرب إلى الحوثيين منه إلى الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، بل ومنهم من وقف في صف الحوثيين وصفق لهم وهم يسقطون المحافظات واحدة تلو أخرى والبعض شاركهم العدوان على المحافظات التي قاومتهم، ومنها محافظات الجنوب، وآخرون لديهم أجنداتهم الخاصة المتمثلة بقيام دولتهم الأيديولوجية من خلال الاتكاء على شرعية الرئيس هادي والإحاطة بها كإحاطة السوار بالمعصم، والتظاهر بتأييد الرئيس كوسيلة لتحقيق هذه الغاية وسيستغنون عن الرئيس بمجرد الوصول إليها، والتجارب في ذلك كثيرة، وشرعية ثالثة أجندتها تقوم على الاستثمار في الحرب واستغلال الكرم الذي تحظى به الشرعية من قبل دول التحالف العربي لتحقيق المزيد من الأرباح والعوائد المالية التي لم يستطيعوا تحقيقها حتى في ذروة انغماسهم في فساد مرحلة الرئيس علي عبد الله صالح التي قال فيها أحد أركانها: من لم يغتن في عهد علي عبد الله صالح فلن يغتني أبداً.
هذه الأزمة هي التي حالت دون إحراز أي تقدم يذكر في مواجهة المشروع الانقلابي، وليس صحيحا القول أن التحالف العربي هو الذي منع التقدم باتجاه إسقاط الجماعة الانقلابية واستعادة العاصمة صنعاء من أيدي الانقلابيين، لأن التحالف العربي تكمن مصلحته في إسقاط الانقلاب لا في استمرار الحرب التي تنستنزف دول التحالف مهما كانت مقدراتها.
وهكذا أدت أزمة الشرعية إلى وقوع التحالف في مأزق ورطته فيه بفشلها وعجزها عن الاستفادة من النجاحات التي تحققت في الجنوب والساحل الغربي وحتى مأرب، والبرهان على قدرتها على تقديم نموذج للدولة التي يتطلع إليها المواطنون وانشغال أجنحتها المتناقضة في تنفيذ أجنداتها الخفية التي لا تخدم ما يسعى إليه التحالف العربي، بل وتعمل ضد مساعي هذا التحالف وتضمر من الشر والغدر تجاه التحالف أكثر مما تضمر للجماعة الانقلابية.
وهكذا فإن مأزق التحالف لا يكمن في سوء أداء أطرافه ولا في عجزهم عن مواجهة المدِّ الإيراني وإجهاض المخطط الانقلابي لفرعه (الحوثي) في اليمن، بل يمكن في اعتماده على كوكتيل تحالفي غير منسجم ولا يجمع أطرافه سوى الاستثمار في إطالة أمد الحرب والاستفادة من الدعم المادي واللوجستي الذي تقدمه دول التحالف لتحقيق مزيد من الثراء، على حساب آلام ومعاناة اليمنيين واستمرار انهيار ما تبقى من مقومات الدولة في اليمن، . . . إنها الأطراف التي أقل ما يمكن وصفها به أنها أقرب إلى المشروع الانقلابي منها إلى مشروع التحالف العربي، ومعه "الشرعية المفترضة" للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وللحديث بقية.