لا وين يا فخامة الرئيس؟

لا وين يا فخامة الرئيس؟

قبل 5 سنوات

مما يتداوله الناس من الحكايات انه حدث خلاف بين السلطان العوذلي والعاقل الدماني حول الحق في تحصيل الضرائب على المزارعين (١٠% من المحصول) ويُطلق عليه (العُشر) فكل منهما يريد هذا العشر له ثم توصلا الى اتفاق ان يدفع المزارع (عُشرين، عُشر للعاقل وعُشر للسلطان) وعلى ان يعفى العاقل واتباعه المباشرين من العُشر الذي يفترض ان يُدفع للسلطان.

وقد خلٌد الشعراء هذه الواقعة في ابيات يتم تداولها حتى الان، اذكر منها بيت من شعر احد عقال دمان حين قال:
(الليلة العُشرين وجبنا بها
واحنا جبر ماشي علينا عاشرة)
فرد عليه شاعر دماني من المستهدفين بالعُشرين وقال:
(ابرك علينا ذي سلمتوا منها
واحنا بقايا وقتنا با نعبره
هذي السنة والا عطوف الثانية
وانكم نبرتوا* منها للواثرة*)
وكما يقولون (ألسنة الناس أقلام القدر) فقد سقطت السلطنة والمعقلة بإستقلال الجنوب العربي في نوفمبر ١٩٦٧م.

حالنا مع اقطاب التجارة والمال والحكومات الكرتونية المختلفة كحال مواطني دمان مع سلطانهم وعاقلهم، فتوافقاتهم تأتي على حساب طعام اطفالنا وصحتهم ولبسهم، فالتوافق بين التجار والبنك على سعر العملة اتى على حساب اسعار السلع والخدمات المقدمة للناس والخلاف بين اقطاب المحروقات، العام والخاص، اتى على حساب الناس برفع سعر الوقود الذي ينعكس بدوره على السلع والخدمات المقدمة للناس، وحتى الخلاف بين حكومتى عدن وصنعاء اتى اثره على المطحونين هنا وهناك، وهكذا أزداد الاثرياء ثراءً والفقراء فقراً.

لم تعد هناك شريحة وسطى، فقد اصبح الجميع في الحضيض عدى الشريحة الحكومية من ذوي الرواتب الدولارية من (الفارين بقرارات جمهورية) ومن على شاكلتهم من دبلوماسيي (الغفلة) والادارات الحكومية التي تعمل من الرياض، والمستكتبين والطبالين (الاعلى اجراً) المنتشرين في عواصم العالم برواتب بالعملة الصعبة، لدرجة يخيل لنا معها ان الحكومات المتعاقبة منذ عام ٢٠١٥م ليس لها هم الا ادارة شؤون (الفارين حيثما كانوا) ولا تعنيهم احوال الناس في الداخل.

منذ ٢٠١٥م الى اليوم ارتفع سعر الدولار من (٢٤٠) ريال الى ما يقترب من (٦٠٠) ريال، سقطت معه القدرة الشرائية للريال بمقدار (٧٠%)، هذا مع ما يحتسبه مقدمو السلع والخدمات من ارتفاع متوقع لسعر الدولار بفعل عدم ثبات سعر الصرف، وهكذا اصبح الحد الادنى للاجور (٢٥ دولار بدلا من ١٠٠ دولار في ٢٠١٢)، هذا علاوة على مصيبة اخرى اصابتنا وهي ارتفاع سعر الوقود من (٣٧٠٠) ريال الى (٧٠٠٠) ريال مع ما سينتج عنه من زيادة اضافية في المعيشة بشكل عام، كل ذلك ولم يطرأ اي مراجعة حقيقية وواقعية لاجور العاملين والمتقاعدين، التي اقلها يحتسبوا للناس الاجور الفعلية في ٢٠١١م مقيمة بالدولار، هذا مع ان الزيادة في اسعار الوقود سيظل عبئها اضافياً غير محسوباً.

الجيش الجرار من وزراء ووكلاء ومدراء ودبلوماسيين وطبالين و(راقصين في حفلات الزار، هم الاغلى في العالم حتى من فيفي عبده، مع الاعتذار لها) ليسوا هم وحدهم المشمولين برعايتك يا فخامة الرئيس، ولم يكن أبناء الجنوب خصوما لك، كما يوشوشون لفخامتك، حتى يمارس رئيس حكومتك، وبعض وزراءه، العقاب الجماعي ضدهم، قولا وفعل.

لا وين يا فخامة الرئيس (فلم يعد في قوس صبر الناس منزع) كما قال العرب، فلا يستطيع احدنا ان يلوم الجوعى اذا انكسر قوس الصبر هذا.
وكفى.

هوامش:
نبرتوا.. رحلتوا
الواثرة.. القيامة

عدن
٢٠ يوليو ٢٠١٩م

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر