الحدائق الخلفية من غنوشي تونس لزنداني اليمن

الحدائق الخلفية من غنوشي تونس لزنداني اليمن

قبل 3 سنوات

بعد أشهر من انعقاد «المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي» في الخرطوم عام 1991، قام راشد الغنوشي بزيارة إلى اليمن، ويروى أنه أجاب على تساؤل من عبدالمجيد الزنداني حول انطباعاته من زيارته إلى اليمن فقال إنه اعتاد أن يزور «الإخوان» في السجون إلا في اليمن فلقد وجدهم يعيشون في القصور، فلقد كانت قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح جزءا من سلطة الحكم، ولذلك وجدت قيادات «الإخوان» في اليمن من سعة الحياة وقدرة الحركة والتأثير في النظام السياسي لليمن.

الإسلاميون وجدوا من خلال الديمقراطية العربية فرصة للتسلل إلى السلطة السياسية بنفوذ محدود حتى هبت ثورات الربيع العربي التي كانت من صنع أيديهم لتحملهم إلى السلطة المطلقة في حكم البلدان العربية، وما حصل من اختطافهم للسلطة في مصر زاد من مطامعهم بشكل كبير للغاية، الشعب المصري الذي أسقط حكم «الإخوان» في ثورة 30 يونيو 2013 سجل منعطفاً في ديناميكية الأحزاب الإسلاموية التي عادت خطوة للخلف وتحاول التسلل إلى السلطة مجدداً.

من الواضح أن المرحلة الآنية هي مرحلة يتبلور فيها المشروع «الإخواني» الذي بات يرتكز على الطموح التركي بالسيطرة على عدة بلدان عربية لتشكيل الضغط على عواصم المحور العربي (الرياض والقاهرة وأبوظبي)، هذه الاستراتيجية التي تتبلور من خلال سعي أذرع التنظيم الإخواني في تشكيل دوائر الضغط من خلال تقاسم السلطة على غرار ما كان عليه حال «حزب الإصلاح» في اليمن على مدار عقود طويلة.

بشكل أو بآخر أصبحت السلطة التشريعية التونسية بقبضة راشد الغنوشي الذي بدوره استفز الشارع التونسي في ماهية تمثيله السياسي سواء بزيارته إلى تركيا أو تهنئة السراج في ليبيا، حالة الاستفزاز للشارع ستظل قائمة ولن تغير من المشهد القائم بمقدار أن التنظيم الدولي يحاول تثبيت واقع مختلف بتحويل تونس واليمن وليبيا إلى حدائق خلفية للنظام التركي.

هذا ما يتم إعداده بطريقة مكشوفة، وإن كان التنظيم بالفعل حقق خطوات قوية في هذه البلدان الثلاثة، بل إنه استطاع من خلال الإعلام القطري تكريس وهم مفاده أن الديمقراطية العربية لن تنجح بغير محاصصة بمقاييس التنظيم الدولي حتى وأن رافق الفشل تجارب العراق ولبنان غير أن هناك اندفاع لانتهاجها في دول أخرى سيكون عليها أن تلعب الدور اللوجستي في تكوين الضغط على دول محور الاعتدال العربي.

غنوشي تونس لا يبدو مكترثاً بتململ الشارع التونسي وخشية ذلك الشارع من تسلل العناصر الإرهابية من ليبيا إلى بلاده، في المقابل يدفع «الإخوان» بأجندتهم لتحويل تونس إلى حديقة لتمرير المشروع الأكبر وتوسيع نطاق نفوذه في تكرار للتجربة الإيرانية في توسيع نفوذها عبر وكلائها في التشكيلات السياسية العربية.

هذه مرحلة التنفيذ وليست التخطيط فلقد تم التخطيط بعد سقوط حكم «الإخوان» في مصر كما جاء في وثائق الاستخبارات الإيرانية التي نشرتها صحيفة نيوريورك تايمز في نوفمبر 2019، النفوذ السياسي المتنامي لتيار «الإخوان» في الحدائق الخلفية يرافقه امتلاك القوة العسكرية، كما هو حال حزب «الإصلاح» في اليمن، ومليشيات «حكومة الوفاق» في ليبيا، أي أن المخالب «الإخوانية» تجاوزت مرحلة الرخاوة، وباتت أقوى وأكثر صلابة والتعامل معها يكاد يكون أحادي بمواجهة قاسية لكسرها.

بالكاد استطاع العالم العربي تحجيم التوسع الإيراني بعد أن أسقط الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي، غير أن ذلك لم ينه أحلام إيران التوسعية، ولعل هذا ما يستدعي التعجيل إلى خطوات أكثر جرأة عربياً حيال التدخلات التركية في المنطقة العربية عبر أذرع التنظيم الدولي لـ«الإخوان» الذي يتعين على الأنظمة العربية مواجهته بشكل مباشر لتحطيم الحدائق الخلفية التي يراد لها أن تلعب الأدوار المتقدمة لاحقاً.

 

نقلاً عن "الاتحاد"

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر