يتصدى لهذه الاسباب بين الفينة والاخرى، عدد من الكتاب والمدونين ، من مشارب فكرية وسياسية مختلفة، البعض يسوقها وفقا لخياله وتصوراته مثلما يريد لها ان تكون، والبعص الآخر ورؤيته ونهجه السياسي ،وهنالك عامة من الناس يقعون تحت تأثير الزيف الإعلامي، لمطابخ إعلامية تجيد على نحو غير معهود أساليب التظليل الإعلامي ونسج الفبركات واتقان الاخراج الصحفي لروايات ابعد من الخيال في زيفها ، اتفاقا وتوجهات سياسية لاحزاب وكيانات يلتزم إليها هؤلاء ..
في ضؤ ذلك ومن وحي قراءات ما يكتب ويقال، وبمساعدة ماكينة الاعلام القوية، لاسيما السلطوية منها ، يتشوش وعي البعض من محدودي الاطلاع، والغير قادرين على تبيان حقائق الأمور، مع اشتداد الصراعات بأشكالهاالمختلفة.. إزاء ما اسلفت، وجدت فرصة مناسبة لان اسهم وبعلمية-( كما اريد لمقاربتي هذه ان تكون )وفي عجالة ، متقيدا ومستفيدا من شروط ومعايير اكاديمية الحقل الذي اعمل به، وماتمليه على طبيعة الاعمال الفكرية، اكانت دراسات اواوراق اومقالات ؛ وبتوافق مع أهمية الموضوع الموسوم :بأسباب صراع الانتقالي وحكومة شرعية هادي ،لمايعنيه الاجتهاد في اجلاء الحقائق، واظهار الصحيح منها، مع تعدد ما يكتب ويروى عن الأسباب لما يدور من صراع ، تنوع ونشر كثيف بالوان تنم على انها بوعي وقصد وتوجيه، تخدم مرامي وأهداف سياسية، لاتحقق سوى مزيد من الانقسام ، والاصطفاف الهادف نحو تراكم اسباب الصراع وتعمقه، في إطار قوى ومؤسسات المجتمع الجنوبي
وتعميق الهوة في نسيجه الاجتماعي ،،
لانزعم اليقين اوالصحة، لكل ما سنحاول ايراده من اسباب، كما لانتوقع البته قبول الجميع، وادراكهم الواعي لها؛ ناهيك عن تأثير عوامل استمرار تباينات مصالح الساسة في المجتمعات الاقل تطورا، بالاضافة الى كون الموضوع المبحوث شائك ومعقد، ولطبيعته السياسية وصلته بالصراع السلطوي، وكغيرة من مواضيع علم السياسية وممارساتها، تتنوع الآراء بصدده وتتعدد، نتيجة الصلات بالمصالح المترتبة على اي موضوع يبحث في السياسة ، وكل ينظر من واقع بيئته ومحيطه.. لكن فيما نحن بصدده، إجلاء حقائق دفعت مصالح البعض السياسية إلى تقديمها في غير صورتها الواقعية، ظنا منها ان لذلك أثره على بلوغ الأهداف البعيدة، التي لايمثل إرجاع اسباب الصراع إلى غير حقيقتها سوى وسيلة من وسائل الديماغوجية والتظليل السياسي..
نحن بدورنا تجاه موضوع هذه العجالة، نمتلك مايدفعنا للثقة في صواب ما سنأتي على تدوينه، وقدرته على إبعاد الغشاوة عن رؤية البعض وتحليله لأسباب صراع الانتقالي وحكومة شرعية هادي..
سوف لن ندون الجديد اذا ماقلنا انه وبعد التحرير لمدينة عدن وعودة رئاسة هادي الشرعية، وقبل تكون الانتقالي؛ كان الانتقالي ممثلا حينها برموزه وقواه ؛صحيح ليس ككيان سياسي بذاته، ولكن كقوى تحرير حراكية الانتماء جنوبية الاهداف،رموزه وقواه التي أدارت معارك التحرير، ممثلا وان في حدود تتفق وظروف الحرب ضمن قوام هيئات التحالف، فكان له تمثيل في مؤسسات الشرعية ،حكومة ومؤسسات محلية، ساعد على انتظام وتناغم نشاطات أطراف التحالف في حربها ومناهضتها للوجود الحوثي؛ كقاسم مشترك له الفضل في متانة و تعاضد الانتقالي وحكومة شرعية هادي.. إلا أن ويلات ومآسي الحرب، ذات ظروف متباينة مع زمن ما بعدها، هنا تسهل اللعب السياسية، ويأتي إلى ساحاتها لاعبون يجيدون بخبراتهم السياسية اقتناص، وانتهاز الفرص، ويذهبون بالملعب السياسي إلى جمهورهم ولاعبيهم؛ ليؤمنوا الأهداف في مرمى الخصوم ، مع صيحات وهتافات مناصريهم، وصفارات الحكم لحظات دخول الكرة المرمى .. ذلك ما تعرض له الملعب السياسي لرئاسة هادي، فبعد أن استقر به المطاف في مدينة عدن بعد التحرير، وكانت له اجراءات رئاسية، وعلاقات مع قوى التحرير -وهي جنوبية خالصة- ظهرت في المشهد السياسي عوامل متانة وقوة الرئيس هادي كشخصية فيها تجسدت الشرعية وفقا للرؤية الإقليمية والدولية؛ وعلى الرغم من ذلك، - ونتيجة لضعف عناصر إدارته والمحيطين به، وعدم قدرتهم على الخلاص من تبعات التفكير القديم ، لما قبل قدوم الرئبس هادي إلى عدن، بعد حصاره في صنعاء،-انتهز الفرصة مجيدوا فنون الدسائس، وترتيبات الوقيعة والخداع ، فاوقعوا بين الرئيس ونائبه حينها بحاح ، واججوا تباينات الرئيس مع الامارات.. هادفون مما أرادوا صنيعته الحد من مكانة قوى التحرير الممثلة للجنوب ،،
وفي هذا السياق كانت البداية للانقلاب في الشرعية وعلى الشرعية ذاتها، مثلما اعتقد، بعد ان عطلت الهجمات على فندق القصر مقر إقامة حكومة بحاج ، وعلى مواقع الهلال الإماراتي، مع خروج غير المعنيين بتلك الهجمات عن موقعها وكأنهم على دراية بها- والله له العلم- .. قد يبدو للبعض لا علاقة لهذه الوقائع بموضوعنا المدروس، مع ذلك لنتأمل ما اعقب ذلك من احداث عدن لم تعد مكان لتواجد الرئيس، وبات على مقربة جدا من اللاعبين الأساسيين في فريق الشرعية، واختطفت وبشكل مطلق مهمات إدارة المكتب الرئاسي، فلم يعد لراس المكتب المتسم بالضعف اي دور يلمس، فأصبح مكتب الرئاسة في نطاق تحكم رؤوس لايتمتعون بالولاء للرئيس ولاء مخلص مع توجهاته تجاه حلفاء التحالف من قوى تحرير عدن، الذين دفعوا التضحيات أرواح ودماء شهداء وجرحى حينما ولوا اولائك الادبار .
ان تغيب دور الرئيس خصوصا تجاه أطراف التحالف بما فيها الجنوبية ،جاء ضمن لعبة احكام السيطرة على الشرعية، فكان الانقلاب على حكومة بحاح وليس بحاح وحده ،ومع أنه و وزرائه وحدهم و الرئيس يمثلون الشرعية، ان اعتمدنا في ذلك مخرجات الاتفاق الخليجي وماترتب في اعقابه من اجراءات ..
ذهبت الشرعية ومن جسمها ظل فخامة الرئيس هادي كشرعي دونا عن غيره ،وطبعا وفقا لمفهوم الشرعية للحاكم لدى المجتمع الدولي ورضى الحلفاء من المجتمع الإقليمي، ولسنا هنا لمناقشة مفهوم الشرعية استنادا لعلم السياسة وقواعد المجتمع الدولي نفسه؛ وان نجد أنفسنا مدفوعين في حيز اخر للحديث عنها..
وارتباطا بالاطاحة لحكومة بحاح، وسير العملية السياسية، وفقا لما يدبر ، تم أبعاد شركاء العملية السياسية، غابت أطراف سياسية عن إدارتها، وهي جزء اساسي من حلفاء الرئيس، وتم تجاوز الاتفاقية الخليجية في التعينات، كما ظهر لنا حيث استحوذ حزب بعينه على القرار وتوجهات الرئاسة،، وفي هذا الإطار منذ الاختطاف للرئاسة، ابعد ممثلي الجنوب ممثلي قوى التحرير عن التمثيل في شرعية هادي مجلس الوزراء والسلطة المحلية وبطريقة عدائية مستفزة ،ولم يتبق للجنوبيين من يمثلهم في الشرعية مع انهم جزء فاعل مقاتل في التحالف، بل انهم القوة الجنوبية الرئيسية، لانتماؤهم للجنوب انتماء ليس جغرافي او تاريخي فحسب، وإنما ماهو اعلى واكبر من ذلك فهم رجالا من هذا الزمن هم الجنوب والجنوب هم ..
لايشك احدا بفاعلية جنوبي الشرعية في قوام الشرعية ،الذين لايختلفون في المكانة والانتماء للجنوب عن اقرانهم من الجنوبيين في القوى والمكونات السياسية الجنوبية إلا بعدم الانتماء إلى رؤية غالبية أهل الجنوب بشأن مستقبل الجنوب وبناء دولته ،كونهم وآخرين تتباين رؤيتهم ، وهي على اختلاف مع رؤية جل اهل الجنوب، غالبية اهل الجنوب المطلقة .. ويتجلى هنا الوعي والإدراك ؛ بان التمثيل للجنوب، والانتماء اليه، ليس بالجغرافيا او التاريخ، التمثيل باعتناق النهج الحقيقي، والمتين، والضامن لاعادة بناء الدولة الجنوبية في المقام الأول، والمهمة ذات الأولوية عن ماعداها، إلا ماكان من مهام تخطو نحو ذلك النهج لاسواه الكفيل بالبناء السليم لأي مشاريع أخرى مستقبلا .
واضح مما أسلفنا قوى التحرير الجنوبية ،اهل المناطق المحررة ،وجدوا انفسهم غير ممثلين في الشرعية، حتى وفقا لنتائج مؤتمر الحوار، ولم يتواجد لدي هيئات الشرعية إلا من هم في تنظيمات المركز صنعا، وان جاؤوا بنفر يدعى بهم تمثيل الجنوب، وهم جنوبيون لاشك ،لكنهم في فلك أحزاب المركز ،واليمن الاتحادي باقاليمه التي فاقمت حدة صراعات قوى الجمهورية اليمنية واوصلت إلى تشرذم وانتصارات ملكية..
عندما لم يجد الجنوبيين تمثيلهم في الشرعية، في زمن التحالف وبعد فعالية مشاركتهم في التحرير وعنفوان اسهاماتهم الحربية حتى اللحظة في مقاومة العدو المشترك القاسم المشترك في العداء لكافة أطراف التحالف، ماكان أمامهم، إلا أن يظهروا تمرد ماردهم العملاق الذي حرصوا على اخفائه مراعاة لاهداف التحالف واستمرارية قوته وانتصاره ، فجاءت ولادة المجلس الانتقالي الجن وبي- كيان جنوبي خالص واسع لا يمثل تنظيم اومنظمة بعينها اوجماعة حراكية تحتكر التمثيل للجنوب، فهو ليس بحزب او تحالف حزبي، وليس بالحامل السياسي الذي كان ينادى به أثناء تواجد ممثلي الحراك الجنوبي وقوى التحرير الجنوبي في شرعية حكومة هادي ،انه ليس بمكون سياسي من مكونات اللعبة السياسية المفرخة بين حين وآخر..
ان المجلس الانتقالي هيئة سلطة جنوبية جاءت على طريق الاعداد والتحضير لبناء مؤسسات الدولة الجنوبية، وهو الأداة الرئيسة الأكثر اتساعا والأقوى شعبيا، وذات المواصفات الكفيلة باستعادة الدولة الجنوبية، لانه امتداد للحراك الجنوبي، المنطلق منذ العام٢٠٠٧م .. مستفيدا من خبراته والتقاليد التي تكونت في سنين نضاله الحراكي السلمي ؛ انه اي المجلس الانتقالي الجنوبي وعاء نضالي لكافة قوى معارك التحرير ضد الاحتلال، وفي قوامه جل رموز ها ينطوون في هيئاته التي امتدت إلى كل رقعة جغرافية في الجنوب من عدن إلى المهرة من باب المندب لنشطون.
والأهم امتلاك المجلس الانتقالي لقاعدة عريضة من فئات المجتمع من المهرة إلى باب المندب، ولديه بنيان هيكلي متكامل في كافة محافظات ومديريات الجنوب، مما يجعله جديرا بلواء تمثيل الجنوب حتى استعادة دولته ..
ان ما يهم الشعب في الجنوب وفي الشمال الخروج من ويلات الحرب وايقافها، ولايتحقق الفعل الحاسم إلا من قوى تمتلك خصائص القدرةوالشرعية على الأرض؛. والانتقالي بات احدى تلك القوى، شرعيته في تمثيل قوى الجنوب ومكوناته الحراكية الحقيقية وشعب الجنوب بكل فئاته امرا لا يتطلب النقاش او التشكيك، خصوصا وانه قد كان الطرف المقابل في إبرام اتفاق الرياض، والكيان الجنوبي المسكون بمطالب الجنوبيين بسقفها الاعلى استعادة الدولة.. ناهيك عن المكانة التي اكتسبها في الوضع الدولي والإقليمي والدعم الذي يحظى به من دول رئيسة، وهو دونا عن غيره مدعوم من دول التحالف، وحليف وشريك موثوق به، والقوات العكسرية التي تتبعه .. لذلك ليس المهم في ظروف البلد الراهنة ان يكون الجميع من بقية ما تكون من مكونات حديثة او قديمة في قوام هياكل الانتقالي الواسعة ،وإنما المهم والأهم مع متانة الانتقالي وقوة تنظيمه والتزامه بالقضية الجنوبية ومطالب أهل الجنوب ومايحظى به من دعم ان يلتف الجميع حوله ويجعلوا اولويتهم ماسيتحقق للجميع، وان بخطوات وفقا لقواعد السياسة كفن الممكن، اما العداء له ومطالبته باشكال مختلفة مرئية وغير مرئية، لايخدم إلا الصراع الدائر مع شرعية حكومة هادي..
ليس بالضرورة ان نكون جميعا مع الانتقالي، لانه لاشك كيان جزء من هذا المجتمع ومن العقل السياسي الجمعي، بالتالي ليس منزه من الثغرات، لذا لا يجب أن يعادى بمجرد الاختلاف معه في الرأي، اومع أحد من قياداته، او خسارة مصلحة شخصية، لانه وإدراك لما تحقق من قبل الانتقالي للجنوب، يجب فهمه كقضية ومستقبل، يراد رسمه لكل ابناء الجنوب، خلاف ذلك الاصطفاف في الصراع ضد الانتقالي ومع الطرف الآخر الذي يصارع الانتقالي كفكرة كمشروع ويمقته كهيئة جنوبية التكوين والرؤية والرسالة ويكيل له في إطار الصراع مالايحصى من التهم ،بدء بالعمالة والارتزاق وانتهاء بالقروية وضيق التمثيل.. وحقيقته يدركونها جيدا هو خلاف ذلك، بات عملاق تجاوز ثغرات تنظيمات القرية وأحزاب المصلحة، ومحدودة القوام، لانه كيان دولة يمتد من المهرة إلى باب المندب.لذا يتفنون في أشكال الصراع معه ويوما عن اخر يأتون بالجديد منها.
اخيرا نراهم يتحدثون بخبث عن انها حرب جنوبية جنوبية، ليس لاي شرعي شمالي دخل فيها ،ويكتبون فيما يشبه الدراسات العلمية ،ان صراع الرئيس وجماعته وحدهم مع الانتقالي ،وايضا لاناقة لهم ولاجمل كشماليين ، صراع تصفية حسابات الرئيس مع خصومه القدماء، الحديثين، بالعودة الى مأساة يناير ٨٦م ..
لا أدري هل يوظفون الذكاء لديهم في استغباء الاخرين؟ ام يكتبون ذلك بقصد اثارة قضايا لم تعد ذات شان في الوقت الراهن فالجيل الاكثر فعالية في ساحات الجنوب جيل لم يشهد أحداث يناير، وتربى في عهد وحدة الجمهوريتين ، مع ذلك يرى فيها وبال على المجتمع بشماله وجنوبه، حيث النصيب الاوفر من المعاناة والعبث وسياسات التجهيل وخلافها قد وقع عليهم وعاشوا المواطنة الناقصة، وشضف العيش بفقدان موارده لاساطين التنفذ وجماعات المصالح الحاكمة، وحينما يخوض هؤلاء الصراع ، يصفون سبب المناهضة والمقاومة، بالقول عن دافع ذلك خلاف جنوبي جنوبي ،ورب الكعبة، انها المهزلة بعينها والإصرار للمضي قدما على انتفاء حلول الخروج من بوتقة ودائرة صراعات السياسة التي استثمرها عتاولتها وأمراء الحرب راهنا .. حينما اقرينا في مطلع هذه الورقة بالتنوع والتعدد في فهم اسباب صراع الانتقالي وحكومة شرعية هادي، ومن ان اليقين قد لايحالفنا بشكل مطلق فيما ندوته ،وجدنا وبصدق ومن قراءات عدة من هنا وهناك طيف بعينه ديدنه التظليل، في تحديد اسباب الصراع، ويسوق كلمات لاتنم عن حاجة إلى سلام، وإعادة بناء التي ما أحوجنا اليها إعادة بناء الدولة المفقودة والتائهة جهودها لإخراج مداميكها العصرية ..
في هذا السياق سوف لن ابتعد عن الحقيقة بالمطلق ان أشرت بصريح القول إلى أن أحد مسببات كارثة الجنوب منذ أمد ليس بالقصير، هي أن قادته والحكومات التي تعاقبت على حكمه أضاعت البوصلة حينما لم تجعل من بناء الدولةاولويتها وفقا لمواصفات الجديد المعاصر، واتخاذها من تحقيق الوحدة اليمنية اولوية على بناء الدولة، وكان العامل الرئيس، الذي أوجد المشكلات الراهنة، مع جملة عوامل أخرى ليس الوحيد بينها وحدة أداة الثورة واولوية تحقيق الوحدة اليمنية على بناء الدولة.. غيبت كل رؤى تقوية وتعزيز بناء الدولة النموذج لكل المنطقة، والدولة شمال اليمن، وكان البديل اللحاق بركاب دولة بنى الاجتماع لديها، والتركيب المجتمعي حاجته ماسة لتحديث أفضل؛ ولهذا من الأيام الأولى لما تحقق من اندماج عشوائي غير مدروس، كانت الولادة تلو الولادة للمشكلات والمصاعب، فانفرط عرى التوحد بما فيها الشعبي منها..
لكي نبرز اسباب الصراع، واظهار حقائقه ؛ لامناص من الاستناد الى منطق العقل وعلميته، والابتعاد عن لؤم الساسة، وذاتية تاويلاتهم المرتبطة بالمصالح الحزبية، وجماعات المصالح الذين يوجهوا اسباب الصراع الحالي ويصيغوا الاكاذيب فيتحدثون
متعمدين تجاهل ان الأسباب ليست تلك، وان أطراف الصراع القديم قد تشظت حد هنا وحد هناك، والرئيس عبدربه منصور ومن حوله ليسوا قوى الصراع القديم ورؤسه المحركة.. وحاليا بعد تصرم سنوات على تلك الأحداث ،وغياب شخوصها الفاعلة ، نجد من جماعات المصالح، ومن هيئة اركان ادارة الرئيس عبدربه من الطرف الآخر في الصراع القديم نفر ممن جمعتهم مواقف جديدة -مصالح وثروة- وليس بن دغر سوى مثال لهؤلاء وغيره كثيرين مما يؤكد أن الصراع ليس جنوبي زمرة وطغمة كما تخرجه بين حين واخر بعض الدراسات والمواقع المعادية للجنوب وقضيته، ولربما ليس صراع جنوبي شمالي بكل قوى الشمال. انه صراع خيارات صراع امتداد للصراعات القديمة منذ نشأة الحركة الوطنية على شكل الدولة ونهجها، صراع على استعادة حياة لدولة ومجتمعها، بعد الضم والالحاق وتهميش المكانة، وتغييب الانسان مشاركة وقدرات علم وعمل ،وليس صراع أهل الجنوب وحدهم لتسوية ثارات قديمة كما يعتقد أهل التفكير الثاروي ..
في كل صراعات الجنوب قديما للاسف لم يكن أهل الجنوب وحدهم أطرافها، لربما كانوا أدواتها بما في ذلك احداث يناير التي لم تكن جنوبية صرفة ،فتحت تأثير وحدة أداة الثورة اليمنية والحزب الواحد لجمهوريتين، احتكم الجنوب إلى قيادات ليست جنوبية، وشاركت في صناعة سياساته، وتوجهات حكومته، بل والاشتراك الفعلي في مأساة يناير تحضيرا لها وتوسيعا لأسباب خلافاتها ،علاوة على الاشتراك العسكري المباشر.. وياتيك اليوم من يتحدث عن اهوالها كجنوبية ، وتغيب الأسباب الحقيقية لها
والتي هي ليست صناعة جنوبية بحتة..
وهكذا واقع الحال عن معركة شقرة والصراع بين الانتقالي وحكومة شرعية هادي ، الأسباب الكامنة وراء ذلك لاتبتعد في طبيعتها الرئيسة عن ما تصرمت الإشارة اليه فيما اسلفنا.
وعليه ودون اختلاف اثنين، فإنها أولا ليست معركة جنوبية جنوبية بالمطلق، وان كانت في ارض جنوبية، وبادوات جنوبية ،في صورتها العامة، إلا أن الدوافع إليها وبواعث توتير الوضع لا تنحصر في مصدرها على جنوبي الشرعية؛ والفاعل والمدير لها الشرعية بكامل أطرافها، مع تنفذ الطرف المسيطر وصانع هكذا حالات من التوتر، في سبيل تنفيذ أجندته القديمة الحديثة تجاه الجنوب.. ان التسطيح في تفسير معركة شقرة استمرار لسياسات قديمة تظهر الجنوبيين وحدهم الأكثر تناقض وعدم اتفاق، مع ان التنوع والتعدد من سنن الحياة في الطبيعة ولدى البشر، إلا أن اسباب وبواعث توترات شفرة مآربها وأهدافها ليست الدافع للانقسام الجنوبي الجنوبي، فهي اكبر من ذلك وجنوبيي الشرعية، وان ارتبطت مصالحهم الانية بالقوى الحقيقة التي هي وحدها صاحبة المصلحة في أغراض معركة شفرة ، فإنهم ليسوا من يحارب الانتقالي وفقا للتوصيفات غير الصحيحة لأسباب الصراع. والتي كخاتمة موجزة لما اسلفناه وكنتائج نعتمد صحتها سنوجزها في الآتي:
__صراع الانتقالي واضح من ادبياته ومواقفه وسياساته منذ تكونه، وماقبل ذلك في أعقاب التحرير، وتواجده يالتمثيل في هيئات سلطات المناطق المحررة كطرف فاعل بالتحالف بقوته العسكرية التي خاضت وشعب الجنوب إلى جوار دعم التحالف معارك التحرير في غياب الهيئات الحكوميةالشرعية، والمتنفذين في التوجهات الرئاسية، الذين غيبوا بوعي منهم تمثيل قوى التحرير الجنوبي في هيئات حكم المناطق المحررة ،في زمن متطلبات التحالف القايمة على إيقاف المد الحوثي.. ومع ان المشاركة لقيادات القوى الجنوبية ،قد كانت تقديرا لأهمية متانة علاقات أطراف التحالف ، التي عمدوا على النيل منها ، بعد ان اطاحوا بشرعية الحكومة، ولم يبقوا من قوام الشرعية أحد، وتبقى الشرعية للرئيس هادي لاسواه ..
__لم يخوضوا الصراع ضد الانتقالي وحده وإنما مع محيطه وداعميه ، كل ذلك كراهية لقوة الجنوب، وتفولذ قواه ، وخوفا من قدرات الانتقالي ،وزيادة الالتفاف الشعبي حوله، ونفوذه الإقليمي والدولي ، في ترابط مع عدالة رسالته النضالية ،خوفا من فقدان نفوذهم على الجنوب ،ومصالحهم في ثروته ،تجدهم يستميتون في تأجيج الصراع معه ،ومحاولة النيل من المكتسبات السياسية التي حققها ،بالحملات الاعلامية ذات الطبيعة غير الاخلاقية، وتصنيفه كعميل ،واداة اماراتية ، بعدفشل نفوذهم في الاستحواذ على العاصمة عدن..
__ومن اسباب صراع الانتقالي وحكومة شرعية هادي: فساد هيئاتها منذ لحظات تواجدها في المناطق المحررة، فلم يكتفون بفساد الخارج ،وإنما هنا في المناطق المحررة، عوضا عن تحسين الخدمات للمواطن، أدخلوا مدرسة واساليب جديدة في نهب المال، وقدموا زمنا لايضاهيه اخر، من ازمان الفساد للاخرين ، وكما قال محافظ عدن السابق المفلحي عن رئيس وزراء سابق يسرقون الهواء من أفواه الناس.. .
حكومة ليست ذات شرعية؛ لذا اسميناها حكومة شرعية هادي ، لأنها ليست لها من الشرعية ؛ إلا ما فرضته ظروف الحرب، ورعاية البند السابع، وبالاصح شرعية المحاباة ،والاصحاب، والاهل، والمقربين، حكومة اخر همها المواطن ،ويحث الأجدر بينهم عن مايلطم في جيبه مع قلة من يتصف بالجدارة فهذه مفردة مرادفة للنزاهة..
__ومن الأسباب ايضا الانتقالي قد اوضح في أدبياته اتفاقا مع ما يحصل في العالم عدم شرعية حزب الاخوان المسلمين في النشاط داخل الجنوب: لذا سيخوض الصراع معهم طالما وهم الشرعية غير الشرعية لكن الحاكمون..
__لقد تعامل الانتقالي بسياسات النفس الطويل في صراعه خدمة للاستقرار ، واتفاق مع أهداف التحالف، وكان يتوقع كما أعتقد أنه بعد اتفاق الرياض ، ونزول الحكومة إلى عدن ستتم معالجة الموضوعات المرتبطة بحياة المواطن المعيشية، الخدمات والمرتبات، وخلا فها ؛ ولم يكن سوى التعامل بمماطلة، وممارسة نفس السياسات تجاه المناطق المحررة، في تعميق تردي الخدمات وسؤمتطلبات المعيشة ،وهذه للاسف سياسات مورست منذ أمد؛ لاذلال الجنوب،اعتقادا بامكانية خفض سقف مطالبه في استعادة دولته: وهنأ واحدة من اسباب الصراع لها امتداد من الماضي..
__الانتقالي لايخوض صراع ضد اي جنوبيي، بما في ذلك جنوبي الشرعية، لان لغة التصالح معهم ليست في غير المتناول ابدا ، وان كانت رغباتهم العلنية اليمن الاتحادي، ليس لانهم من غير أطراف الصراع القديم، الذي يتصور الخيال المريض لدى البعض بانه من اسباب صراع هادي والانتقالي، لا بل لانهم يدركون جيد ،كغيرهم من قوى الشمال الحية، ان اعادة بناء الدولة الجنوبية ،وتجاوز القفز إلى اولوية تحقيق الوحدة على بناء الدولة، كما كان من تجربة الجنوب الماضية ،من شأنه تحقيق الدولة، ومواصفاتها، لتكون الدولة العمق ،الدولة الحديث لكل اليمن والمنطقة بإذنه تعالى، وفي أعقاب ذلك يجد الناس والمجتمعات طرق آمنة لمستقبل شعوبهم والعيش الكريم ولكل حادث حديث كثيرين مثلنا في العالم العربي .وبقية العالم لم يتجاوزوا بناء الدولة في سبيل التوحد الفاشل..
__مختصر القول الصراع صراع مستقبل، صراع أدواته جنوبية، شباب اكتوى بزمن يريدون إعادته اليه،زمن انفرطت ادواته ،
وبعد أن ذهب الشباب في سبيل استعادةدولته، وإدارة شأنه العام، دون حيتان الفساد ومختطفي لقمة عيشه ،ومدمري أساليب عيشه، وطرائق الحياة الكريمة... الصراع مع قوى تحت غطى شرعية تريد إعادته إلى باب اليمن، والشرعية لم تعد شرعية ،انها شرعية انتقالية زمانها قد انطوى وانتهى ..
لذا حينما يصارع الانتقالي لتحقيق حقوق شعبه، وإعادة دولته ينطلق من امتلاكه لشرعية اوسع واحق من شرعية متهالكة، برجال شان عام ،هم أضعف حالا ممن عرفتهم البلاد في إدارة الشأن العام.
معايير اختيارهم بتعيينهم لم تعرفها البلاد من قبل فكيف لا يكون ذلك من اسباب الصراع. ..
ا.د عبدالله محسن طالب باسردة
رئيس قسم العلوم السياسية .كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.جامعة عدن
21/7/2020م