"الحوثي" تفشل في اختبار السلام

"الحوثي" تفشل في اختبار السلام

قبل سنتين
"الحوثي" تفشل في اختبار السلام

يوسف جمعة الحداد

بينما يواصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جهوده لوقف إطلاق النار، تمضي مليشيا الحوثي الإرهابية في ممارساتها الإجرامية.

 

إذ تستهدف الأبرياء من المدنيين من ناحية، وتزعزع أمن واستقرار الإقليم من ناحية أخرى.

 

لم يعد ثمة شك في أن هذه المليشيا تمثل أهم عوامل زعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي، فهي تقف وراء الأوضاع المنفلتة، التي تشهدها المناطق التي تسيطر عليها في اليمن، والتي تمثل بدورها فرصة لعودة التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة"، وتعزيز نفوذها في اليمن مجدداً، ليس هذا فحسب، بل هناك شواهد على أنها تتعاون مع هذه التنظيمات وتنسّق معها.

 

في الوقت ذاته، فإن مليشيا الحوثي تواصل انتهاكاتها للقانون الدولي، وذلك بمحاولة استهداف المدن السعودية والمنشآت المدنية من مطارات ومنشآت نفطية من خلال الاستخدام المكثف للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

 

وتكشف الإحصاءات والبيانات، التي أعلنها تحالف دعم الشرعية في اليمن قبل أيام، عن حجم الانتهاكات التي قامت بها هذه المليشيا خلال السنوات الماضية، وطبيعة التهديد الذي تشكله على استقرار المنطقة، فقد أطلقت 372 صاروخاً باليستياً و659 طائرة مفخخة تجاه المملكة العربية السعودية، و75 زورقاً مفخخاً و205 ألغام بحرية و96292 مقذوفاً، في دليل واضح على وجود دعم خارجي من إيران، بحسب العديد من تقارير الأمم المتحدة، التي توضح أن هذه الأسلحة، خاصة الصواريخ والطائرات المسيَّرة، تتشابه في خصائصها مع أنظمة الأسلحة المماثلة المصنّعة في إيران.

 

الخطر الآخر، الذي تشكله مليشيا الحوثي، يتمثل في تهديدها من حين إلى آخر لخطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية في البحر الأحمر ومضيق "باب المندب"، باستخدام الزوارق المفخخة وزرع الألغام، ومن ثمَّ تعمُّد الإضرار بالاقتصاد العالمي في انتهاك واضح للمواثيق والقوانين الدولية.

 

 

 

ووفقاً لأحدث تقارير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن البحر الأحمر يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد العالمي، حيث يُعد ممراً لنحو سبعمائة مليار دولار أمريكي من التجارة الدولية كل عام، ويضم ثاني أهم ممر في العالم وهو مضيق "باب المندب"، الذي تمر منه غالبية صادرات النفط الخليجي، بما يقارب 5 ملايين برميل يومياً، نفط خام ومنتجات بترولية مكررة، تجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

 

لذا فإن أي تهديد لحركة الملاحة في البحر الأحمر من شأنه أن يُحدث أضراراً كارثية بالتجارة الدولية وأمن الطاقة العالمي.

 

إضافة إلى ما سبق، فإن "الحوثي" فشلت في اختبار السلام، وأهدرت مختلف الفرص، التي أتيحت خلال السنوات الماضية، وتأكد للجميع أنها ليست سوى أداة في أيدي إيران، تحركها لتحقيق أجندتها في المنطقة، وتوظّفها ضمن أوراقها التفاوضية مع الولايات المتحدة في الاتفاق النووي، ولعل هذا يفسر مواقفها المتصلبة من مختلف مبادرات وقف إطلاق النار والتسوية السياسية، فحينما قامت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في فبراير الماضي برفع مليشيا الحوثي من قوائم الإرهاب، التي أُدرجت فيها أيام سلفه دونالد ترامب، لم تتخذ "الحوثي" في المقابل أي إجراءات تعزز الثقة والنوايا فيها، بل واصلت سلوكها العدائي.

 

وحينما تقدمت المملكة العربية السعودية في شهر مارس الماضي بمبادرتها الجريئة والشجاعة لإنهاء الحرب في اليمن والتوصل إلى حل سياسي للأزمة يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تحت مراقبة الأمم المتحدة، قابلتها "الحوثي" بالرفض، رغم أن المبادرة تستجيب لمطالب الحوثي، ما يدل بوضوح على أن هذه المليشيا تمثل العقبة الرئيسية أمام تحقيق السلام في اليمن، بل وتعمل على استمرار الأزمة كي تظل ورقة في يد إيران، حليفها وداعمها الرئيسي.

 

لقد تعاملت "الحوثي" باستهانة واستعلاء واضحَيْن مع الجهود التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن، مارتن غريفيث، للقبول باتفاق وقف إطلاق النار، وتمسكت بشروطها المسبقة لذلك، سواء تلك الخاصة بفتح مطار صنعاء للرحلات التجارية أو دخول شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة، كما تجاهلت الدعوات الدولية الصادرة من كثير من دول العالم في الآونة الأخيرة، والتي تطالبها بوقف الأعمال المزعزِعة للاستقرار فورًا، والانخراط بشكل بنّاء في العملية السياسية لإنهاء أزمة اليمن، لتؤكد بالفعل أنها غير معنية بالسلام ولا بمصلحة الشعب اليمني، الذي يواجه أوضاعاً صعبة على الصُّعُد كافة.

 

إن الخطر المتصاعد، الذي تشكله مليشيا الحوثي على الأمن والسلم الإقليمي والدولي لا يمكن الصمت عليه أو تجاهله، ليس فقط لأن الصمت يشجعها على التمادي في ممارساتها العدائية السابق الإشارة إليها، وإنما أيضاً لأنه ربما يبعث برسالة سلبية للمليشيات الأخرى المنتشرة في بعض دول المنطقة، ويجعلها تتبنَّى السلوك نفسه، الذي ينتهك القانون الدولي ولا يقيم وزناً للسيادة الوطنية للدول، والنتيجة هستكون تفاقم حالة الفوضى وعدم الاستقرار.

 

لقد آن الآوان ليتعامل المجتمع الدولي بمنظور مختلف مع مليشيا الحوثي، والتحرك لممارسة ضغوط حقيقية عليها، بل وتصنيفها على قائمة التنظيمات الإرهابية، ومعاقبتها حتى تنصاع لمبادرات الحل السياسي وتتوقف عن سلوكها العدائي، لأن استمرار الصمت على انتهاكاتها وممارساتها سيكون ذا تكلفة عالية على أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

 

نقلا عن العين الإخبارية

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر