من يتصيد في المياه السعودية الإماراتية؟

من يتصيد في المياه السعودية الإماراتية؟

قبل 3 سنوات

يتصيد البعض بقصد حينا، وبجهل أحيانا، أي فرصة لتفسير قرارات أو إجراءات عادية، ذات طابع فني، أو إداري، تفسيرا سياسيا، مبنيا على نظرية المؤامرة، وعلى النيات المبيتة، والأجندات المبرمجة، بعد أن يعجز ذلك البعض، عن إيجاد ثغرة يمكن النفاذ منها لتعكير صفو العلاقات بين السعودية والإمارات، وتعجزه الحيلة لتشويه مسيرة التعاون بينهما.

 

نسوق ذلك على خلفية ردود الفعل  الغريبة، على قرار المملكة العربية السعودية بمنع السفر من الإمارات ودول أخرى ضمن إجراءات احترازية هدفها محاصرة السلالات المتحورة من وباء كورونا، خاصة في وقت تستعد فيه المملكة لموسم الحج الذي يتطلب نوعا من التشديد لمنع تسرب الوباء إلى الأماكن المقدسة.

 

والواضح أن ردود الفعل تلك، أظهرت كما لو أن الإجراءات الاحترازية الأخيرة والتعديلات على البرتوكولات المعمول بها في المملكة لمحاصرة الوباء، هي إجراءات كيدية، قصدت بها دولة الإمارات، أو أنها تحمل أبعادا سياسية خفية خاصة بعلاقات البلدين، بينما تجاهلت ردود الفعل تلك، أن إجراءات مكافحة ومحاصرة الوباء ظلت، في كثير من دول العالم، عرضة للتغيير والتبديل باستمرار منذ بدء الجائحة قبل عامين، وهي مستمرة حتى الآن، حتى ضمن إطار الإقليم الواحد، بل وفي إطار الدولة الواحدة استنادا لما راكمته التجربة من خبرات، وما حققته من إضافات على صعيد تحسن المعرفة بطبيعة الوباء، وكيفية انتشاره وطرق انتقاله بين الدول والأشخاص، فضلا عن النتائج التي انتهت إليها وسائل محاربته، وطرق التصدي لتداعياته المختلفة.

 

والأمثلة على ذلك كثيرة، والشواهد العملية الدالة عليه عديدة. رأينا مثلا اختلافات بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث مستويات الإغلاق ومن حيث طبيعة الإجراءات الاحترازية، ووجدنا أيضا تعديلات متواصلة على تصنيف حالة الوباء في الدول التي اجتاحها الوباء من حين إلى آخر تبعا لتحسن مستويات الإفصاح والفحوصات، وتبعا للنجاحات التي حققتها بعض تجارب المكافحة، بما في ذلك معدلات الحصول على اللقاحات وتوفر العلاجات، وكانت مثل هذه الاختلافات موجودة في الولايات المتحدة وبعض الدول الكبيرة سكانا أو الممتدة والمعقدة حدودا، بل حتى في داخل المملكة العربية السعودية نفسها وضعت قيود على موسم الحج، بما في ذلك موسم الحج هذا العام بهدف حصر تأثير الوباء في أضيق نطاق ومنع تسربه بأي شكل، لمناسبة من المناسبات التي تشهد اكتظاظا سكانيا، وتداخلا مجتمعيا.

 

نذكر أيضا أن بعض المدن في بعض الدول العربية فرض عليها الإغلاق في مراحل من مراحل انتشار الوباء، مُددَ أطول من غيرها دون أن يعتبر ذلك إجراء تمييزيا ودون أن يثير حفيظة الحريصين على السلامة العامة،  والمهتمين بأولوية تمكين الأجهزة المختصة في توفير سبل الوقاية وفرص العلاج .

 

في إطار هذا الفهم لطبيعة قرار المملكة العربية السعودية تغيير تصنيف بعض الدول والمناطق، تبعا لخطورة تسلل الوباء منها، أو عبرها،  نجد فيما يروجه البعض من تفسيرات للقرار بأنه تسييس في غير محله، وتعبير عن قصور في الفهم، لطبيعة وواقع العلاقة الثنائية بين البلدين والظروف الإقليمية التي تحيط بهما.

 

فالعلاقة بين البلدين ليست هشة إلى الدرجة التي يمكن أن يؤثر فيها إجراء إداري أو قرار فني، تفرضه حالة طارئة، وظرف خاص. وحتى لو افترضنا جدلا أن هناك تباينات في وجهات نظر البلدين في بعض الرؤى السياسية والمصالح اليومية، فإن من غير المعقول اللجوء إلى طرق إدارية ووسائل  ملتوية إلى هذا الحد، للتعبير عن تلك الخلافات، وللإفصاح عنها والتشهير بها.

 

الذي تابع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات منذ ما يزيد عن خمسين عاما، يعرف أن هذه العلاقات كانت محكومة بثوابت أرسخ من تطورات الراهن المتغير والمتحول، ولذلك فإن هذه العلاقات، لم تصل  منذ قيامها، إلى أي درجة من درجات التوتر في أي مرحلة، وكان البلدان قادرين دائما، على احتواء أي تباين بينهما، وتجاوزه في منحى متصاعد باستمرار، يؤشر بأن الجامع بينهما أكبر بكثير من أن يفرقه إجراء هنا وقرار هناك.

*نفلا عن موقع إرم نيوز

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر