عندما ندعو ونكرر دعواتنا لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ومنذ فترة ما بعد تأسيسه مباشرة؛ ودعوناها حينها ومازلنا نحثها على ضرورة مواصلة خطواتها وإجراءاتها التي من شأنها تعزيز وحدة وتماسك الصف الوطني الجنوبي؛ والإسراع فيما كانت قد بدأت به منذ فترة ولو بوتيرة دون المستوى المطلوب ولأسباب قد لا تكون من مسؤوليتها وحدها؛ وعبر تفعيل وتأصيل إعلانها الدائم بأنها منفتحة على الجميع وتمد يدها لكل الجنوبيين الذين يلتقون مع المشروع الوطني الجنوبي الذي يتبناه المجلس الانتقالي بوضوح كامل.
إننا بهكذا دعوة لا نقصد التشكيك بسلامة خياره الوطني؛ أو بعجزه أو التقليل من دوره ومكانته الوطنية الحاضرة بقوة والمتزايدة على الدوام في الساحة الوطنية الجنوبية؛ بل لأننا نرى في ذلك مسؤولية نضالية كبرى تقف أمامه؛ وينبغي عليه إنجازها ووضعها أولوية سياسية ووطنية ملحة؛ ليتعاظم دوره بشراكة وطنية واسعة تكون تتويجاً لحوارات وطنية جادة وبناءة مع مختلف المكونات والقوى السياسية والمجتمعية الجنوبية.
وبدلاً من البحث عن القواسم المشتركة والسبل والطرق المناسبة للتقارب مع الانتقالي وإيجاد صيغة وطنية توافقية معه عبر حوارات مسؤولة؛ ذهب البعض عوضاً عن ذلك ومع الأسف الشديد؛ بخطابهم السياسي على التحريض ضد الانتقالي والتقليل من دوره ومكانته التي بات يحتلها في واقع الحياة العامة لشعبنا في الجنوب؛ على الرغم مما شاب تجربته من قصور وبعض الأخطاء التي كان يمكن له تجنبها؛ ورغم كل التحديات والمصاعب وحجم العراقيل وكل أشكال التآمر عليه؛ ومحاولات تقزيمه وطنياً وإضعافه من قبل قوى وأطراف معادية للمشروع الوطني الجنوبي وهي معروفة للجميع؛ أملاً منها بإزاحته من الساحة الوطنية الجنوبية لتتمكن من فرض مشاريعها السياسية التي تحول دون استعادة الجنوب لدولته وسيادته على أرضه؛ والتي ترى في الانتقالي ومعه قوى جنوبية أخرى عقبة كبرى تقف حائلاً دون تحقيق أهدافها الشيطانية الخبيثة تلك !.
وبالنظر لتشكيل لجنة للحوار الجنوبي في الخارج من جانب الانتقالي مؤخراً؛ وهي خطوة مرحب بها لما لها من أهمية كبيرة لجهة البحث عن الصيغة المناسبة لتوحيد موقف ورؤية كل من هم في الخارج من قوى وقيادات سياسية واجتماعية وتجمعات المغتربين ونشطاء مجتمع مدني وما إلى ذلك.
غير أن الأمر الأكثر أهمية من وجهة نظرنا يكمن في إيجاد آلية واحدة للحوار الجنوبي؛ أكان ذلك على صعيد الداخل أو الخارج؛ وعدم تجزئة الأسس والقواعد والمبادئ التي سيرتكز عليها الحوار وبما يضمن منطلقات ومعايير موحدة لهذا الحوار المنتظر؛ وبما يجعل من التوافق هدفا وطنياً تسقط دونه كل الحسابات الخاصة؛ ومعه ينبغي أن تغيب من على طاولة الحوار كل الاعذار والمبررات غير المقنعة والفاقدة للحجة الوطنية؛ ومدخلاً طبيعياً للوصول إلى نتائج إيجابية مثمرة؛ يرتضيها الجميع ويتمسك بها ويدافع عنها الكل بعد الوصول للصيغة الوطنية المناسبة؛ وعلى أسس وقواعد تضمن للجنوب استعادة دولته وسيادته على أرضه؛ ووفقاً لرؤية سياسية متكاملة؛ تأخذ بعين الاعتبار كل الظروف الداخلية والخارجية المحيطة بهذا الهدف على تعقيداتها وتشابكها؛ وما يتطلبه ذلك من وضع دقيق ومتوازن للأولويات؛ وتحديد وترتيب الخطوات والإجراءات التي تؤمن الوصول المناسب والسلس لتحقيق هذا الهدف وبأقصر وقت ممكن وبأقل التكاليف التي لا مفر من دفعها عند كل خطوة إلى الأمام .
وأخيراً وما أود التأكيد عليه هنا بأن طريق الحوار لن يكون سهلاً بالنظر للكثير من العوامل التي ستواجه جلسات الحوارات والنقاشات المتعددة؛ وستكون أكثر سخونة في بعض القضايا وحول الكثير من التفاصيل؛ وهو ما يتطلب من الجميع إتقان أسس الإدارة للتباينات والاختلافات والخلافات؛ وعلى قاعدة الحرص المشترك والمسؤولية المشتركة وتغليب لغة العقل والمنطق وحضور الحكمة حيث ينبغي لها أن تكون حاضرة وفي كل قرار يتفق عليه.