إذا صدقت النوايا وتوفرت الإرادة الوطنية أولاً والسياسية ثانياً؛ وترسخت القناعة بأهمية وخطورة اللحظة التاريخية الراهنة التي يمر بها الجنوب وتداعياتها الكارثية على مستقبله؛ فإن الضرورة تقتضي من الجميع الحرص على المشاركة وإنجاح الحوار الوطني الذي دعا له المجلس الإنتقالي الجنوبي؛ وتجاوز أي ملاحظات بشأن الدعوة وصاحبها؛ لأن جوهرها وطني وغايتها نبيلة؛ وتحويل الحوار إلى منصة تاريخية للإنطلاق نحو المستقبل؛ والخروج برؤية مشتركة وعلى قاعدة التوافق الوطني والتنازلات المتبادلة؛ كمدخل لابد منه لبناء الثقة المتبادلة التي نحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى؛ لأن من يذهب للحوار وهو غير مستعد لتقديم أية تنازلات؛ يكون بذلك قد فقد مصداقيته وجديته في إثراء الحوار وإختزال الأمور عند موقفه ورؤيته؛ وبغض النظر عن مجانبتها للصواب أو عدم قبول غيره بها؛ وهو الأمر الذي لا يليق بكل من يرفع راية النضال من أجل الجنوب وحريته وسيادته على أرضه؛ ضماناً لمستقبل مزدهر وآمن لشعبنا وأجياله القادمة .
لقد أضعنا الكثير من الوقت وأهدرنا أيضاً من الفرص التي أتيحت لنا الكثير خلال السنوات الماضية؛ بحثاً عن صيغة للملمة الصفوف والأوراق المبعثرة وتوحيد الرؤى والموقف؛ لأننا تعاملنا مع الوقت بإستهتار ونظرنا لمجريات الأحداث والتطورات من حولنا بخفة وسطحية؛ وفقدنا بوصلة الإتجاه التي لن نجدها إلا عبر حوار وطني جنوبي شامل يتسم بالصدق والمسؤولية !.
فهل نستمر على هذا الطريق المدمر وكما يريده لنا أعداء الجنوب وقضيته ؟!
أم ننهض بوعي وشعور عميق بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الجميع دون إستثناء؛ وننتصر بها للمستقبل عبر رؤية ناضجة؛ سياسياً ووطنياً وتاريخياً؛ لن ينتجها غير الحوار والحوار الجاد وحده؛ وبغير ذلك فالندم بإنتظار الجميع في محطات التاريخ القادمة !.