نبدأ بسؤال موجع ، مؤلم، و محير ، ماذا يريدون منا جميعهم- حكومة وتحالف و مكونات سياسية _ ؟! هل استهوتهم المناصب ، الثروة ، النفوذ ، وو ..ا ؟ جوابنا لهم خذوا كل ما طابت له أنفسكم ، واستساغته أهواؤكم ، لكن لا تقتلو أ ضمائرنا ولاتخنقوا قيمنا التي بذل أجدادنا وأباؤنا لغرسها في نفوسنا سنوات طويلة حتى جعلوها سلوكا نسوس به ذواتنا وأبناءنا ومجتمعاتنا . تأملوا في حالنا اليوم، وقد بدأ هذا الصرح الأخلاقي تظهر عليه علامات التصدع إن لم نقل قد سقطت منه بعض جدرانه بفعل ممارسات الزوايا الحادة لهذا المثلث البرمودي (الحكومة ، التحالف ،المكونات السياسية ) حين أغرقوا البلاد والعباد في مستنقعات الذل والحاجة والفقر والفاقة وارتفاع الأسعار وجشع التجار وانهيار العملة وقلة دخل الفرد . أما آن لكم أن تبقوا لنا هذه الخصلة الحميدة الفريدة التي تنير قلوبنا، وتريح أعصابنا ، فتربطنا بالله تعالى ، فخفوا الحمل على كاهل المواطن المسكين حتى لا يضطر لفقد أغلى ما يملكه بسبب قطعة خبر أو شربة ماء .
إن ما نراه اليوم و نسمعه كنا نقرأه في قصص نجيب محفوظ التي نقضي بها وقتا من الفراغ أبان عنفوان الشباب ، وهوس القراءة ، وعلى يقين منا أن هذا ضرب من الخيال ، وإبداع من القاص الفنان ؛ ليبحر بخيالنا بعيدا عن الواقع المعيش . وتمرق عجلة الزمن فنرى كل حرف قرأناه صاغ مشهدا ، أو صور حالة أصبح واقعا نحسه و ندركه ، كيف لي أن أتصور ذلك الشحاذ في مخيلة القاص وهو يأكل من برميل القمامة ؛ ليسد جوعه ، ويحافظ على تردد أنفاسه بين أضلعه ، أو أن أتصور حالة المجتمع الرديئة في قصص الحرافيش مثلا حين قال العجوز الأعمى صارخا ( تدفن القلوب في ظلمة الإثم) عندما جال بأصابعه فلامست جسما طريا في لفافة .
إن بلدا كاليمن تقيم الحجة في وجوه الجميع بما تتمتع به من ثروات سواء مغمورة تحت الأرض ، أوظاهرة على أديمها ، وبمختلف أنواعها، ومنافذ بحرية عالمية بطول أكثر من ألف ومائتي كيلومتر ، ومساحات زراعية ، ومياه ، وحضارة ، وتاريخ ، وتراث يجري وراءنا ، ونحن هاربون منه . فلا يستساغ لمخبول قبل العاقل أن يرى حالة المواطنين بهذا الحرمان من أبسط متطلبات حياتهم ، ولاينعمون بقوت يومهم ، فحالنا نتمثل فيه قول الشاعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ * والماء فوق ظهورها محمول .
عد بفكرك إلى من حولك من دول الجوار ، سترى أنك أثرى منها بكل مقاييس المفاضلة والمقارنة ، وقد تقدمت نحو الأحسن في غضون عقود من الزمن معدودة ، ولنكرر السؤال ما سبب هذا الحال، وهذه الزوايا الحادة في حياتنا ؟ حتما سيقودنا الجواب إلى هذا المثلث البرمودي .
فهل ستسعفنا نظريات فيتاغورس مثلا ، أو تنقدنا نظريات حساب المثلثات لفك طلاسم زوايا هذا المثلث بعد أن فشلت قوانين وتشريعات مجلس الأمن، والأمم المتحدة في ذلك؟ .
بقلم / الدكتور يزيد محمد بن شحنة