إن لم يتغلّب الموقف الوطني على السياسي فالبديل مناطقي وجهوي!

إن لم يتغلّب الموقف الوطني على السياسي فالبديل مناطقي وجهوي!

قبل سنتين

الوطنية الحقة عابرة لحدود القبيلة والمنطقة والجهة الجغرافية والعصبيات المحلية بكل أشكالها وصورها؛ ولمربعات شلل المصالح الضيقة على مختلف مسمياتها التي تفرزها طبيعة الظروف وتطور الحياة والأحداث المختلفة في المجتمع؛ ولا تلجأ وتحت أي ظرف لاستخدام عصبيات ما قبل قيام الدولة بصفتها تجسيدا لكيان وطني جامع واحد موحد .

 

فالوطنية بمفهومها ودلالاتها وبكل أبعادها؛ لا تسعى لتحقيق غايات خاصة تتعارض مع مبادئها ومضمونها؛ لأن هدفها أكبر وفي مصلحة الجميع والمتمثل بوجود وطن حر يبنيه الكل ويدافع عنه الجميع؛ ولذلك فإن تقدم الوطني على ما هو سياسي في سلوك ومواقف القوى السياسية هو الضمانة لانتصار الجنوب وقضيته .

 

وبغير ذلك فإن البديل سيكون كارثيا ومدمرا؛ وهنا تُفرز المواقف وتتجلى بوضوح القناعات الحقيقية وتلك التي تخفيها الشعارات المعلنة والخطاب السياسي المضلل الذي يتدثر برداء الوطن والوطنية كذبا ونفاقا بهدف الوصول لتحقيق مصالح ومكاسب خاصة وضيقة .

 

فعند هذه الحالة تتجسد عمليا العصبيات ومصالحها ومنافعها ومقاصدها الخاصة وعلى حساب كل ما يحمل الطابع الوطني العام وهي من تقف بالضرورة خلف مثل هكذا مواقف؛ وهي بدون شك مواقف فاضحة ومعيبة لأصحابها وضارة بالجنوب وقضيته بكل تأكيد؛ إن لم تتم المراجعة والتقييم وتصويب المواقف واستشعار الخطر المحدق بالجنوب ومشروعه الوطني .

 

ولذلك فإن المسؤولية كبيرة واستثنائية تقع اليوم على عاتق كل أولئك الذين يؤمنون حقا بقضية ووطن وينشدون مستقبل متحرر من كل رواسب الماضي ونوازعه المعيقة لحركة التقدم إلى الأمام؛ من خلال تقديم النموذج في السلوك والمواقف والقيام بدورهم في التصدي لكل أشكال العصبيات والمواقف المغلفة بالوطنية أو بغيرها من المواقف السياسية المعبرة عن أهداف أخرى كالحديث عن قدسية الوحدة أو التمسك بالمرجعيات الثلاث كتبرير لمواقفهم ودون أدنى مراعاة لما قد حصل على واقع الحياة خلال سبع سنوات كاملة؛ أكان ذلك في الجنوب أو في الشمال وما بينهما أيضا؛ وفضحها وتبصير وتنوير الناس بمقتضيات وضرورات المرحلة الوطنية القائمة وما يتطلبه ذلك من وحدة وتماسك كل من يهمهم الانتصار للمستقبل والمستقبل وحدة .

 

وهو ذلك المستقبل الذي يطمئن به شعبنا على حريته وكرامته وسيادته على أرضه؛ ويعيش فيه الجميع بأمن وآمان وتحت سقف الوطن الذي تتجسد فيه المواطنة الحقة وقيم التصالح والتسامح والوئام؛ وبعيدا عن وسائل العنف وميادين الصراع وتناسل حالات الثأر والانتقام الذي يراد للجنوب وأهله أن يعيشوا في حالة دائمة من عدم الاستقرار ومعه تغيب التنمية وفرص الازدهار المأمول .

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر