من أروع الأحداث التاريخية العظيمة التي برعت به القيم الروحية والأخلاقيات الإنسانية لأبناء شعبنا الجنوبي العربي، هو توافقهم في إعلانهم لمبادئ التصالح والتسامح فيما بينهم البين بعد أن عصفت بهم مؤامرات الصراعات التناحرية غير المبررة.
فألف تحية واحترام لمن صنعوا هذا الحدث التاريخي وكانوا وما زالوا على عهدهم وعلى قناعة راسخة بأن هذه القيم الحضارية هي السبيل الحقيقي والوسيلة المثلى لتجاوز عيوب الماضي وإدراك الأهداف السياسية التي بسببها استطاع الطامعين في محاولتهم ليمننة أرض الجنوب وضمه إلى إملاكهم القبلية الخاصة.
وبهذه المناسبة التاريخية التي يصادف يوم غدا الجمعة الذكرى 17 عاما لذلك المجد الجنوبي الذي توجه المناضلين الشرفاء والأوفياء والمخلصين لعدالة قضيتهم السياسية في 13 يناير من عام 2006م معبرين فيه عن أيمانهم وقناعتهم في أهمية وضرورة طي صفحة المواجع والألام التي كانوا ضحيتها ودفعوا ثمنها غاليا من الأرواح البريئة والدماء الزكية في ذلك اليوم المشؤوم 13 يناير من عام 1986م، لا يسعنا أيها الأحرار الجنوبيين إلا أن نهيب بكل أبناء شعبنا المنتمين إلى هوى وهوية أرضنا الجنوبية الممتدة من محافظة المهرة على خط الحدود الدولية مع سلطنة عمان شرقا إلى المياه الإقليمية لمضيق باب المندب غربا، نهيب بهم ونتمنى من الله العلي القدير أن يلهم كل أبناء شعبنا في الداخل والخارج إلى أن يتحلوا بقيم ومبادئ التسامح والتصالح الجنوبي, وأن يجسدوا تلك القيم النبيلة والأصلية فيما بينهم، وأن نحرص جميعا كل الحرص على تحصين أنفسنا بها، وأن نعمل على ترسيخها في مشاعر وصفات أبنائنا وأحفادنا النفسية والروحية، لكي يصونوا حياتهم السياسية والمجتمعية من مخاطر المؤامرات التي بكل تأكيد لن تتوقف مراكز قوى الهيمنة والاستبداد اليمنية, من استمرارها في التخطيط ومحاولات التنفيذ لبث سموم أحقادهم البغيضة والحقيرة في ترويج أساليب التضليل والتذكير بما تحقق لهم قبل 48عاما من نتائج مأساوية كانت بفعل الدسائس ونزوات الفتن والنميمة التي جبولوا عليها.
وبالرغم من أن جماهير شعبنا الجنوبي ما زالت تدفع ثمن تلك الكارثة حتى اليوم, إلا أننا على يقين بأن مناضلي شعبنا وأجياله في الحاضر والمستقبل قد استوعبت الدروس من عواقب المؤامرات اليمنية والدولية، ولديهم القدرة على فهم أبعادها وأهداف وأسباب ودوافع ما يخطط له الطامعين في نهب واستنزاف خيرات وثروات شعبنا الجنوبي الواقع تحت خط الفقر الدولي.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والشفاء من الله للجرحى والنصر المبين بمشيئه تعالى لعدالة قضية شعبنا وتوفيقه لقيادتنا السياسية في استكمال مهامها في استعادة دولتنا المستقلة.