نظّم فريق الحوار الوطني الجنوبي، صباح اليوم الثلاثاء 29 أبريل/ نيسان 2025م، في العاصمة الجنوبية عدن، ندوة سياسية تحت عنوان (تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية لمواجهة تحديات المرحلة الرّاهنة)، وذلك برعاية كريمة من الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
وشهدت الندوة، التي تتزامن مع الذكرى الثامنة لبيان عدن التاريخي في الرابع من مايو 2017م، والذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي، ونجاح يوميات اللقاء التشاوري الجنوبي الأول، الذي استضافته العاصمة عدن خلال الفترة من (4- 8مايو 2023م)، شهدت مُشاركة فاعلة من جميع المشاركين والمشاركات، من المكونات الجنوبية.
وانعقدت الندوة، التي أدراها الأستاذ قاسم داؤود علي، رئيس مركز عدن للرصد والدرسات والتدريب، انعقدت بحضور (60) مشاركاً ومشاركة، من كافة القوى والمكونات السياسيّة والحزبيّة والمجتمعية المدنية الجنوبية، الموقّعة على الميثاق الوطني الجنوبي، وذلك بهدف تعزيز وتعميق العمل المشترك، والاستفادة من خبرات النخب الفكرية والصحفية والإعلاميّة والأكاديمية، لبلورة رؤية وطنية جنوبية شاملة لمواجهة تحديّات المرحلة الرّاهنة.
* الانتقالي يمضي بثبات
وقدّم الدكتور صالح محسن الحاج، رئيس الهيئة المساعدة للعلاقات الخارجية وشؤون المغتربين بالمجلس الانتقالي الجنوبي كلمة إثرائية وتوجيهية ضافية، أكد خلالها على أهمية تعزيز الوعي الوطني الجنوبي بأهمية المرحلة المفصلية الرّاهنة التي يمر بها الجنوب.
وشدد الدكتور الحاج على أن الجنوب اليوم يمتلك قوة عسكرية على الأرض، ويُصعب تجاوزه، مشيرًا إلى أن الجنوب يمضي إلى الأمام بوتيرة عالية.
وجدد الدكتور الحاج، دعوته إلى أهمية تعزيز اللحمة الوطنية الجنوبية، ورص الصفوف، ومعالجة أي قصور عن طريق التشاور والحوار باعتباره الوسيلة الانجع للوصول بالجنوب وشعبه وقضيته العادلة إلى بر الأمان
وأكد على أن المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، يمضي بثبات نحو تحقيق أهداف شعب الجنوب رغم الصعوبات التي تواجهه.
* ثلاث أوراق سياسية ثرية
وقُدمت خلال الندوة، ثلاث أوراق سياسية أولها قدمها الأستاذ أحمد حرمل وتتحدث عن رؤية الهيئة القيادية للحزب الاشتراكي الجنوبي، وجاءت تحت عنوان (كيفية خلق منظومة عمل جنوبيّة سياسيّة وطنيّة متجانسة)، فيما قدم الورقة الثانية الأستاذ محمد عبد الله الموس، والتي تتحدث عن رؤية حزب رابطة الجنوب العربي الحر، وجاءت تحت عنوان (ترجمة مخرجات القاء التشاوري الجنوبي (4-8 مايو 2023م)، أما الورقة الثالثة، والأخيرة فقدمها الأستاذ مازن محمد صالح عمر، مدير مكتب رئيس الهبئة السياسية ووحدة شؤون المفاوضات، وتحدثت عن رؤية الهيئة السياسية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي حول خلق منظومة عمل سياسية وطنية متجانسة تشمل كل القوى والمكونات المؤمنة بقضية شعب الجنوب، وحقّه في استعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة.
* استمرار مسار التفاهمات والعمل التشاركي الذي أرساه الميثاق الوطني الجنوبي
بدوره، أكد عضو فريق الحوار الوطني الجنوبي، الأستاذ عبد الكريم أحمد سعيد، على انه "وفي إطار جهوده المتواصلة لتعزيز التماسك الوطني الجنوبي ومواجهة التحديات الراهنة، ينظم فريق الحوار الوطني الجنوبي هذا اليوم ندوة سياسية هامة بعنوان تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة تجمع ممثلي المكونات السياسية والمجتمعية المدنية الجنوبية الموقعة على الميثاق الوطني الجنوبي ونخبة من الأكاديميين والمثقفين والصحفيين والإعلاميين ومراكز الدراسات الاستراتيجية والتاريخية والإعلامية".
وأضاف: "بان هناك ثلاثة أوراق مقدمة في هذه الندوة، الورقة الأولى حول أهمية أشراك القوى والمكونات السياسية والحزبية والمجتمعية المدينة الموقعة على الميثاق الوطني الجنوبي في بلورة رؤية وطنية لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة، والورقة الثانية تتضمن ترجمة ما ورد في الميثاق الوطني الجنوبي ومخرجات اللقاء التشاوري الأول، والورقة الثالثة حول خلق منظومة عمل سياسية وطنية متجانسة، تشمل كل القوى والمكونات المؤمنة بقضية شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته الجنوبية الفدرالية".
وتابع عبد الكريم: "الندوة تهدف إلى مناقشة مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية، وتنسيق الجهود المشتركة لتعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية، وتكريس التفاهم والعمل المشترك بين مختلف القوى الفاعلة، بما يسهم في صياغة موقف موحد تجاه التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه الجنوب في هذه المرحلة الدقيقة".
وأختتم عبد الكريم، حديثه، على أهمية المشاركة الفاعلة لكافة المكونات الجنوبية في هذه الفعالية الوطنية، التي تأتي استمراراً لمسار التفاهمات والعمل التشاركي الذي أرساه الميثاق الوطني الجنوبي.
ونالت الأوراق استحساناً كبيراً، وتفاعلاً حيوياً من قبل جميع المشاركين والمشاركات، وحظيت بمداخلات ونقاشات مستفيضة، انبثق عنها جملة من المقترحات والتوصيات التي تصبّ في إثراء العمل السياسي في وطننا الجنوبي خلال الفترة القادمة.
كما شهدت الندوة مداخلات قيمة من كافة المشاركين والمشاركات من المكونات والقوى السياسية الجنوبية، أكدت في مجملها على أهمية تعزيز التعاون المشترك في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها الجنوب، وتعزيز اللحمة الوطنية الجنوبية.
* تقرير ختامي
وتمخض عن الندوة السياسية تقريرا ختاميا، صدر عن المشاركين والمشاركات في الندوة السياسية، حيث أكد التقرير الختامي على أن الندوة جرت في أجواء حواريّة تفاعليّة وثريّةٍ، ومن منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية الجنوبية الراسخة، وإدراكاً عميقاً لطبيعة التحدّيات والمخاطر العصيبة الرّاهنة، التي تداهم قضية شعب الجنوب، وتطلعاته الوطنية في استعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة القادمة، وللوقوف أمام هذه التحديات.
وأشار التقرير الختامي، إلى أن الندوة ستكون ترجمة حقيقية وواقعيّة لكل ما حملته أهداف هذه الندوة، والتي تمحورت في ثلاثة أهداف رئيسية أولها ضرورة اشراك القوى والمكونات السياسية والحزبية والمجتمعية المدنية الموقعة على الميثاق الوطني في بلورة رؤية وطنية لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة المحدقة بقضية شعب الجنوب، وثانيها أهميّة ترجمة ما ورد في الميثاق الوطني الجنوبي ومخرجات اللقاء التشاوري الجنوبي الأول، وآخرها أهميّة العمل على خلق منظومة عمل سياسية وطنية متجانسة تشمل كل القوى والمكونات المؤمنة بقضية شعب الجنوب، وحقّه في استعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة، على حدوده الدّولية ما قبل 21 مايو 1990م.
ونوه التقرير الختامي: "وبمثل ما كانت روح الحوار وثقافته الوطنية الأصيلة الرّاسخة هي الأساس في مجمل المداخلات والمناقشات من قبل المشاركين والمشاركات، تجلّت بقوة الرغبة في إثراء وتعدد زوايا الرؤى الوطنيّة التي شكلّت عمقاً آخر للأفكار وبلورتها فيما تقدّم من مقترحات وتوصيات، التي يأمل، الجميع، أن تكون خطوة جادة في الطريق الصحيح لإعادة الرّوح لأدبيات وموجهات وأحكام عامّة وردت في الميثاق الوطني الجنوبي، ومخرجات اللقاء التشاوري الأول بالعاصمة عدن خلال الفترة من (4-8 مايو 2023م)، ووثائقه الرئيسية المقرّة لتجد طريقها إلى التنفيذ في الفترة القريبة القادمة".
* مقترحات وتوصيّات مهمة
وشدّد المشاركون في الندوة السياسية، على أن قضية شعب الجنوب، قضية شعب ووطن ودولة وسيادة وهوية، وتنوّع حضاري وثقافي، وحصاد وطني لنضالات وتضحيات شعب الجنوب لأكثر من ثلاثين عاماً، من باب المندب والعاصمة عدن غرباً حتى المهرة وسقطرى شرقاً.
وأكد المشاركون، جميعاً، على أهمية أن يضطلع نوّاب مجلس القيادة الرئاسي، والوزراء الجنوبيين في الحكومة بدورهم والفاعل ومسؤوليتهم الوطنية في مواجهة فشل الشرعية اليمينة، والعمل على إيقاف حرب الخدمات الممنهجة، وتدمير الاقتصاد الوطني الجنوبي المستمر، وإخراج مؤسساته الحيوية عن الخدمة، والمضاربة في العملة، وانهيارها المتلاحق، داعيين دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقتين إلى ضرورة القيادم بدورهما الإنساني والأخوي في إيقاف هذه الأوضاع المأساوية والكارثية التي تجثم على كاهل شعب الجنوب.
كما أكد الجميع على أهمية وضع مصلحة شعب الجنوب فوق كل الاعتبارات، فهي صمام أمان قضيّة شعب الجنوب، وهي الحاضنة لكل قواها السياسية والحزبية والمجتمعية المدنية، مشددين على ضرورة الرجوع إلى شعب الجنوب في القضايا المصيرية، فهو صاحب القول الفصل في حسم خياراته وتقرير مصيره بإرادته الوطنيّة الحرّة.
كما أوصى المشاركون، هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوى السياسية والحزبيّة والمدنيّة الموقّعة على الميثاق الوطني الجنوبي، والمشاركة بفاعلية في اللقاء التشاوري الجنوبي الأول إلى ضرورة ترجمة مخرجاته، وتنفيذها على أرض الواقع وفق المتاح، ضمن برامجها وأنشطتها وفعالياتها الوطنية الخاصّة والعامّة.
واوصى المشاركون، قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى اطلاق مبادرة وطنية جنوبيّة ودعوة القوى والمكونات الموقّعة على الميثاق الوطني الجنوبي كافّة، للعمل معاً على صياغة ووضع رؤية استراتيجية لإنجاز وثيقتي الاتجاهات الرئيسية لإدارة المرحلة الرّاهنة، وأسس ومعايير بناء الدّولة الجنوبية الفيدرالية المستقلّة القادمة، مؤكدين على أهمية دعم الجهود الوطنية في عمليّة التواصل الدبلوماسي، مع الأمم المتحدة والمنظمات الدّولية الفاعلة لطرح قضية شعب الجنوب بشكل مستقل على طاولة المجتمع الدّولي ومؤسساته كافّة.
واوصوا بضرورة دمج وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنيّة، على أسس وطنيّة سليمة، واستيعاب ما تبقّى من أفراد المقاومة الجنوبية البطلة، والعسكريين الذين تمّ اقصاؤهم بعد حرب صيف 1994م، لا سيما القادرون منهم على العطاء والعمل وتقديم الخبرات المهنية والعملية والقتالية لخدمة قضية شعب الجنوب.
وأشاروا إلى ضرورة أن يمنح قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، فريق الحوار مساحة كبيرة للعمل الجاد والمثمر والمزمّن لاستكمال الحوارات السابقة مع القوى الوطنية التي لم تشارك في اللقاء التشاوري الأول، ووفق مخرجاته، وما اسفر عنه التوافق بالتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي، وما حملته الوثائق السياسية المقرّة في لقاء العاصمة 8 مايو 2023م.
وأكدوا على أهمية اعتماد الحوار كطريق ووسيلة مثلى لإدارة وحلّ التبايانات والاختلافات في الجسد الوطني الجنوبي، والالتزام بمبدأ ومنهج وثقافة التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي، وتجسيج ذلك في الممارسة العمليّة، واقتران الأقوال بالأفعال، داعيين إلى تطوير آليات عمل فريق الحوار، واتساع مهامه، كهيئة وطنية دائمة تعمل من أجل حلحلة كل القضايا والمشكلات التي تعترض سير التفاهمات والتوافقات بين القوى والمكونات السياسية والحزبية والمجتمعيّة، في داخل الوطن وخارجه، وبما يعزّز من الاصطفاف الوطني، ويقوّي من عوامل النجاح وفرص التوافق الجبهوي الوطني لاستعادة الدّولة الجنوبية الفيدرالية المستقلّة، مشددين على أهمية فتح نوافذ إعلامية إذاعياً وتلفزيونياً وصحفياً، لتعزيز ثقافة الحوار والقبول بالآخر في كل القضايا الخلافيّة، وتكريس صفحة جديدة من الوئام المجتمعي، والتوافق الوطني لمواجهة المخاطر والصعوبات والتحديات ومظاهر العنف والغلو والإرهاب والتطرّف، والعصبية بكل أشكالها المدّمرة.
وأكد المشاركون على أهميّة تعزيز دور المجتمع المدني والشباب والمرأة في دعم ومساندة جهود الحوار، وتعميق روح الولاء للوطن الجنوبي، وتمكينهم من المساهمة في قيادة وإدارة مؤسسات الدّولة والمجتمع المدني.
واوصى المشاركون بضرورة طباعة وثائق مخرجات اللقاء التشاوري الجنوبي الأول، باللغتين العربية والإنجليزية والعمل على توزيعها على المكونات والقوى والجهات ذات العلاقة والاختصاص في محافظات الوطن الجنوبي، والمنظمات الإقليمية والدولية، وكذا الإسراع في تأسيس آليات عمل إجرائية وتنفيذية فاعلة لتمكين الكادر الوطني الجنوبي من قيادة وإدارة مؤسسات ومرافق الدّولة في محافظات الوطن الجنوبي كافة، والضغط لنيل المجلس الانتقالي شراكة حقيقية في مفاصل الدّولة والسلك الدبلوماسي والإشراف على إجراءات المنح والصرف لإيرادات وبما يخدم حلّ المشكلات الخدميّة، ومكافحة الفساد، وتفعيل اللجنة العليا للمناقصات لإداء مهامها الرقابية والقانونية الفاعلة.
وأكدوا، في ختام التوصيات والمقترحات، على ضرورة تشكيل فريق عمل مساند من ذوي الخبرات والاختصاص والكفاءات الوطنية السياسية كرافد وطني أثناء سير التفاوض وجلسات المفاوضات لوضع الحلول السياسية للازمنة الرّاهنة.