سيئون في 30 نوفمبر.. تجديد العهد الجنوبي وتفويض شعبي لاستعادة الدولة

سيئون في 30 نوفمبر.. تجديد العهد الجنوبي وتفويض شعبي لاستعادة الدولة

قبل 4 ساعات
سيئون في 30 نوفمبر.. تجديد العهد الجنوبي وتفويض شعبي لاستعادة الدولة
 تقرير/محمد الزبيري

في منعطف تاريخي حاسم، تتجه أنظار الجنوبيين والمهتمين بالشأن اليمني إقليميًا ودوليًا نحو مدينة سيئون، قلب وادي حضرموت النابض بالحياة والتراث. ففي الثلاثين من نوفمبر، ذكرى الاستقلال الوطني المجيد الثامنة والخمسين، لن تكون سيئون مجرد مسرح لاحتفالية عابرة، بل ستتحول إلى منارة وطنية جنوبية، تحتضن حشدًا استثنائيًا وغير مسبوق من كافة أبناء الجنوب، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا.

 

يأتي هذا الحدث التاريخي بدعوة من المجلس الانتقالي الجنوبي، وبمباركة من رئيسه القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي اختار حضرموت لتكون الحاضنة المركزية لهذه الذكرى، في لفتة تحمل دلالات عميقة وتكريمًا لمكانة المحافظة ودورها الريادي في مسار الثورة الجنوبية.

 

إن فعالية سيئون ليست مجرد إحياء لذكرى، بل هي محطة مفصلية لتجديد العهد للوطن والشهداء، وتأكيد على التفاف شعبي شامل خلف قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي. من قلب وادي حضرموت، سترتفع أصوات الملايين لترسل رسائل واضحة للعالم أجمع: الجنوب موحد خلف قضيته، ومصمم على استعادة دولته كاملة السيادة على حدودها الدولية المعترف بها قبل 21 مايو 1990م.

 

هذا التقرير المفصل يسبر أغوار الأبعاد السياسية والشعبية والثقافية لهذا الحدث، ويحلل الرسائل الموجهة للداخل والخارج، ويستشرف تداعياته على مستقبل حضرموت والجنوب في ظل التحديات الجسيمة والمؤامرات التي تُحاك لإبقاء المنطقة في دوامة الفوضى.

 

 

*سيئون 2025: رسالة جنوبية موحدة للعالم*

 

تستعد مدينة سيئون لتكون مسرحًا لحدث استثنائي في تاريخ الجنوب المعاصر، حيث من المتوقع أن تحتشد جموع غفيرة من كافة المحافظات الجنوبية لإحياء الذكرى الـ 58 لعيد الاستقلال الوطني.

هذه الفعالية، التي دعا إليها المجلس الانتقالي الجنوبي، تتجاوز كونها احتفالًا تقليديًا لتصبح استفتاءً شعبيًا جديدًا.

 

وفي هذا الصدد، أوضح رئيس الهيئة التنفيذية لانتقالي مديرية سيئون، محمد عبد الملك، أن "الفعالية تمثل حدثاً بارزاً يحمل رسائل مهمة تؤكد وحدة أبناء حضرموت وتلاحمهم الوطني"، مشيراً إلى "أن المشاركة الشعبية الواسعة ستعبر عن موقف أبناء الجنوب وإصرارهم على حقوقهم الوطنية المشروعة". الرسالة الأبرز التي يسعى أبناء الجنوب لإيصالها من وادي حضرموت هي أنهم يقفون صفًا واحدًا خلف المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، باعتباره الممثل الشرعي والوحيد لتطلعاتهم.

 

هذا الحشد المليوني المرتقب يمثل تأكيدًا قاطعًا على وحدة الصف الجنوبي، ورفضًا لأي مشاريع سياسية تهدف إلى تفتيت القضية الجنوبية.

 

يحمل اختيار سيئون، قلب وادي حضرموت، كموقع للفعالية المركزية، رمزية خاصة، فهو تأكيد على أن حضرموت، بساحلها وواديها، جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الجنوبي، وأنها ستبقى جنوبية الهوى والهوية،وأن ابناء وادي حضرموت يتمسكون بحقهم في تحرير الوادي وطرد قوات الاحتلال اليمني وتسليم أمن المنطقة لقوات النخبة الحضرمية.

 

*تجديد العهد: ذكرى نوفمبر ليست مجرد احتفال*

 

لا تمثل ذكرى الثلاثين من نوفمبر مجرد يوم في الذاكرة الوطنية، بل هي لحظة تاريخية فارقة لتجديد العهد. وقد أكد الرئيس عيدروس الزُبيدي على هذه الأهمية في دعوته الجماهيرية، حيث قال: "إن حرصنا على استقبال هاتين المناسبتين العظيمتين بحفاوة وزخم كبيرين، إنما هو تأكيد للعهد وتجديد للوعد الذي قطعناه على أنفسنا بالمضي قُدُمًا في ذات المسار الذي اختطه شهداؤنا الأبرار بدمائهم الزكية".

 

ومن سيئون، سيجدد الجنوبيون عهدهم وولاءهم للمجلس الانتقالي الجنوبي وقيادته، مؤكدين على المضي قدمًا في مسار النضال حتى تحقيق الهدف الأسمى. بدوره، شدد اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي، على أن يوم 30 نوفمبر يمثل "عنوان الهوية الجنوبية وإرادة شعب لا تُهزم، وبوابة نحو مستقبل يليق بتضحيات الأجيال".

 

تأتي هذه الذكرى في مرحلة مفصلية، حيث تواجه حضرموت والجنوب تحديات وجودية تتطلب أعلى درجات الوعي والتماسك الوطني، وهو ما دعا إليه بن بريك بقوله إن المرحلة الراهنة "تتطلب إعادة بناء جسور الثقة وتبنّي رؤية موحدة تعكس تطلعات المواطنين".

 

*تفويض شعبي جديد: حضرموت تؤكد دعمها للانتقالي**

 

تكتسب فعالية سيئون أهمية استثنائية كونها ستشكل تفويضًا شعبيًا جديدًا للمجلس الانتقالي الجنوبي. وفي هذا السياق، أكد رئيس الجمعية الوطنية، علي عبدالله الكثيري، أن المجلس الانتقالي أصبح "رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية أو عسكرية، بصفته الممثل الحقيقي لقضية الجنوب وتطلعات شعبه". هذا التفويض، القادم من قلب حضرموت، يمنح القيادة الجنوبية قوة وزخمًا إضافيين لمواصلة حمل لواء القضية في كافة المحافل.

 

كما أن هذه الفعالية تمثل رسالة دعم وتأييد مطلق من كافة أبناء الجنوب لأبناء حضرموت في مطالبهم المشروعة. وقد صرح المحلل السياسي عامر العولقي بأن "إعادة حضرموت إلى حضن الجنوب تتطلب مراجعة جميع السياسات... لضمان تطبيق شعار 'الجنوب لكل أبنائه' على أرض الواقع". هذا التلاحم يعكس رؤية الدولة الجنوبية الفيدرالية المنشودة، التي تضمن توزيعًا عادلًا للسلطة والثروة وتمكين أبناء كل محافظة من إدارة شؤونهم.

 

*وادي حضرموت: صراع الإرادات والمطالبة برحيل القوات اليمنية*

 

يقع وادي حضرموت في قلب صراع معقد، حيث تحاول قوى يمنية إطالة أمد نفوذها واحتلالها العسكري والسياسي. وسط تصاعد المطالب الشعبية، التي يتبناها المجلس الانتقالي، بضرورة نقل القوات اليمنية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، وإحلال قوات النخبة الحضرمية الجنوبية بدلاً عنها.

 

وقد وصف القيادي محمد صالح باتيس، فعالية سيئون بأنها ستعبّر عن "الإرادة الشعبية المطالبة بالخلاص وتحرير وادي حضرموت من قوات الاحتلال"، مؤكداً على ضرورة "الاصطفاف الجنوبي خلف قوات النخبة الحضرمية ودعم جهودها في بسط الأمن والاستقرار".

 

إن قوات النخبة الحضرمية، التي تشكلت من أبناء حضرموت وأثبتت كفاءتها، هي الأجدر بحماية أمن الوادي وثرواته. وقد شدد علي الكثيري على أن هذه القوات تمثل "السد الحصين" لاستقرار ساحل حضرموت، وأن "أي استهداف لها يعد استهدافًا مباشرًا لأمن الجنوب".

 

*مؤامرات التقسيم: استهداف ممنهج لهوية حضرموت الجنوبية*

 

تتعرض حضرموت اليوم لمؤامرات خطيرة تهدف إلى سلخها عن هويتها الجنوبية. وقد حذر رئيس الجمعية الوطنية علي الكثيري من هذه المحاولات، مؤكداً أن المجلس "لن يقبل بأي محاولة لإعادة القوى اليمنية التي تحالفت ضد الجنوب في حرب 1994"، وأن السماح بعودة هذه القوى هو "خط أحمر".

 

تسعى هذه الأطراف، ومنها القوى المرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين، إلى إبقاء وادي حضرموت تحت سيطرتها، ومنع تمكين قوات النخبة الحضرمية، بهدف استمرار العبث بأمن المحافظة ونهب ثرواتها.

ستكون الحشود الجماهيرية في سيئون بمثابة جدار صد منيع ضد هذه المؤامرات، وستؤكد أن حضرموت، بتاريخها وثقافتها، هي قلب الجنوب النابض.

 

*حرص جنوبي على حضرموت في وجه الفتنة*

 

تزداد خطورة الأوضاع الحالية في حضرموت مع تصاعد محاولات القوى المعادية للجنوب إشعال فتيل الصراعات الداخلية بين أبناء المحافظة نفسها، بهدف تمزيق نسيجها الاجتماعي وإغراقها في الفوضى.

وتترافق هذه المحاولات مع حملات تحريض ممنهجة تستهدف قوات النخبة الحضرمية، القوة الجنوبية الوحيدة التي أثبتت قدرتها على فرض الأمن ومكافحة الإرهاب.

 

في مواجهة هذه المخاطر، يؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي على الدوام حرصه المطلق على أمن واستقرار حضرموت وحقوق أبنائها. وقد صرح الرئيس عيدروس الزُبيدي في أكثر من مناسبة بأن "أمن حضرموت هو من أمن الجنوب، وأن أي مساس به هو مساس بالجنوب كله"، مشدداً على أن المجلس لن يسمح بزعزعة استقرار المحافظة وسيدعم بكل قوة حق أبنائها في إدارة شؤونهم وتأمين أرضهم.

 

*سيئون: ذاكرة وطن وقلب حضرموت النابض*

 

تتمتع مدينة سيئون، ومعها وادي حضرموت، بمكانة ثقافية وتراثية وتاريخية فريدة، ليس فقط على مستوى الجنوب، بل على مستوى العالم. فهي تمتلك إرثًا حضاريًا عريقًا ضاربًا في أعماق التاريخ، وتعد رمزًا للسلام والتراث. إن اختيارها لاحتضان هذه الفعالية الوطنية الكبرى هو تأكيد على مكانتها كمرتكز أساسي في مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة.

 

ستفتح سيئون أبوابها لفعالية وطنية ثقافية تجسد تراث الجنوب عامة، وحضرموت خاصة، لتعزز حضورها كمدينة ثقافية تحتضن الفعاليات الوطنية الكبرى.

إن تعزيز هذا الدور الثقافي يساهم في ترسيخ الهوية الوطنية الجنوبية، ويذكر الأجيال الجديدة بتاريخها العريق، ويحصنها ضد محاولات طمس الهوية.

 

*تكريم رئاسي: اختيار حضرموت ودلالاته الاستراتيجية*

 

إن قرار الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي باختيار حضرموت لاحتضان الفعالية المركزية لذكرى الاستقلال يحمل دلالات استراتيجية عميقة.

فهو أولاً، تكريم للمحافظة وأبنائها، واعتراف بدورهم المحوري في مسار الثورة الجنوبية. وثانيًا، هو دليل واضح على المكانة الاستراتيجية التي تحتلها حضرموت في رؤية المجلس الانتقالي لمستقبل دولة الجنوب.

 

وقد سبق للرئيس الزبيدي أن صرح بأن "حضرموت هي عمق الجنوب وعمقه التاريخي والحضاري". هذه الخطوة تؤكد عمليًا أن قيادة المجلس الانتقالي تنظر إلى حضرموت كعمق استراتيجي وركيزة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، كما تعكس حرص القيادة على تلبية تطلعات أبناء حضرموت ودعم مطالبهم المشروعة.

 

*الاستعدادات والتحديات: نحو إنجاح الحدث التاريخي*

 

تجري الاستعدادات على قدم وساق لإنجاح فعالية سيئون الكبرى، حيث تبذل الهيئة التنفيذية المساعدة لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، وبقية هيئات المجلس، جهودًا جبارة في التحضير. وتشمل هذه الاستعدادات جوانب لوجستية وأمنية وصحية، حيث أعلن رئيس اللجنة الصحية بانتقالي حضرموت، الدكتور يسلم باوزير، عن "استكمال تجهيز عدد من سيارات الإسعاف والطواقم الطبية التي سترافق باصات نقل الحشود".

 

ومع ذلك، فإن الطريق نحو هذا الحدث لا يخلو من تحديات، أبرزها محاولات القوى المعادية لعرقلة الفعالية.

وفي هذا السياق، حذرت السلطة المحلية في حضرموت من "تداعيات الدعوات للتصعيد والحشد في المحافظة". لذا، فإن رفع مستوى الوعي الشعبي بأهمية هذه المحطة التاريخية، وتعزيز الوحدة ورص الصفوف، يمثلان ضرورة قصوى لمواجهة أي تحديات.

 

إن نجاح فعالية سيئون سيكون بمثابة انتصار للإرادة الجنوبية، ورسالة حاسمة للداخل والخارج بأن حضرموت والجنوب قد حسما أمرهما نحو استعادة دولة الجنوب المستقلة كهدف لا يقبل التأجيل

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر