الامين برس / د.علي صالح الخلاقي
في مثل هذا اليوم 17 ديسمبر، قبل عام مضى، توقف قلب المناضل الصلب الأستاذ الجامعي الدكتور زين محسن اليزيدي عن الخفقان، وارتقى شهيداً بعد أن نالته رصاصات الغازات السامة المحرمة دولياً، وهو يقود انتفاضة احتجاجية على اغتيال رفيق دربه الشهيد خالد الجنيدي مهندس العصيان المدني والثورة الجنوبية وأحد أبرز الرموز الصلبة التي أقضت مضاجع المحتلين. كان المحتلون يظنون أن استهداف قلب خالد..هو استهداف لقلب الثورة السلمية العصية التي أرادوا قتلها واخماد حذوتها..ولم يدروا أن استشهاد مهندس الثورة قد زادها اشتعالاً وحماساً، فها هو القائد الميداني المقدام الدكتور زين يتصدر في اليوم التالي الانتفاضة السلمية الغاضبة في وجه قوى العدوان المدججة بأسلحة الموت، احتجاجاً وتنديداً باغتيال خالد، فلم تتورع تلك القوات من استخدام الغازات السامة المحرمة دولياً ضد المنتفضين من شباب الثورة ذوي الصدور العارية ، واستهدفوا بتعمّد وعن سابق إصرار وترصد صدر الدكتور زين.. مستهدفين بذلك عقل الثورة السلمية.. فكان الدكتور زين أول استاذ جامعي ينال منه المعتدون ويرتقي شهيداً، واستهداف عقول وقادة الفكر وأساتذة الجامعة أمر خطير يدل على جنون وبشاعة أساليب الطغاة. كان القتلة المجرمون يعرفون أن الشهيد د.زين هو الأبرز من بين أساتذة الجامعات من القيادات الميدانية في تلك المواجهات الدامية، ويعرفون جيداً انه استاذا جامعيا، فأرادوا باستهدافه استهداف عقل وفكر الثورة السلمية، مثلما استهدفوا قلب مهندس تصعيد العصيان المدني البطل الشهيد خالد الجندي.. لقد عرفت ساحات النضال الجنوبي وميادينه الدكتور زين ..مرابطا.. وحاضرا في كل الفعاليات النضالية .. لم يتغيب عنها لحظة منذ انطلاقة ثورة شعبنا السلمية المباركة عام 2007م.. بل كان دائما في مقدمة الصفوف، ومن القيادات الميدانية المعروفة التي عملت بصمت وتفانٍ وإخلاص وبنكران ذات، ومن أبرز دعاة التصالح والتسامح وجسد في الواقع قناعاته تلك في كل نشاطاته وعلاقاته النضالية، فقد كان رحمه الله في قوام لجنة المصالحة الجنوبية التي انبثقت عن مؤتمر القاهرة, وشارك بفعالية في جميع النشاطات التي شهدتها ساحات النضال السلمي وحضر كل المليونيات الجنوبية الحاشدة، سواء من خلال مشاركته في اللجان التحضيرية أو الندوات والمحاضرات ومن خلال نزوله إلى العديد من محافظات الجنوب ، وقد عرفه شباب الثورة بالدينامو المحرك لمثل هذه الحشود الكبيرة المتمثلة بالمليونيات، فقد ترأس اللجنة التنظيمية في مليونية 30نوفمبر 2012م، وكان نائباً لرئيس اللجنة التحضيرية في مليونية التصالح والتسامح عام 2013م ، وهو من مؤسسي مجموعة الأكاديميين الجنوبيين، وأسهم في تأسيس اتحاد عمال الجنوب في ساحة الاعتصام عام 2014م، وآخر نشاط للشهيد في ساحة الحرية عضويته في اللجنة الإشرافية ورئيس اللجنة الثقافية في مخيم الاعتصام في ساحة الحرية بالإضافة إلى عمله كقيادي في الثورة الجنوبية، ووفاء لقضية شعبه جمَّد عضويته في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي مع عدد من رفاقه بسبب ضبابية وعدم وضوح موقف الحزب من القضية الجنوبية. ومثلما خرج محتجاً في مقدمة الصفوف الجماهيرية الغاضبة على اغتيال رفيق دربه، فقد خرج في تشييع جثمانه الطاهر عشرات الآلاف من ابناء الذين تدافعوا إلى ساحة الاعتصام بخور مكسر للصلاة عليه يوم الجمعة، الموافق 19 ديسمبر 2014م، ثم سار موكبه الجنائزي المهيب صوب مدينة كريتر، مشياً على الأقدام، وصدحت في أجواء عدن الشعارات والهتافات ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ ﻭﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، وهو الهدف الذي ناضل وضحى من أجله الشهيد زين وكل الشهداء . في ذكرى استشهادك لا نملك إلا أن نقول: طب مقاماً في الجلود.. ونم قرير العين يا زين الشهداء.. فلك منا – وكل الشهداء- عهد بالوفاء.. وتظلون أكثر حضورا بيننا..
عدن – 17 ديسمبر 2015م