تقرير: كيف بدأ اعتماد داعش على التكنولوجيا الذكية ينقلب ضدّه؟

تقرير: كيف بدأ اعتماد داعش على التكنولوجيا الذكية ينقلب ضدّه؟

قبل 8 سنوات
تقرير: كيف بدأ اعتماد داعش على التكنولوجيا الذكية ينقلب ضدّه؟
الأمين برس / إعداد : محمود غزيّل :
في عالم غير بعيد عن ما يحدث في العراق وسوريا والخسارة المستمرة لداعش وسقوط مراكزه العسكرية، يعاني التنظيم من خسارة كبيرة على مواقع التواصل الإجتماعي، جراء إغلاق حسابات مناصريه، واستغلالها لكشف واعتقال الموالين له، وتظهر أحدث المعطيات أنه حتى تطبيقات الهواتف الذكية التابعة لداعش تعاني من أزمة كبيرة.أصبحت التطبيقات الهاتفية جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، إذ بات بالإمكان إيجاد أي نوع من البرامج التي يحتاج إليها المرء، لكن من بين تلك التطبيقات، تلك التي تعمل على نشر الدعاية الإرهابية، من بينها تطبيقات تابعة لتنظيم داعش.

وبحسب تقرير نشره موقع "ماذربورد" المتخصص بالأخبار التكنولوجية، فإن التنظيم نشر عن طريق ذراعه الإعلامية، وكالة أعماق، خلال الأشهر الستة الماضية ما لا يقل عن 6 تطبيقات متنوعة، إلى جانب تطبيقات غير رسمية أنشأها ونشرها موالون للتنظيم على الإنترنت.

وتشير تلك التطبيقات إلى رغبة قيادة التنظيم في البقاء على اتصال مع المناصرين لهم والبقاء في طليعة تكنولوجيا التواصل الاجتماعي بوصفها منصة أساسية للتجنيد والاستقطاب. ولكن، مع الحملات الأخيرة التي بدأ يتعرض لها التنظيم في الفضاء الإلكتروني بدأ التنظيم يشعر بالقلق من أن تلك التطبيقات نفسها قد تهدد وجوده الإلكتروني أيضاً.

التطبيقات في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أطلق التنظيم أول تطبيق له "أعماق"، وهو عبارة عن قناة لتلقي التقارير الإخبارية والمواد الإعلامية عن عملياته الإرهابية، بخاصة ما يحدث في الداخل العراقي والسوري.

بعد مرور شهرين، في 30 يناير (كانون الثاني)، أطلق التنظيم تطبيقاً جديداً على نظام أندرويد متخصص بإذاعة "البيانات" الخاصة به، وتوفير التحديثات الإخبارية اليومية حول ما يسميه التنظيم ولاياته في الأراضي التي يسيطر عليها والتي تشهد اشتباكات ومعارك، إضافة إلى خدمة الاستماع إلى الأغاني الجهادية والأناشيد الإرهابية.


وتعتبر هذه التطبيقات قيمة جداً ليس فقط بغرض التجنيد، بل أيضاً لتوفير قنوات لتوصيل المعلومات بعيداً عن مواقع التواصل الإجتماعي والحسابات الاعتيادية التي يتم إغلاقها وملاحقتها بشكل مستمر من إدارات تلك المواقع والحكومات عبر العالم.

ولهذه الأسباب، لم يكن مستغرباً أن يستمر التنظيم بالسير بهذه الخطة.

وفي 17 أبريل (نيسان) من هذا العام أصدر التنظيم نسخة إنجليزية من تطبيق "أعماق"، وتبعها لاحقاً بتطبيقات مماثلة بالنسخ الفرنسية والتركية يوم 21 أبريل (نيسان) و2 مايو (أيار) تباعاً.

وفي الفترة الأخيرة، ذهب التنظيم أبعد من مجرد التطبيقات الإخبارية وتلك التي تقدم محتوى دينياً، إذ أصدر في 10 مايو (أيار) تطبيقاً على نظام تشغيل أندرويد مخصص للأطفال لتعليمهم الأبجدية العربية.

والتطبيق الذي أصدرته مجموعة "مكتبة الهمة"، أحد أذرع التنظيم، يستخدم صوراً عنيفة، مرتبطة بالعنف والقتل، من أجل تعليم الأطفال الأحرف الأبجدية، مثل حرف "ط" طلقة، "ص" صاروخ، "ب" بندقية وغيرها من الأمثلة.


وغالباً ما يوفر التنظيم تحديثات مستمرة لتلك التطبيقات، بما فيها تلك التي أصدرها يوم 16 مارس (آذار) لأول تطبيق "أعماق"، ومن ثم أصدر نسخاً لنظام تشغيل ويندوز من تطبيقي "البيان" وتعليم الأبجدية للأطفال في في 17 مارس (آذار) ومايو 28 (أيار) تباعاً.

مخاطر جديدةوفقط في اللحظ التي بدا فيها أن التنظيم نجح في إيجاد أسلوب مباشر ومستمر للوصول إلى أتباعه، ظهرت مؤشرات عدة عن انطواء تلك التطبيقات على مخاطر جديدة وكبيرة.

وبحسب إشعار نشره التنظيم عبر وكالة "أعماق" في يونيو (حزيران)، وأعادت نشره حسابات الموالين للتنظيم على مواقع التواصل، حذّر داعش من "مصادر مشكوك فيها" تقوم بنشر تطبيقات ملفقة غير رسمية لتطبيق "أعماق" هدفها الاختراق والتجسس.



وقد يتساءل المرء عن سبب كون أغلب التطبيقات، إن لم يكن جميعها، يعمل على نظام تشغيل أندرويد بدلاً من آي أو أس، والسبب هو طبيعة عمل أنظمة التشغيل تلك على الأجهزة الذكية.

إذ في حين تعمد متاجر التطبيقات على كلا النظامين على التحقق من خلو التطبيقات من "المواد المسيئة والخبيثة"، إلا أن نظام شركة أبل يسيطر بشكل كامل على التطبيقات، ولا يسمح بتثبيتها من خارج متجره الرسمي، إلا أن هذا الأمر لا يطبق على نظام أندرويد، إذ يسمح الأخير بتنزيل التطبيقات من أي متجر كان، وبحرية مطلقة.

إطلاق التطبيقات بتلك الطريقة له منافعه للمنتسبين إلى التنظيم، أهمها إيصال فكرة أن داعش بإمكانه التواصل مع أتباعه عبر أنواع التواصل كافة، والمساهمة في الإيهام بشرعية ما لدولته المزعومة. وفي الجانب الآخر، يوهم التنظيم أتباعه أن باستطاعته تجنب الإجراءات الأمنية التي تضعها الشركات القنية لإيصال رسائله الدعائية المطلوبة.

كلفة الدعاية الإرهابية
ومع ذلك، فإن هذه التطبيقات له كلفتها أيضاً، وأهمها يكمن في خصوصية أنصار التنظيم. إذ تستمر الحكومات والمجموعة المختلفة في جميع أنحاء العالم باستهداف داعش على الانترنت، حيث تقدم تطبيقات التنظيم المنتشرة خارج متجري غوغل بلاي وآب ستور فرصاً جديدة لزرع البرمجيات الخبيثة المخفية، وبالتالي التسلل إلى داخل الغرف السوداء للتنظيم.

وفي الحقيقة، أصدر التنظيم تحذيراً يوم الخميس الفائت عن التطبيقات المزيفة، والتي تبيّن قيام مجموعات مجهولة الهوية باستغلال تلك النافذة لزرع برمجيات تجسس داخل نسخ من تطبيق إذاعة "البيان" وتطبيق "أعماق" الإخباري.


ويشير ظهور هذه التحذيرات إلى أن العديد من الموالين للتنظيم لا يدركون المخاطر التي قد تهدد هيكلية داعش، وإن تعطل التطبيقات قد يسبب الحرج لقيادة التنظيم التي تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على وسائل تواصل تحظى بالاحترام بين المقاتلين، ويضع أتباع التنظيم في خطر متزايد للكشف عن معلوماتهم الشخصية وأماكن تواجدهم وإلقاء القبض عليهم عبر استخدام التطبيقات الخبيثة. 

ويرى التقرير أن مستقبل الاستمرار في إصدار التطبيقات غير واضح، إلا أن حقيقة استمرار ممارسة تلك التطبيقات لأدوارها قد يلمح نحو الحل. إذ على الرغم من المخاطر كافة بالتواجد المستمر على تويتر وغيره من مواقع التواصل الإجتماعي، أدى الامر إلى اعتقال عدد لا بأس به من اتباع التنظيم.

وبالنظر إلى الأحداث السابقة، يخلص التقرير، إلى أن داعش قد يكون مستعداً لتعريض أتباعه للاعتقال أو القتل للحفاظ على آلة إنتاج التطبيقات الخاصة به.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر