الأمين برس /بقلم /فضل سعيد شايف
ببالغ الأسى والحزن تلقيت خبر رحيل أخي و رفيقي وصديقي نجيب قاسم صالح تاريخ 18/9/2016 بعد صراع طويل مع المرض الذي الم به منذ فترة
لقد عرفت ورافقت وزاملت الفقيد منذ منتصف السبعينات حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي من خلال عملنا المشترك في منظمة الحزب ردفان لفترة امتدت تقريباً عقداً من الزمان حينما كان رئيساً للجنة
التفتيش المالي بالمديرية وكنت السكرتير الأول لمنظمة الحزب الاشتراكي م/ الحبيلين ، قبل أن تبعدنا عن بعضنا ظروف الدراسة والعمل لفترة من الزمن
لقد رحل عنا صاحب الابتسامة والاستقامة ،رحل الرجل الخلوق في وقت يفتقد فيه الكثير اليوم لتلك القيم والأخلاق الحميدة الفاضلة ،رحل عنا هذا الإنسان الرائع دوما وابدا لتبقى معنا سلوكه وقيمه وأخلاقه وحبه وتقديسه لكل ما هو جميل
لقد رحلت عنا أيها النجيب ونحن في غفلة من الزمن، في ظل الظروف والأوضاع التي كانت قد فرضتها علينا ظروف عدة خصوصاً ما بعد عام 1990وكانت الحرب الحالية ومشكلاتها أخرها .
فعلا لقد حالت هذه الظروف دون أن تجعلنا نرى ونسمع بعضنا كما هي عادتنا وجعلت كلاً منا يهيم وراء مشاغل وهموم الحياة ومتاعبها وما أكثرها في هذه الظروف وكأنها وجدت خصيصاً لتخرجنا عن ما ألفناه في أمورنا الحياتية التي نشأنا وترعرعنا في رحابها.
لقد رحلت إلى باريك صديقي الخلوق في وقت كنا بأمس الحاجة إليك والى لقاءات جديدة تجمعنا معك لنعيد فيها ولو جزءاً يسيراً من شريط ذكريات الماضي الجميل الذي عشناه سوياً مع رفاق وأصدقاء آخرين
إنها حقاً ذكريات يستحيل على من عاشوها أن ينسوا تفاصيلها، كان معدنها الصدق وجوهرها الألفة وروحانية العمل والوفاء لبعضنا التي جبلت عليها أيها الرفيق ورفاقك خلال تلك السنوات ، أتذكر أخي نجيب لقاءاتنا ومرحنا ودردشاتنا مع بعضنا ونحن في ريعان الشباب ننظر بتطلع إلى مستقبل يسوده العدل والسلام والمحبة والوئام والطمأنينة كنا فيه نحلم بغد جميل نستكين فيه نحن وأولادنا وشعبنا دون تمييز. هكذا ترسخ هذا الحلم وهذا الوعي في وجدان غالبية جيل ذلك الزمن وتعمقت قناعات حب الوطن والشعور بالمسؤولية والبساطة والأمانة والتواضع كسلوكيات اجتماعيه أخذت طريقها ابتداءً من الأسرة والمدرسة والعمل ثم غدت كمسلكيات عامه في الشارع العام بمعنى كانت سلوكاً سائداً في جيل بأكمله تحت رعاية واهتمام الثورة وأصبحت واقعاً اعتاده الناس ..
أتذكرك وأتذكر زملاءنا الذين عشنا معاً في تلك الأيام والليالي التي قضيناها مع بعضنا أتذكرهم فردا فردا، أتذكر منهم رفاق غادرونا قبل رحيلك بسنوات كنا ذات يوم نشكل معاً فريق العمل الواحد الذي لا نشعر من خلاله إلا إننا جنوداً لهذا الوطن الغالي الذي لم نحسب ساعات دوامه أو نبحث عن أجرة عمله الإضافي أو حافزه النقدي أو بدلاته المختلفة ..
أتذكر و أتذكر العديد من سنوات العمر التي نذرناها تقديساً لشيء اقتنعنا فيه و أحببناه ،أتذكر كل الرفاق والزملاء الذين عشنا معهم وإياك بحب ووئام وكيف كانت أحيانا تحفزنا التباينات مع بعض وتدفعنا إلى تقديم ما كنا نراه الأفضل، وكيف كنا نختلف ثم نعوده إلى بعضنا بكل بود ومصداقية وأريحيه وبروح خاليه من أي حقد و ضغينة. أتذكر أن العمل وحبه وتحسين آلياته وتطويره كانت مصدرا لبعض اختلافات الرفاق ولم يكن قط مصدرها الاختلاف على نهب أو نصب أو احتيال ، هذا الفعل الآخذ اليوم بالانتشار في نفوس الكثيرين دون وازع ديني أو ضمير أخلاقي و إنساني يردعهم بل اخذً في الانتشار والتمدد وكأنها عدوى فيروسيه تنتقل وتنتشر بين الناس و مع الأسف أن ذلك يحصل بحماية من أوليا النعمة وسكوت المجتمع.
أخي نجيب إن قائمة الذكريات طويلة وجميله بجمال زمنها الجميل عشنا معاً بعض فصوله وتفاصيله والذي لا يتسع المجال في مرثية عاجله كهذه إلى استعراض مناقبه ولما شكله من وقع جميل في نفوسنا ولما تركه من تأثير خُلد في الوجدان وثبت في تلابيب الذاكرة الإنسانية لكل من عاشوا هذه التجربة ، و اشعر انه كلما مر يوم أزاد بريقها ولمعانها في النفس كمعدن نفيس لم يصدا مع تقادم الزمن بل كلما مر به الوقت زاد بريقاً ولمعاناً ..رفيقي وأخي نجيب اشعر إنني مهما استرسلت بالكتابة ومهما قلت عنك من رثاء إلا أن لدي قناعة أكيده من إن كل ما أقوله أو أحاول كتابته لا يفي بسرد سيرتكم الذاتية العطرة لأنها من النوع الذي يصعب اختزالها بجرة قلم ، طالما و أنت بنيت شخصيتك في عمق ووجدان الناس خلال عقود من الزمن ..واجدها هنا فرصة مواتيه لدعوة كل الرفاق و الأصدقاء وكل من عرفك للكتابة عنك أيها الرجل و الإنسان الذي أعطيت وطنك كلما لديك ولم تبخل بحياتك يوماً ومع ذلك لم تنال كلما تستحق..
عظيم التعازي لأولادك وإخوانك جميعاً
سائلا الله العلي القدير أن يتغمدك في واسع رحمته ويسكنك فسيح جناته و إنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بالله.