وقالت مهاجرة بولندية لمجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" إن عبارة "عودوا إلى بلدانكم" كثيرا ما ترددت على مسامع مواطنيها في هذا البلد. وتحدثت تقارير إعلامية أن النسب العالية التي صوتت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بريكسيت سجلت في المناطق التي يقطنها مهاجرو دول أوروبا الشرقية بأعداد كبيرة.
وقالت بولندية أخرى لنفس المجلة إنها أصبحت تسمع عبارات مؤذية بحق مواطنيها المتحدثين باللغة البولندية عند أبواب المدارس عندما يصاحبون أبناءهم إلى فصول الدرس. وأضافت إن هناك من كان يعتقد أن البولنديين سيخرجون من بريطانيا بمجرد التصويت على "بريكست".
بولندا تخشى فقدان شبابها
وتشتكي بولندا من فرار شبابها نحو "الجنة" الأوروبية الغربية، وتحاول قدر المستطاع أن تثنيهم عن الزحف نحو هذه البلدان، لكن دون نتيجة، حيث تظهر استطلاعات الرأي الرغبة الجامحة للشباب البولندي في الهجرة.
وكان نائب برلماني في المعارضة اليسارية قام بتجريب حياة الهجرة في بريطانيا لمدة أكثر من أسبوع. وهذا النائب يدعى أرتور دوبسكي، يبلغ من العمر 45 عاما وهو رجل أعمال سابق انخرط في العمل السياسي في 2011.
وكان بدأ التجربة بحجز تذكرة سفر بثمن زهيد، لا يتعدى 25 يورو. وقرر أن يصرف 120 يورو في الأسبوع لتدبير حياته اليومية.
وحكى النائب المهاجر كيف كان يقضي يومه في البحث عن العمل، وكيف يواجه صعوبات عندما يزور إحدى الوكالات المخصصة في هذا المجال، حيث يجبر على البحث على الحاسوب لوحده. لكنه نجح في آخر المطاف في العثور على عمل بمساعدة أحد مواطنيه.
وبفضل أحد مواطنيه أيضا، استطاع أن يجد لنفسه مسكنا يأويه. وقسم وقت عمله بين الاشتغال في ورشة للبناء والترجمة من اللغة البولندية إلى الإنكليزية.
الحياة الصعبة التي فرضتها عليه حياة "الهجرة" كان لها انعكاسات على صحته، ويقول النائب إن التجربة "أثرت في صحتي"، لأنه لم يكن لديه ما "يجب أكله".
سر هجرة الشباب البولندي بكثافة نحو بريطانيا
أرتور دوبسكي كان يهدف من خلال تجربته إلى فهم الدوافع الأساسية وراء هجرة الشباب البولندي إلى بريطانيا، موضحا أن القيود تقل فيها، كما أن "نظامها يشجع على خلق الثروة".
ولا توفر الهجرة المستقبل الجميل في جميع الحالات عكس ما يمكن أن يتصور الكثير من الشباب الراغبين في مغادرة بلدانهم. ويقول النائب إنه التقى مهاجرين مشردين تحولوا إلى مدمنين على الكحول لعدم عثورهم على الشغل.
وكان رئيس الحكومة البريطانية السابق ديفيد كاميرون أعلن أن الخطأ "التاريخي" الذي ارتكبته بريطانيا هو سماحها بدخول الآلاف من المهاجرين البولنديين.
ويرى النائب اليساري أن النقاش حول هجرة البولنديين من الأولى أن يفتح في بلاده، مشيرا إلى أن رغبة جميع الشباب في الهجرة إلى دول أخرى سيطرح في السنوات المقبلة إشكالات أخرى تهم مستقبل بولندا.
بوعلام غبشي