بعد اندلاع موجة الاحتجاجات في بعض الدول العربية، اشتهر في تونس محمد البوعزيزي الذي تقول "الرواية الرسمية" إنه مفجر الثورة التونسية بعد أن أضرم النار في نفسه، وفي سوريا أيضاً، بعد ست سنوات من الحرب والقتل والتهجير، تصدر العنف المشهد حتى نسي العالم كيف انطلقت الشرارة الأولى للثورة، وهو ما عملت صحيفة ذا غلوب أند ميل، على الوصول إلى الشخص الذي اعتبرت أضرم النار في برميل البارود السوري، المراهق نايف أبازيد، الذي لم يكن يتجاوز عمره 14 سنة عند اشتعال الحريق السوري في 2011.
والتقت الصحيفة الكندية، الطفل السوري اللاجئ اليوم في أوروبا، الذي رسم "تاغ" الشهير على أحد جدران مدينة درعا "جاك الدور يا دكتور".
وأفادت الصحيفة أنها توصلت إلى الشاب السوري، بعد بحث استمر ستة أشهر متواصلة، وفي تعليق على تلك العبارة التي كتبها، قال الشاب: "لم أكن أدرك خطورة ما كتبت على حائط مدرستي، إلا بعد أن دخلت السجن".
فبعد كتابته الجريئة، اعتقلت المخابرات السورية الطالب المراهق وسجنته في 16 فبراير(شباط) 2011، ورغم أنه أكد لرجال المخابرات الذين تداولوا على تعذيبه، أنه لم يكن يبحث عن شيء، وأنه كان يُريد المرح والعبث والمغامرة مثل أي مراهق في سنه ليس أكثر، إلا أن كلماته القليلة، تسببت في موجة اعتقالات طالت 22 من أصدقائه وأقاربه لتنطلق مسيرات الاحتجاج والتنديد في درعا السورية، في البداية بمشاركة عائلات الموقوفين المرعوبين من مصير أبنائهم المجهول، ثم تطور الأمر لتخرج المظاهرات في كامل المدينة.
ورغم إطلاق سراح الموقوفين لم تتوقف المظاهرات والمسيرات، ففي 20 مارس(أذار) 2011، أُفرج عن الموقوفين، لكن بعد أن أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين ما أدى إلى سقوط قتيلين، ما تسبب في امتداد حريق المظاهرات إلى المحافظات الأخرى، ثم إلى المدن السورية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
وفي 1 أبريل (نيسان) وبعد الاكتفاء بالتنديد والشعارات والحجارة التي كانوا يقذفون بها الشرطة، أطلق المتظاهرون أول رصاصة في اتجاه رجال الأمن، لتدخل سوريا المنعرج الخطير الذي تتخبط فيه منذ 6 سنوات.
وبعد تحول الاحتجاجات إلى حرب أهلية ثم إقليمية، وربما عالمية، حسب الصحيفة، غادر المراهق الذي أصبح شاباً درعا إلى الأردن، للحصول على العلاج بعد إصابته بالرصاص في كتفه، قبل العودة إلى بلاده في 2014.
ولكن مع تصاعد الحرب والعنف والدمار، تحول نايف أبازيد، إلى تركيا ومنها إلى أوروبا في محاولة للوصول إلى ألمانيا التي أعلنت ترحيبها باللاجئين السوريين في 2015، ولكن مسيرته توقفت في النمسا، أملاً في الحصول على حق اللجوء إليها أو السماح له بالوصول إلى ألمانيا.