غامر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بحياته بخروجه من منزله المحاصر من قبل الحوثيين في العاصمة صنعاء، الذين فرضوا عليه الإقامة الجبرية منذ أسابيع، ووصل إلى مدينة عدن، حاضنة الحركات الوطنية في البلاد على مرّ السنين .
ومثلما كان وصول هادي إلى الحكم مفاجأة لكثيرين، بمن فيهم هو نفسه، كان لهروبه مفاجأة مشابهة نظراً لتركيبة الرجل السياسية، التي كانت تعطيه دوراً هامشياً في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لكنه اليوم سيكون واحداً من أهم اللاعبين السياسيين في تاريخ اليمن، وعليه أن يجيد اختيار القاعدة التي سينطلق منها في تحديد مصير البلاد ومستقبلها .
من المسلّم به أن هادي جازف بحياته للإفلات من قبضة الحوثيين، الذين كانوا يريدون المتاجرة السياسية بشرعيته، وهو أمر يحسب له، وتمكنه من الخروج من منزله بالطريقة التي لم تتضح حتى الآن، تؤكد رغبته في لعب دور سياسي قادم في اليمن، مستغلاً حالة الاستياء التي تعم مختلف مناطق البلاد من الممارسات التي أقدمت عليها جماعة الحوثي منذ استيلائها على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي .
كثيرة هي التحليلات التي أعقبت استعادة هادي لحريته المختطفة من قبل الحوثيين، وهي في الحقيقة استعادة للدولة المختطفة التي لم يعرف هادي كيف يديرها عندما كان الحوثيون خارج العاصمة صنعاء بمئات الكيلومترات، فقد بدا عليه الضعف والتردد والبطء في اتخاذ القرارات عندما كانت الدولة بحاجة إليها، فهل يتعظ هادي اليوم مما حدث ويتجاوز العثرات التي وقع فيها خلال السنوات الثلاث التي أدار بها البلاد بموجب المبادرة الخليجية ويعيد الأمور إلى مسارها الطبيعي؟
لا شك أن كثيرين يراهنون على دور رئيسي ومهم لهادي، دور يعيد للدولة هيبتها ويعيد رسم خريطة تحالفات جديدة لا تعتمد على طرف سياسي بعينه، بقدر ما يكون تحالفاً يضم اليمنيين جميعاً، في الشمال والجنوب معاً لاستعادة الدولة التي عمل على إضعافها هو نفسه من خلال إدارته السلبية لها .
على هادي أن يستفيد من زخم التأييد الذي يحظى به من قبل فئات وطبقات اجتماعية كثيرة في الشمال والجنوب على السواء، وأن يبدأ في ترميم الجروح التي أصابت الدولة التي تركها صالح في حالة ترهل كبيرة منذ أن حكمها وحتى خروجه منها، وعلى هادي أن يدرك أن مصير اليمن كله بيده وحده، فهو من يمتلك اليوم الشرعية التي يعترف بها الداخل والخارج، وعليه الاستفادة منها لتصحيح أخطائه التي وقع فيها منذ انتخابه رئيساً للبلاد قبل ثلاث سنوات .
* صحيفة الخليج الاماراتية :