أحد كبار تجار الذهب في الخليج له طبيعة عجيبة في إنهاء خدمات كبار الموظفين _الخبراء- الذين يعملون في شركته ؛ فهو يعطي هذا "الخبير" إجازة مفتوحة مدفوعة الراتب حتى لو كان 10،000 دولار ، وحتى لو وصلت المدة سنة كاملة .
والموظف الخبير يكون سعيد بهذا التجميد ، بل يعتبره مكرمة من عمه شيخ الذهب ؛ فيبتعد عن السوق ، ويغرق في السلى واللهو ، ويرفض عروض العمل ، ويرفض عروض الشراكة التي يعرضها عليه تجار كبار وصغار وبعض زملائه في "الكار" . . . ويعتزل زملائه ، وفي أغلب الأحيان لا يرد على اتصالاتهم حتى ينسونه "وهذا كان هدف شيخ الذهب من الإجازة مدفوعة الراتب"
وفجاءةً ؛ يقوم شيخ الذهب بوقف صرف الراتب لهذا الموظف . . . وبعد عدة أشهر يبلغه عن استغنائه عن خدماته . وتبدأ المرحلة الثانية من استراتيجية شيخ الذهب "مرحلة تقطير مستحقات نهاية الخدمة"
وكلما طلب الموظف صرف مستحقاته يعطى دفعة منها ؛ والهدف منها عدم منح الموظف فرصة لاستثمار مستحقاته في عمل خاص في مجال الذهب . . . وكما في المرحلة الأولى يحدث في الثانية "قد تمتد إلى سنة كاملة"
ومع نهاية هذه المرحلة يجد صاحبنا "الخبير" نفسه عاجز عن فتح عمل خاص به ؛ ويعود إلى السوق باحثاً عن وظيفة . . . فيتفاجأ أنَّه لم يعد ذلك الخبير الذي يتسابق شيوخ الذهب لتوظيفه والاستفادة من خبراته وقدراته ، ولا ذلك الألمعي الذي يتسابق التجار الكبار والصغار على مشاركته .
بل تكون الصدمة الكبرى لصاحبنا الخبير عندما يجد أغلب العاملين في سوق الذهب قد نسيوه ولايعرفونه .
ومن يعرفه يتجاهله .... ومنهم من يقول له (جرينا وراك لما كنت نخلة والبلح فوقك) بمعنى ؛ جرينا وراك عندما كانت المصلحة متبادلة "نستفيد منك وتستفيد منا ونخدم المجتمع بتعاوننا" أما اليوم فقد أصبحت عالة على المجتمع ، والكثير لم يعد يثق فيك ، ومساعدتك خسارة لنا ولن يستفيد المجتمع منك . . . وكما أعطيتنا ظهرك في الأمس نعطيك أحذيتنا اليوم .
كذلك في سوق السياسة ؛ يقع الكثير من القيادات كما وقع صاحبنا خبير الذهب فيخدعهم شيخ السلطة كما فعل شيخ الذهب ؛ فيغترون بالسلطة ويعطون ظهورهم لمن كانوا شركاء في صناعة الفرصة التي أوصلتهم إلى السلطة .
ومع مرور الوقت يحترقون احتراق بطيء ؛ احتراق ذاتي لا يشترك فيه أحد . . . وعندما يقرر شيخ السياسة اصدار قرار نهاية الخدمة ؛ يبحثون عن رفاقهم ويطلبون مساعدتهم فيكون الرد عليهم كما قال القعيطي ؛
قال القعيطي حاجتي من صاحبي
كسب المخوة خير من دحراجها
ذي ما كسب له اصحاب وقت العافية
يدور حذاها وقت ما يحتاجها