جميعنا نتذكر يوم النكبة عشية سقوط صنعاء، ونتذكر مارس2015م, ونتذكر الأيام والشهور التي تليه, كل المواقف التي شكلت فارقًا نتذكرها تمامًا, وإذا نسينا فإنّ في هواتفكم وحساباتكم على التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية والإلكترونية ماسيعينكم على إنعاش الذاكرة.
فالتوثيق, بالطبع, ضرورة وقراءة البدايات والنهايات متعة, وغدًا سوف نرحل جميعنا إلى التاريخ وسيبقى التاريخ وحده شاهدًا على الإنتصارات التي سطرها السلفيّون جنوباً وشمالاً بدماءٍ طاهرة وسلاحٍ شخصي.
وهذه الحرب منذ يومها الأول كانت حربا شاملة بين النقائض كلها:
العرب والفرس, اليمن وإيران, الشيعة والسنة, الحوثي والسلفيين, حضارةٌ منتهاها عاد والأحقاف وسبأ وسام, وحضارةٌ أرادوا أن تكون عمامة خامنئي وعقال تميم وجنبية حسين الحوثي هي مبتدأها.
وقبل ثلاثة أعوام ونصف بدا أنّ الحوثي قد أعدّ كل شيء, إنطلاقة الحرب, السلاح والجنود, قطر وإيران والأمم المتحدة, الناصري والإصلاح, مُحرريّ الأخبار وقرّاء الصحف, حفاريّ القبور وبعضًا من ولاة الأمور, الإنس والجان, لندن والروس والألمان, حتى فادي باعوم وتوكل كرمان.
وكنّا وحدنا, نحن والجنوب ومليشيات الحوثي بالأسلحة والدبابات, حتى صاح صوتٌ من قريب: "لاتيئسوا, ولا تبتئسوا, الله معنا فمن علينا؟". وكان هذا صوت مجاهدو السلف الصالح الأبطال اللذين كانوا في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الأرض والتاريخ والهوية إنتصاراً لله والدين والوطن وإلى جانبهم رجال المقاومة الجنوبية الأشاوس.
والناس صفحاتٌ في خاتمة المطاف, وقد مررنا منذ بداية الحرب بصفحاتٍ كثيرة تقول بأن البقاء للأقوى, وقوة الحق سيغلبها الحوثي بوفرة المال والسلاح, والكرامة على أيّة حال لايمكنها مقاومة دبابة الحوثي أو التصدي لكتائب الحسين, وكان فعلًا البقاء لمن ينتصر لله وللدين, يدافع عن الأرض والوطن وإن كان لايملك وفرة في المال والسلاح, إلّا أنه إمتلك الإيمان بالله, محفوفًا بالأدعية والإبتهالات.
لقد كانت بالتأكيد معركةٌ هائلة بين مصفوفتين متعارضتين من القيِّم, وأعترف: في بداية الحرب لم أكن على ثقة كبيرة بالإنتصار على الحوثي, لكنني كنت مؤمنًا بضرورة الإنحياز لما نؤمن به حتى ولو ذهبنا جميعنا إلى النهاية,وهانحن قد ذهبنا إلى2018 وفي طريقنا إلى19, وخلال 3 أو 4أعوام مررنا بدروس مئات الأعوام.
أمّا أنا فلم أكن أتوقع على الإطلاق بأن يتفوق المُقاوِم السلفيُّ الحافي على أسلافهِ من الأوس والخزرج وأسلافهم الاوائل إلى هذا الحد, وبسلاحهِ الشخصي يُهين أحفاد فارس وكسرى ويدمر مشاريعهم التمددية برمتها, ويسحق في الجنوب والساحل الغربي والحديدة بزة الحوثي الكهنوتية وعمامة خامنئي الإمامية وعقال تميم الأسود.
بإيمان وبسالة وشجاعة عمالقة الجنوب السلفيين, يُهان سلاح أمريكا ويفشل خبراء إيران ويقتل مجندي حزب الله وتبدد أموال قطر ونعاجها التي لم تفهم بعد, ولن تفهم قط. دحر المليشيات الإنقلابية الحوثية وتحرير الأراضي منها, مجدٌ السلفيّين الأسطوري الذي لن ينساه الماضي ولن يتجاوزه الحاضر, والتاريخ من سيبقى شاهدًا على ذلك.