على حافة الهاوية

همس اليراع

على حافة الهاوية

قبل 6 سنوات

سلّط تمرير مجلس حقوق الإنسان في جنيف لقرار تمديد مهمة فريق الخبراء التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، الضوء مجدّدا على ارتباك منظمّة الأمم المتحدة في التعاطي مع الملف اليمني المعقّد، وفشلها في النأي بعملها في اليمن عن نوازع التسييس والتأثر بضغوط أطراف معيّنة، ما مثّل خصما جديدا من رصيد ثقة الغالبية العظمى من اليمنيين بالمنظمة، وبإمكانية قيامها بدور إيجابي في إنهاء الصراع الدامي في بلدهم، وتقصير أمد معاناتهم، خصوصا وأنّ المنظمة ذاتها هي من تتولّى عن طريق مبعوثها مارتن غريفيث، محاولة إطلاق مسار سلام في اليمن.

ووُصف تمرير القرار بـ”القسري” كونه افتقر للإجماع حوله ولموافقة أطراف أساسية وفاعلة في الملف اليمني، على رأسها الحكومة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ذاتها.

وأعلنت الحكومة اليمنية، رفضها تمديد مهمة فريق الخبراء التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان وجددت رفضها التعاون مع الفريق الذي تتهمه الحكومة والتحالف العربي بالانحياز للميليشيات الحوثية وعدم المهنية ومحاولة تسييس الملف الإنساني في اليمن.

وجاء الموقف الرسمي اليمني على لسان وزير حقوق الإنسان محمد عسكر، في أعقاب تصويت مجلس حقوق الإنسان في جنيف الجمعة، على تمديد عمل فريق الخبراء في اليمن لمدة عام، في ظل انقسام غير مسبوق حيث صوتت 8 دول ضد القرار و21 لصالحه، بينما امتنعت 18 دولة عن التصويت، وهو الأمر الذي يشير إلى الفشل المبكر للفريق وعدم أهليته بالنظر إلى حالة الانقسام الكبيرة حول مهنيته.

وفي تغريدة له على تويتر أشار الوزير اليمني إلى موافقة مجلس حقوق الإنسان على القرار العربي لتقديم المساعدة الفنية والتقنية للجنة الوطنية للتحقيق في اليمن بالإجماع، وهو ما اعتبره ناشطون حقوقيون غير ذي جدوى على الصعيد العملي وأنه بمثابة ترضية أوروبية للمجموعة العربية في المجلس.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” من جنيف إن المشاورات التي تمت بين المجموعتين العربية والأوروبية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أخفقت في التوصل إلى صيغة قرار موحدة، حيث تبنى المشروع الهولندي الذي دعمه الأوروبيون فقرة خاصة بدعم جهود فريق الخبراء البارزين المعين من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان، في الوقت الذي أصرّت فيه المجموعة العربية على إنهاء عمل الفريق والعمل على دعم جهود اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان.

وخرجت قطر عن المجموعة العربية في جنيف من خلال تصويتها لصالح تمديد عمل فريق الخبراء المتهم بالانحياز للحوثيين، وهو ما يؤكد وفقا لمراقبين صحة التقارير التي تحدثت عن دور قطري مشبوه في التقرير الصادر عن الفريق والذي تغافل عن الانتهاكات الحوثية وسعى لتجريم الحكومة الشرعية والتحالف العربي.

وفي تعليق على نتائج التصويت في اجتماع مجلس حقوق الإنسان بجنيف، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي تشترك بلاده بشكل رئيسي في تحالف دعم الشرعية اليمنية بقيادة السعودية، في تغريدة على تويتر إنّ “قرار مجلس حقوق الإنسان حول اليمن وتحت البند الثاني جاء منقسما وانتفى عنه الإجماع التقليدي، ويعود ذلك للتقرير غير المتوازن والمغالطات المنهجية، وللأسف لم تنجح محاولات المجموعة العربية للوصول للإجماع. والمحصلة أن أي تقارير مستقبلية ستكون خلافية ومن طرف واحد”.

وألقى ناشطون حقوقيون باللائمة على وزارة حقوق الإنسان اليمنية المعنية بالملف الحقوقي نتيجة لإخفاقها في كشف الانتهاكات الحوثية وإقناع المجتمع الدولي وخصوصا الدول الأوروبية في مجلس حقوق الإنسان.

وفي تغريدة له على تويتر وصف الناشط والصحافي اليمني سام الغباري نتيجة التصويت في مجلس حقوق الإنسان حول الملف اليمني بأنها “فشل جديد لوزارة حقوق الإنسان في اليمن بعد تصويت مجلس حقوق الإنسان للمقترح الهولندي بالتمديد لفريق الخبراء”.

وأضاف الغباري “لم تستطع الوزارة إقناع دول العالم بعدالة القضية اليمنية وكشف جرائم العدوان الحوثي الإيراني، هذا الفشل المريع يدعو الحكومة إلى تغيير منهجيتها ووزارتها أيضا”.

وفي تصريح لـ”العرب” حول خلفيات ودلالات التصويت الغربي لصالح تمديد عمل فريق الخبراء البارزين، أكدت مستشارة وزارة حقوق الإنسان اليمنية وفاء الوليدي أن رفض الحكومة اليمنية لقرار مجلس حقوق الإنسان حول التمديد والتوسيع للّجنة يفقد الأخيرة أهميتها.

وأشارت الوليدي إلى أن قرارات المجلس ليست ملزمة للدول وتستطيع الحكومة اليمنية منع لجنة الخبراء من الدخول إلى أراضيها طالما رفضت الحكومة مسبقا التعامل مع هذه اللجنة التي تنحاز بشكل واضح للميليشيات الانقلابية.

وأضافت “يظن البعض أن التمديد للجنة الخبراء الدولية فيه إنصاف للضحايا أو حماية للمدنيين، وهذا فهم خاطئ، بل على العكس من ذلك، حيث أن انحياز هذه اللجنة كان واضحا منذ البداية للانقلابين ومن خلال التقرير الكارثي الذي قدمته وغابت عنه الدقة والموضوعية والحياد وأغفل الكثير من الانتهاكات في حق الشعب اليمني ولم يذكر ما تعرض له رئيس الدولة من احتجاز ووضعه قيد الإقامة الجبرية واعتقال الكثير من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين والصحافيين الذين لا يزالون في سجون الحوثي حتى اللحظة، إضافة إلى التجاهل المتعمد لحصار مدينة مكتظة بالسكان مثل تعز، وزرع الألغام وتحويل السكان إلى دروع بشرية وتغيير المناهج الدراسية على أساس طائفي وتدمير الاقتصاد الوطني وفرض الجبايات غير القانونية وتفجير منازل المعارضين السياسيين للميليشيات الحوثية”.

وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت في بيان لها الخميس، استبق قرار مجلس حقوق الإنسان رفض التمديد لمجموعة الخبراء البارزين “كون المخرجات التي توصلت إليها المجموعة والواردة في تقرير المفوض السامي قد جانبت معايير المهنية والنزاهة والحياد والمبادئ الخاصة بالآليات المنبثقة عن الأمم المتحدة، وكون هذه المخرجات قد غضت الطرف عن انتهاكات الميليشيات الحوثية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”، مؤكدة أن “الآليات الوطنية هي الآليات الوحيدة القادرة على الإنصاف والمساءلة والقادرة على الوصول، وأن الآليات الدولية ما هي إلا أدوات تكميلية لها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلة عنها”.

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر