تشبيه مجلس النواب بمجلس اللوردات ليس انتقاصا من نوابنا ولا من مجلس اللوردات البريطاني ولكنها مجرد دعابة، فالعضوية في مجلس اللوردات دائمة ويتم توارثها والبرلمان اليمني المعتق قريب الشبه بمجلس اللوردات من حيث طول فترته.
بعد فوز الاخ د مهدي عبدالسلام بعضوية البرلمان عن الدائرة (٢٤) في احدى الانتخابات التكميلية كنا نتجاذب أطراف حديث لم يخلو من دعابة عندما قال د مهدي، (خلاص، لا داعي لإجراء انتخابات برلمانية، يخلونا هكذا وكلما يموت واحد ننتخب بدله)، وكما يقولون، ألسنة الناس أقلام القدر، فمنذ ذاك توقفت الديمقراطية عن النمو وذهبت لحالها وعاد كل شيء لاصله.
كان د مهدي عبدالسلام مديرا عاما للتربية والتعليم في محافظة تعز قبل انتخابه، وكان الأشقاء في تعز (يفشون خلقهم) فيه لانه جنوبي فيما بقية مدراء العموم من القرية أو من الهضبة ومثل هؤلاء لا يجرؤن على انتقادهم.
عندما قال المرحوم عبدالكريم الارياني جملته الشهيرة (الاغلبية المريحة) فقد عني ما يقول، إذ كان المؤتمر الشعبي العام يشكل غرفة عمليات لكل دائرة انتخابية بميزانية مريحة، تتولى غرفة العمليات هذه تشتيت أصوات الفائز المحتمل من غير المؤتمر الشعبي بالدفع بمرشحين مستقلين بقصد تشتيت الأصوات بحيث يحصل مرشح المؤتمر على الأصوات الأكثر حتى لو كانت ١٠% من أصوات ناخبي الدائرة، وهكذا حصل كل أعضاء البرلمان على مقاعدهم ب ١٥% فقط من أصوات الناخبين (إحصاءات شبه رسمية من لجنة الانتخابات).
واقع الحال ان ما تبقى من شرعية للبرلمان البالغة ١٥% قد تآكلت بفعل انسلاخهم عن الواقع وعن ناخبيهم وبفعل تشتت ولاآتهم وتشظيها ونظن أن ال ١٥% من الجيل الذي انتخبهم قد اتت عليه صروف الدهر بين فقر وجوع ومرض وحروب لم تتوقف منذ عام ١٩٩٤م.
لست متنبئ ولا قارئ كف، لكن الفشل الشامل الذي نراه ولا نستطيع تحميل طرف بعينه مسؤوليته، فشل في الجبهات وفشل في إدارة الملف الخارجي (سياسي وانساني) وفشل في إدارة المناطق المحررة، يجعلنا نجزم أن البرلمان المتآكل لن يشذ عن قاعدة الفشل هذه، ولن يقدم حلولا لأي من المعضلات التي نعيشها، إلا إذا كان هناك معنى في بطن صاحب القرار لا نراه.
على السؤال الذي لم نجد له جوابا هو، هل الهدف من برلمان سيئون هو منافسة انقلاب لا يعترف به أحد، أو هو بقصد إنتاج شرعية رديفة تزيد من تعقيد وتجاذب أطراف الشرعية، أو بقصد إنتاج شرعية بديلة؟.
عدن
٩ أبريل ٢٠١٩م