ليس غريباً على المرأة الجنوبية أن تكون كما عهدناها في طليعة القوى المجتمعية الفاعلة في مواجهة قوى الاحتلال من خلال حراكها السلمي المجتمعي برغم ظروفها التي آلت إليها بسبب نظام الإقصاء الذي تعرضت له بعد الوحدة ، كما أن ذلك ليس جديد عليها أن تناضل إلى جنب الرجل وتتحدى الصعاب فقد كان نضال المرأة النوفمبرية شاهدا على نضال المرأة الجنوبية في مقارعة الاحتلال الأول حيث وضعت نساء جنوبيات كثر بصمات ملموسة في الدفاع عن الجنوب واستقلاله، وكرامة أبنائه ، وسيادته وستظل كذلك بإذن لله حتى نيل الوطن الجنوبي استقلاله الثاني .
فيما سبق حققت للمرأة الجنوبية في ظل دولة الجنوب ما لم تشهده نساء بقية دول الخليج العربي، حيث تحققت المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار. وصارت المرأة الجنوبية في بداية 1970 م أول نائب وزير، وأول عميد كلية اقتصاد، وأول مذيعة تلفزيون، وأول مذيعة إذاعة، وأول جامعة على مستوى الجزيرة العربية تتقلد فيها امرأة منصب عمادة كلية و أول رئيس تحرير لصحيفة على مستوى الخليج، وأول امرأة تصبح قاضي وأول مناضلة حيث كانت أول من نالت شرف الاستشهاد الفدائي الشهيدة خديجة الحوشبية والمناضلة دعرة ، وأول امرأة تصبح كابتن طائرة مدنية أول امرأة تقود السيارة في شبه الجزيرة العربية . كما كانت عدن أول مدينة عربية تحتضن أول تشكيل حركة نسائية في شبة الجزيرة العربية، حيث كانت أول تظاهرة ضد العنف المنزلي للنساء في شبة الجزيرة العربية في عدن في العام 1951 . كما كانت دولة الجنوب من أوائل الدول التي وقعت وصادقت على الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) في مايو 1984 م ، كما تم منح الاتحاد العام لنساء الجنوب ميدالية (كروبسكايا) من قبل منظمة اليونيسف لإنجازاتها في القضاء على الأمية من بين أوساط النساء .
وبعد نحو أكثر من عشرين عاما من الزمن في النضال لاستعادة الدولة أضحى حوالي 80 بالمائة من مجموع السكان محتاجين إلى المساعدة الإنسانية. وبما أن عددا كبيرا من الرجال يصابون بجروح أو يُقتلون أو يشاركون في المعارك في الجبهات المشتعلة كالضالع، فإن النساء مجبرات على مواجهة تحديات جديدة، فهن يجدن أنفسهن في غياب الرجال في مسؤولية وواجب عليهن كسب قوت عائلاتهن.
لم يكن وضع المرأة في الجنوب مختلفًا عما كان عليه في مناطق أخرى من العالم، حيث مر هذا الوضع عبر التاريخ بمراحل من التمييز، مما أدى لخضوع المرأة لقيود على حقوقها وحرياتها، بعض هذه القيود تأسست على المعتقدات الدينية، ولكن العديد من هذه القيود ترجع إلى الثقافة كما تنبع من العادات والتقاليد القبلية أكثر من كونها قائمة على المعتقدات الدينية. وتمثل هذه القيود عقبة نحو حقوق وحريات المرأة، وتنعكس بالتالي على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعدالة الجنائية والاقتصاد والتعليم وكذا الرعاية الصحية والمهنية.
كما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة ا تومسون رويترز وشمل اثنتين وعشرين دولة عربية، ان ثلاثا من بين الدول الخمس التي طالتها انتفاضات الربيع العربي منذ عام 2011 - تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا – احتلت المراتب الأخيرة ضمن قائمة الدول العربية التي تراجعت فيها حقوق المرأة.
وفي اليمن الذي احتل المرتبة الثامنة عشرة – حسب الاستطلاع - تواجه المرأة معركة صعبة للحصول على حقوقها في دولة محافظة بدرجة كبيرة يتفشى فيها زواج القاصرات، وينشط فيها تنظيم القاعدة في الجنوب وجماعة الحوثي في الشمال الذي يتبنيان تفسيرا متشددا للإسلام.
تشكل المرأة الجنوبية الآن خطوات صغيرة في اتجاه الاستقلال وبالرغم من الدمار الذي تحدثه الحروب، فإننا نتأمل في أن تحصل كافة نساء الجنوب على آفاق مستقبلية أفضل، "هذا لن يحصل بين عشية وضحاها" بالرغم من كونها نصف المجتمع ما زال الرجل يسيطر على مجريات الأمور بها.
ولكن يبقى حتى يومنا هذا مازالت بعض النساء يجدن صعوبة في الحصول على التعليم أو الرعاية الصحية، وهناك أخريات يقاتلن من أجل أجور أفضل، لكن رغم كل شيء فالعالم أصبح مكانا أفضل للمرأة عما كان عليه من قبل وحققت المرأة انجازات عظيمة فقد ارتفع عدد النساء في الجنوب اللاتي يحصلن على التعليم العالي، ومع ارتفاع درجة تأهيل المرأة، زادت أيضا فرصها في الحصول على فرص عمل أفضل، وأصبحت كثير من الأسر أكثر قدرة على توفير مستقبل اكثر اشراقا لبناتهن وبالتالي أكثر وعيا بقضيتهن المنُتهكة.