وقَعَت عدة دول عربية تحت طائلة الحصار الشامل التي فرضها الفصل السابع والذي وُضعت اليمن تحت طائلته منذ النزاع على السلطة الذي سبَّبته تداعيات الخريف العربي في 2011 مروراً باجتياح الجنوب الذي اعتدَت فيه قوات الحوثيين وقوات عفاش على الجنوب والتي سمحت بالتدخل العسكري للتحالف العربي ..
تم وضع العراق تحت البند السابع الذي أتاح استخدام القوة ضده نتيجةً لاعتدائه على الكويت, ومثله السودان الذي وضع تحت البند السابع لاعتدائه على دارفور.وقد خرجت الدول المذكورة فعلياً من الفصل السابع وتم وضعها تحت الفصل السادس.. فأولها العراق الذي تم خروجها في 2016 بقرار أممي والسودان التي خرجت مؤخرا في 2020 أيضاً .
وتحاول الأمم المتحدة منذ مدة تطبيق بناء السلام خصوصا مع الاعتراف بشرعية الحوثيين كحكومة أمر واقع فرضت نفسها شئنا أم أبينا والقادم واضح جداً باحتمالات قوية لدخول اليمن تحت الفصل السادس الذي يُخضعها للمراقبة الدولية من دون التدخل العسكري.
ويدار الصراع بطريقة لا تسمح للجنوبيين الذين كونوا مجلساً انتقالياً يطالب باستعادة الدولة التي كانت موجودة قبل 90 ميلادية بينما يفرض عليهم المشاركة ضمن وفد الشرعية اليمنية في أي مشاورات أو مباحثات نهائية وليس كطرف فاعل يمثل تطلعات الشعب التي لولاها لم ولن يحقق المشروع العربي أي انتصار يذكر..
ويزداد المشهد سخونة بانضمام المجلس السياسي الشمالي الذي كوّنه طارق صالح نهاية الأسبوع الماضي والذي قوبل بمناهضة واستياء شديدين من قبل الإخوانيين, وهذا ينذر بأن اليمن يسير إلى ما كان مقترحاً من تقسيمه إلى ثلاثة اقاليم جنوبي وشمالي واقليم وسطي على حسب التمايزات في المذاهب الدينية.
وإلى المبادرة السعودية التي جاءت مباشرة بعد اجتماع الوفد الأمريكي بأنصار الله في مسقط, والتي حاول الامريكيون إقناع الحوثيين بالقبول بالستة الاقاليم ونصيبهم بالخمس في كامل مؤسّسات الدولية المدنية.. من مجلس رئاسة إلى حكومة إلى مجلس نيابي، وإعادة تشكيل اليمن بحيث يكون الحوثيون حزباً سياسيا له حجمه مثل الاصلاح والمؤتمر, وسيقع اليمن بعد توقُّف الحرب تحت وصاية الأمم المتحدة أي انتقاله إلى "الفصل السادس" التي ستشرف على تقسيم اليمن إلى ستّة أقاليم بين جميع محافظات الجنوب والشمال، وأن يكون هناك نوع من الإدارة المحلية لكلّ إقليم، على أن يكون المشترك هو السياسات المالية والدفاعية والخارجية.
وقد رفض الحوثيون جميع تلك المطالب وشددوا على رفع الحصار ووقف فوري لجميع العمليات العسكرية في إطار إعلان شامل لوقف الحرب كلّياً على اليمن، ورفع الحصار عن المطار وعن الموانئ والمنافذ البحرية والبرّية، وبدء عملية إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين، وعلاج الجرحى داخل أو خارج اليمن..وكان الشرط الحوثي الأكثر جدلاً أن يتم ترتيب سريع لإدارة الثروات الوطنية في اليمن التي تتركز في الجنوب ! وذلك لناحية حصّة الشمال من النفط الموجود في مناطق الجنوب، وأن يبادر المصرف المركزي في عدن إلى صرف رواتب جميع العاملين في كلّ إدارات الدولة في المحافظات الشمالية، وأن يتمّ توزيع النسب على أساس عدد السكّان، وعليه يكون لمواطني المحافظات الشمالية ثمانون في المائة من الثروات إشارة لنسبتهم من عدد السكان !
بعد كل ما سبق يستحيل أن يكون الحوثيون حمامة سلام ويستحيل أن تكون الشرعية اليمنية نداً لهم فهي ضعيفة ولا تمتلك حاضنة شعبية في الشمال أو الجنوب ..
ومن المهم إلى الأهم كيف نستطيع أن نقنع العالم أن المجلس الانتقالي يمتلك مشروع بناء حقيقي يضمن استقرار اليمن في الجنوب والذي تحاول بعض الأطراف تسويق الجنوبيين على أنهم جماعات ستتقاتل فيما بينها وأن الانتقالي سوف لن يكون قادراً على بناء أسس الدولة ..كل هذه الإدعاءات باطلة والدليل أن وجود الانتقالي عسكرياً في الجنوب حقق مكاسباً كبيرة لحفظ الأمن, ووجود قوى داعمة للإرهاب تعاديه هو دليل أكبر على أن مشروعه سلمي ولن يؤدي إلّا إلى حفظ المصلحة العامة للمواطن في الجنوب وحتى الشركات وطرق التجارة التي لن تزدهر إلّا بوجود نظام مستقر.. ولا بديل عن المجلس الانتقالي في الوقت الحالي ..مهما حاولت قوى أخرى تسويق نفسها على أنها فاعلة في الشارع الجنوبي إلا أنها لا تحمل أي مشروع يلبي تطلعات الشعب الجنوبي.
فإذا كان الأشقاء معنيون حقاً بمصالحهم ومصالح الدول العظمى فلا خيار لهم إلا أن يثقوا تمام الثقة بقدرة المجلس على ضبط الأمور في الجنوب وسيظل الحوثيون يساومون على مالا يملكون تاريخياً وقانونياً وسيظل الجنوبيون صادقون دوماً في كل وعودهم وتعهداتهم ..وهذا ما أثبتته الوقائع والأيام, وإن غداً لناظره قريب.