يتساءل معظم المتابعين عن استمرار صلاحية المبادرة التي أطلقتها السعودية للسلام في اليمن.
بعد الهجمات المتكررة من المليشيات الحوثية مؤخراً على منشئات مدنية في استهداف واضح للمدنيين.
وقبل أن أجيب عن هذا السؤال وعن السؤال الآخر الأهم الذي" هو لماذا هذه الضبابية وعدم الوضوح في الإعلان من قِبل الولايات المتحدة عن الموقف الأمريكي من هذه المبادرة؟ رغم أن المبادرة في الكونغرس لاقت ترحيباً لوقف الحرب في اليمن باعتبار أن الكرة الآن في ملعب الحوثيين وعليهم وداعميهم الإيرانيين إثبات أنهم جديون في مساعي السلام؟
بداية لا بد من الاعتراف بأن إعلان السعودية عرضاً على الحوثيين يمثل ترتيبات مستقبلية ممكنة لوقف إطلاق النار إلى جانب تأييد هذا الأمر من قبل الحكومة الشرعية والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي جعل موقف الحوثيين الرافض لأي سلام موقفاً مكشوفاً لكل القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.. فقد أدرجت المبادرة مطالب الحوثيين المتصلة بإعادة فتح المطار في العاصمة اليمنية صنعاء ورفع الحصار عن ميناء الحديدة، وفي هذا أبلغ رد على زعم الحوثيين عبر المتحدث باسمهم بأن السعوديين "لم يقدموا شيئاً جديداً"، بل وبمقارنة موضوعية بين كل المبادرات السابقة نتوصل إلى خلاصة قاطعة أن المبادرة السعودية توازي السمات الرئيسية لمبادرة الإعلان المشترك التي قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى الأطراف في العام الماضي، بالإضافة إلى الاقتراح الذي قدمه المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ خلال زيارتين حديثتين إلى المنطقة، ويمكنني هنا اختصار بل وتوصيف المبادرة السعودية بأنها "مواءمة سياسية" لإنهاء الصراع في اليمن اتساقاً مع سياسة المجتمع الدولي، الذي سيكتشف من خلال هذه المبادرة أنه مضطر إلى إلغاء وإنهاء ما عرف لأشهر عديدة بـ"البيئة الدولية الحاضنة للحوثيين بشكل كبير"، بالرغم من سجلهم المروع في انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
الموقف الحوثي من المبادرة لا يمكن التوقف عنده أبداً، فالحوثيون ليسوا إلا ورقة تفاوضية يشغلها نظام الملالي وهم كما حزب إيران في لبنان مستعدون للتضحية حتى آخر مواطن في بلدهم خدمة للمشروع الفارسي في المنطقة، وبالتالي فلا يعدو رفضهم للمبادرة سوى ما أُملي عليهم من المفوض السامي الإيراني حسن إيرلو الذي يحكم صنعاء.
أما الموقف الأمريكي فهل يمكن أن يكون له أي تأثير؟ خاصة أن الرئيس بايدن الذي كان يكرر دائماً أنه يريد حلاً سلمياً للمشكلة اليمنية، بالرغم مما في كلامه المتكرر هذا من تجاهل كبير للحقائق المرتبطة بأسباب المشكلة والطرف الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية.
اليوم تقدم السعودية مبادرتها من منطلق الحرص على سلامة اليمن وشعبه ومستقبله، لكن الحوثيين رفضوا المبادرة منذ لحظة إعلانها، فما هو موقف الإدارة الأمريكية من ذلك الرفض؟
رغم تصريح المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية الذي قال إن على مليشيات الحوثي أن تحسم موقفها الآن وتحدد ما إذا كانت ستقف مع أو ضد الشعب اليمني، إلا أن الحوثيين زادوا من وتيرة هجماتهم بالطائرات بدون طيار وكذلك بالصواريخ على الأراضي السعودية ظناً منهم بإمكانية حل النزاع بشروط مواتية لهم.. واليوم نقلت السعودية كرة السلام في اليمن لملعب الحوثي والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة عبر مبادرتها لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل في فرصة أخيرة للمليشيا الانقلابية حتى تراجع حالة التبعية التي تتملكها عبر اختطاف قرار الشعب اليمني، والتي هي جزء منه من قبل النظام الإيراني.
السعودية اليوم قالت كلمتها ويبقى المطلوب أن يهيئ الدعم الإقليمي والدولي الواسعان للمبادرة السعودية ولإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمراجعة موقفها من هذا الملف، وهي التي يكثر الحديث بين فريقها عن الرهان على تليين مواقف الحوثيين وجلبهم إلى مائدة التفاوض وضمهم إلى مسار سياسي يحقق الاستقرار في اليمن.