بداية لا بد من الإشادة هنا بالدور الملحوظ لنشاط المرأة خلال فترة ما بعد تحرير العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب؛ والذي بدأ ينمو وعلى أكثر من صعيد رغم كل المعوقات والصعوبات التي مازالت تواجهها وتعترض طريقها وبصور مختلفة؛ ومسجلة حضورها المتعدد الأوجه وبروح مثابرة تستحق منا كل التقدير؛ ونأمل أن يكون ذلك منطلقا وبداية حقيقية تستعيد فيها المرأة الجنوبية مكاسبها ودورها الفاعل ومكانتها المميزة التي وصلت لها قبل عام ١٩٩٠م
إننا هنا ومرة أخرى نكرر القول ونجدد الموقف من المرأة وحريتها وحقها في المساواة مع أخيها الرجل؛ فالحرية واحدة للرجل والمرأة ولا يمكن تجزأتها في أي مجتمع تسوده المواطنة المتساوية أو يسعى لتحقيق ذلك ولو بالقدر الممكن والمتاح ووفقا للظروف التاريخية الملموسة؛ فحرية الرجل ستكون ناقصة عندما لا تتمع بها المرأة بالضرورة .
وحديثنا عن المرأة ينطلق من التقدير لمكانتها الرفيعة في المجتمع وهي راسخة في حياتنا الخاصة والعامة؛ ولأنها أيضا النصف الأخر والأجمل في المجتمع؛ ولهذا سيبقى الإعتراف والإقرار بذلك أساسا سليما وصحيحا للموقف المنصف والعادل والتقييم الحقيقي والإيجابي لأدوارها العظيمة المؤثرة والمتعددة؛ ومقياساً حاكماً للرجل الفرد ولكل الهيئات والمؤسسات على صعيد الدولة والمجتمع .
لقد قلنا ونؤكد القول مرة أخرى بأن يقين العقل يبرهن لنا ويقنعنا كذلك منطق الحياة وبكل تجلياتها وصورها وأبعادها الإنسانية والوجدانية والإجتماعية؛ بأن المرأة كانت وستبقى كما خلقها الله سبحانه وتعالى أحد الأسرار الكبرى في هذه الدنيا؛ وعنوان جمالها الأكبر والأكثر تميزاً وفرادة وقدرة على التحمل.
لقد عرفت الإنسانية وتعلمت من الحياة عبر التاريخ وبتجاربها المعاشة المختلفة وحتى يوم الناس هذا؛ بأن المرأة هي صاحبة الرصيد الأكبر في سجل الآلام والأحزان والفواجع الإنسانية؛ وهي التي تعاني من أشكال شتى من ممارسات القهر والعنف والتمييز داخل الأسرة والمجتمع ضدها وبوسائل متعددة؛ ولعل أسوأها وأقبحها هي تلك التي تبرر هذا الفعل المشين أو ذاك بأسم الدفاع عنها أو الحفاظ على كرامتها .
ولهذا فإن الموقف من كل ذلك يعدٌ معياراً تقاس به رؤية وسلوك ومواقف الرجال من الحياة ذاتها؛ وعلى مدى إنحيازهم الحقيقي لعملية بناء المجتمع السليم والمتماسك والقادر على توفير الظروف الملائمة للبناء المتناغم بين عطاء الجنسين للمجتمع؛ والذي يستلزم بالضرورة إنصاف المرأة وتمكينها من حقوقها الطبيعية كاملة في كل ميادين الحياة؛ وبما يردم الهوة بين النصوص الدستورية والقانونية؛ وإنزال المواقف السياسية المعلنة بشأنها من سماء الشعارات إلى أرض الحقيقة والواقع المعاش؛ ومغادرة الحالة المعيبة في التعامل معها ( كديكور ) شكلي يخفي سياسة التهميش القبيحة لها؛ ولعله من المناسب هنا الإشادة بما حظيت به المرأة في إطار هيئات المجلس الإنتقالي الجنوبي من إهتمام وتمثيلها في كل هيئاته القيادية ودوائره المختلفة .
إن ثنائية الكرامة والكبرياء الأنثوي عند المرأة؛ هي التي تختزل ثقتها بنفسها وقوتها وصلابتها؛ ففي هذه الثنائية الرائعة والنبيلة تفرض على الرجال إحترامها بسلوكها الإجتماعي والأخلاقي الرفيع؛ وتنتصر لمنظومة القيم الإجتماعية الفاضلة والحفاظ على أسرة صالحة قوية ومتماسكة .