لم تفشل شرعية هادي وعلي محسن لعدم توفر إمكانيات النجاح، بل أن فشلها كان مخططاً وممنهجاً ومدروساً بإتقان، وقد حقق النافذون في هذه الشرعية من وراء هذا الفشل مئات الملايين من الدولارات وبعضهم مليارات، ولو لم يحققوا فشلهم هذا لما حصدوا مليما واحدا ولا امتلك أغناهم شقة بحجرتين في مدينة كالقاهرة أو اسطنبول، فما بالنا بشوارع وأحياء بحالها صارت تسمى بشوارع اليمنيين وحارات اليمنيين، ناهيك عمن يمتلك في باريس ولندن وبرلين وأبو ظبي ودبي والدوحة وطشقند وسواها.
ولكي تنجح شرعية العليمي ورفاقه في التخلص من أسباب فشل أسلافها عليها أن تبرهن انقطاعها الكلي عن التراث البائس لمرحلتي عفاش ، هادي-محسن، وهما أساسا مرحلة واحدة لم يتغير فيها سوى الأسماء، أقول لكي تنجح هذه الشرعية في تجنب الفشل فإن عليها أن تقتلع جذور الفشل التي حافظ عليها أسلافها من خلال:
لا يمكن لأحد الادعاء بأن التحديات والمهام التي تقف أمام رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي هينة، لكن أكثر من نصف عوامل التغلب على تلك التحديات وإنجاز تلك المهمات تتوقف على الإرادة والإصرار والعزيمة فإن توفرت هذه، فإن نصف الطريق يكون قد تم عبوره وإن غابت فلن نظل إلا عند النقطة صفر وقد نذهب إلى ما دون الصفر.
وسأرجئ الحديث عن التحدي الأكبر المتمثل بحل القضية الجنوبية إلى آخر المنشور وسأتناول أهم التحديات والخطوات المطلوبة:
كل هذه التحديات والمهمات ليست هي الاستراتيجية الرئيسية للقيادة الشرعية الراهنة برئاسة الدكتور رشاد العليمي، ولكنه مهمات عاجلة ينبغي أن تتبناها القيادة الجديدة للبرهان على تميزها عن أسلافها وقطع الصلة نهائيا بكل موبقات الماضي البغيض القريب منه والبعيد.
فلا شك أن القيادة الجديدة تقف أمام اختبار جدي لمسؤوليتها التاريخية والجوهرية تجاه ثنائية الجنوب-الشمال، والوحدة-الانفصال (أو فك الارتباط أو تقرير المصير) أو أي مسمى أخر يمكن أن تتخذه عملية السير باتجاه العودة إلى وضع الدولتين الشقيقتين.
لن نكرر ما قلناه وقاله غيرنا آلاف المرات حول انتهاء وحدة 22 مايو بحرب الغزو والاجتياح البغيضة على الجنوب عام 1994م، ولن نكرر ما قلناه وقاله غيرنا آلاف المرات بأن وحدة 7 يوليو قد ماتت وثبت برهان موتها النهائي بغزوة 2015 للجنوب.
ولن نكرر ما قلناه وقاله غيرنا آلاف المرات أن الوحدة بالقوة أو بالخداع لم تقم ولن تقوم، وأن أية وحدة بين شعبين ودولتين لن تدوم ما لم تكن قائمة على التوافق وما لم تحمي المصالح المشتركية للدولتين والشعبين، وهذا ما تفتقده الحالة الراهنة التي يسمونها "الوحدة اليمنية" لكننا نشير إلى الحقائق الثلاث التالية:
ومن هنا على الجميع أن يقر بأن الشعب الجنوبي ليس ملزما أن يرغم الشعب الشقيق في الشمال على التخلي عن قناعاته بالتعايش مع الجماعة الحوثية ومشروعها وإجباره على مقاومتها بالقوة، بغض النظر عن رفضنا لهذا المشروع.
وفي هذا الإطار فإنني أقترح على القيادة الراهنة تشكيل فريق حوار ثنائي (جنوبي-شمالي) تكون مهمته وضع الدراسات والتصورات لرسم صيغة للحل النهائي لثنائية الشمال-الجنوب بالوسائل السلمية التوافقية وتجنيب الشعبين آلام ومآسي النزاعات والحروب التي استهلكت أعمار الأجيال دون أن تخرج البلد من دائرة التخلف والجهل والأوبئة والفساد والمواجهات والنزاعات.
والله من وراء القصد