الأمين برس- سهام الضالعي
منتصف يونيو الماضي توجه الطلاب إلى قاعات الامتحانات لأداء أول امتحاناتهم الفصلية النهائية من العام الدراسي, طلاب وطالبات استعدوا لهذه المرحلة كغيرهم من طلاب جامعة عدن, أكـثـر طلاب هذه الكلية يأتيها من مناطق جبلية بعيدة فـي أعالي جبال ردفان وحالمين، ساعات تستغرقها السيارة رباعية الدفع ليصل الطالب الى الكلية، وآخرون يلجؤون للبقاء فـي المدينة فـي (شقق العزبة) طوال أيام الدراسة بسبب بعد المسافة وارتفاع اسعار المواصلات. هو هروب إلى الامام حيث يسعى الطلاب المستأجرون لتوفير حاجيات العزبة وشراء الغذاء والماء والكهرباء جراء تعـثـر إنجاز مشروع السكن الداخلي للطلاب منذ سنوات.
وبينما كان الطلاب يهمون بدخول القاعات أتى ممثلو العمادة للطلاب والطالبات وطلبوا منهم إبراز بطائقهم التعريفية واعتبروها شرطاً لدخولهم قاعات الامتحانات وأنهم لن يقبلوا عذراً من أحد، خصوصا وأن العمادة أشعرت الطلاب مسبقاً بضرورة إحضار بطائقهم أو استخراجها من قسم التسجيل في الكلية نفسها للذين ليس لديهم بطائق وحذرت المتخلفين.
عشرات الطلاب أفرزتهم حملة البطائق التعريفية الجامعية ذلك الصباح ولم يسمح لهم بدخول قاعات الامتحانات من بينهم طلاب لديهم أوضاع مختلفة يتطلب مراعاتها، منها وضع الطالب زياد محمد قاسم مستوى رابع قسم كيمياء الذي لم يصمت وحاول أن يقنع هيئة عمادة الكلية بعدالة حالته يقول زياد «كانت بطاقتي التعريفية في مكتب التسجيل منذ أن تقدمت بطلب استخراجها وهي موجودة معهم في القسم»، وأضاف: «رحت إلى مسؤول قسم التسجيل مباشرة ليعطيني بطاقتي لكنني لم أجده في مكتبه حيث كان في عدن ذلك اليوم وفق ما قاله لي أثناء اتصالي به, أخبرته أنهم -أي شؤون الطلاب- منعوني من دخول الامتحان بسبب البطاقة إعمل لي حل يا استاذ، عدنان» لكن مسؤول قسم التسجيل طلب من زياد عبر الجوال أن يعطي الجوال لممثلي العمادة أو أي موظف في قسم شؤون الطلاب ليخبرهم أن بطاقة زياد في التسجيل وأن يسمحوا له بدخول الامتحان يقول الطالب: «لم يهتم أحدهم لما يقوله عبر الهاتف ورفضوا ذلك وأصروا على منعي»، حد قوله.
لكن اتهمت عمادة الكلية إن الطالب زياد تلفظ على مسؤولي شؤون الطلاب وهو ما نفاه الطالب زياد ووصفه بالافتراء في حقه.
لم يستسلم الطالب زياد إذ أحضر للعمادة وثائق ممهورة بتواقيع قسم التسجيل تدعوهم لإعادة النظر في قضيته.
عقد المجلس التأديبي في عمادة الكلية اجتماعاً استثنائياً للنظر في (أزمة الكلية حينها وإغلاق الكلية من قبل طلاب غاضبين) وأفضى الاجتماع إلى قرار فصل الطالب زياد من الكلية وإلغاء قيده, قرار صب الزيت على النار وتوسعت معه رقعة المتضامنين لترتفع مطالبهم بتغيير عمادة الكلية.
توقفت الدراسة في الكلية لثلاثة أشهر وأعلن المدرسون في الكلية إضراباً مفتوحاً احتجاجاً على إغلاق الكلية وغياب حراسات الكلية الأمنية الكفيلة بمنع أي اعتداء على مبنى الكلية، وصلت القضية إلى رئيس جامعة عدن الذي بدوره طلب حضور عدد من مشائخ المنطقة وعمادة الكلية للالتقاء بهم ومناقشة الأزمة معهم.
جرى إعادة تحويل ملف القضية لعمادة كلية التربية ردفان للبت فيه بما تراه مناسباً، مطلع سبتمبر الماضي عقد اجتماع موسع دعت له عمادة الكلية وشارك فيه مشائخ ردفان وقيادة الحراك والسلطة المحلية والأمنية، وفي الاجتماع ألقى عميد الكلية د.علي صائل خالد كلمة كشف فيها أن هناك قوى لا تريد الخير لردفان ولأبنائها وأن هذه القوى تسعى لاستهداف هذا الصرح العلمي - مشيراً للكلية - لمآرب لصالحها وفق ما قاله, كما قال صائل إن كلية التربية أصبحت بدون حراسات أو خدمات وأنها تتدهور يوماً عن يوم بسبب غياب الأمن وتحولت الكلية إلى مأوى لمن هب ودب.
تدافع عمادة الكلية عن قرارها تجاه الطالب معتبره أن الطالب المذكور أساء الحديث مع مسؤل شؤون الطلاب وعدد من المعلمين وتلفظ عليهم بألفاظ نابية وفق ما تقوله العماده في التربية.
الطالب زياد تحدث في الاجتماع وحاول أن يقنع المجتمعين بعدالة قضيته ومظلوميتها, وأشار أنه لم يلجأ لإغلاق الكلية إلا بعد أن استنفذ السبل القانونية كافة لإنصافه كما أشار أنه لم يغلقها سوى ساعات في يوم واحد فقط حد قوله وأنه الآن يأمل من الحاضرين إنصافه.
تم تعديل قرار الكلية بحق الطالب من الفصل إلى إيقاف قيده لعام دراسي واحد واستئناف الامتحانات والدراسة المتوقفة, هذا القرار المعدل ما يزال يراه الطالب زياد والطلاب المتضامنون معه بغير العادل في حين يراه طلاب وطالبات آخرون في الكلية عكس ذلك ويطالبون بضرورة فتح الكلية ومواصلة تعليمهم، سيما بعد أن لوحت رئاسة جامعة عدن باحتمالية إيقاف الدراسة بالكامل عن طلاب هذه الكلية إلى أجل غير مسمى على اعتبار أن المنطقة التي تقع فيها كلية ردفان منطقة غير صالحة للتعليم العالي.
جامعة عدن تقر إيقاف كلية التربية ردفان
الكلية تتوسط مدريات ردفان وتحتضن طلابها من مختلف المناطق، يأتيها طالبو العلم من مديريات خارج ردفان مثل الضالع والمسيمير وكرش والأزارق وجحاف ويافع, تأسست فـي العام 1998 وتتبع جامعة عدن، ولم يتوقع أحد أن تصل أزمة الكلية البسيطة إلى حد الإيقاف الكامل من قبل ديوان رئاسة الجامعة بعد أن فقدت الجامعة أملها بمن هم أهل لحل أزمة تربية ردفان وتضييع الفرصة الأخيرة.
في منتصف شهر سبتمبر 2014 صدر قرار جامعي يقضي بإيقاف الدراسة عن كلية التربية ردفان بالكامل وللعام الدراسي 2014-2015, قرار خيب آمال طلاب وطالبات الكلية ولا بد أن يترك أثره السلبي خلال مراحل دراستهم.
ما تزال كلية التربية ردفان مغفرة خاوية تأويها الطيور المهاجرة والغربان والقطط, طلابها ينتظرون بشغف العودة إليها لمواصلة مستقبلهم. عدد منهم ممن لديهم الإمكانيات المادية إنتقل إلى كليات عدن لمواصلة تعليمهم والكثير الكثير في بيوتهم أو يبحثون عن أعمال حرة في مدنهم وقراهم بينما قلوبهم وعقولهم تقول متى نعود لكليتنا.