في إطار الخروق المتواصلة من الجماعة الحوثية للهدنة التي ابتدأت في نهاية شهر مارس الماضي بينها وبين الحكومة الشرعية اليمنية (المفترضة) وداعميها من دول التحالف العربي، فتحت الجماعة الحوثية على نفسها وعلى خصومها جبهة جديدة في مناطق الحدود بين مديرية آل حميقان في محافظة البيضاء الشمالية ومديرية الحد بيافع الواقعة في محافظة لحج الجنوبية.
لا يمكن الاستهانة بإمكانيات الجماعة الحوثية وقدرتها على صنع الألاعيب وإتقان دق الاسافين وإثارة الفتن وصناعة العداوات بين القبائل والمناطق، وكذا قدرتها على الزج بالمغرر بهم أو المكرهين من أبناء القبائل الخاضعة لنفوذها، وإجبارهم على خوض الحروب مع أطراف ليست معهم على خصام.
لكن الجماعة بقدرما تتقن صناعة الفتن والخصومات وخوض المغامرات الصبيانية الطائشة، فإنها وبنفس القدر تتقن صناعة الحماقات والمقامرات التي تنتج النكبات لنفسها وللأخرين بقدرات فائقة لا تحسد عليها.
عندما فتحت جبهة الحد-آل حميقان كانت الجماعة تعتقد أنها ستستطيع إحداث اختراقٍ كبيرٍ في منطقة هي من أشد المناطق تحصيناً، بطبيعتها الجغرافية وتضاريسها أولا وببراعة أبنائها وشجاعتهم في خوض المعارك وتقديم التضحيات وصناعة الانتصارات، وهنا وقعت في الفخ الذي لم تحسب حسابه.
مخابرات الجماعة الحوثية أوهمت قيادتها بأن أبناء حد يافع ويافع عموماً ليسوا في أرضهم وأنهم (كما توهمت الجماعة ) إما مشتتون بين بلاد المهاجر المختلفة بين قارات الأرض، وإما موزعون بين جبهات المواجهة مع الإرهاب (الحوثي والداعشي) في محافظات الجنوب المختلفة من المهرة وحضرموت مروراً بشبوة وأبين حتى الضالع والساحل الغربي، وبذلك تكون منطقة الحد هي الحلقة الأضعف في حلقات المواجهة (كما توهمت هذه الجماعة الحمقاء).
قد يكون لهذا التوهم أساسه الافتراضي، فكما هو معروف عن مناطق يافع أنها مناطق مزدحمة بالسكان وبالذات من الأجيال الشابة، ومعظم هؤلاء لا يستقرون في مساقط رؤوسهم بل ينطلقون في مغامراتهم الحياتية في شتى بقاع الأرض بما في ذلك جبهات الدفاع عن الأرض الجنوبية ومواجهة الغزاة.
لكن يافع مثل كل مناطق الجنوب لا تترك أرضها عاريةً من المقاتلين والمدافعين، ولذلك فقد خابت خطة الجماعة الحوثية في محاولة إعادة احتلال الجنوب عن طريق يافع، وتلقنت الجماعة الحوثية درساً قاسياً لا يمكن ان تنساه مهما تطاولت بها الأزمنة والقرون، فبعد أن كانت تخطط لفتح المعسكرات والمخيمات في مراكز مديريات يافع للاتجاه صوب مديريات ومحافظات الجنوب المختلفة، عادت بالناقلات الثقيلة محملة بجثث قتلاها تندب حظها وتبكي خيباتها.
بقيت ملاحظتان لا بد من التعرض لهما
١. إن المعركة في يافع مع الجماعة الحوثية ليست معركة يافع وحدها، بل هي مثلما كانت كل المواجهات في الضالع وشبوة ولحج وأبين وعدن وحضرموت هي معركة كل الجنوبيين مع العدوان ومحاولات الغزو، والانتصار فيها هو انتصار لكل الجنوب وأي ضرر ينجم عنها (لا سمح الله) هو ضرر لكل الجنوب وكل الجنوبيين، ولن تستطيع الجماعة الحوثية مثلما لم يسطع أسلافها عبر التاريخ أن ينفردوا بمناطق الجنوب كل واحدةٍ على حدة.
٢. إن محاولة الجماعة الحوثية إشعال الفتنة بين أبناء يافع وأشقائهم آل حميقان وأبناء البيضاء عموماً هي محاولة خائبة وبائسة الهدف منها صناعة العداوة والكراهية بين أبناء المنطقتين ومحاربتهما ببعضهما، لتظفر وحدها بالحصيلة النهائية، وفي هذا السياق فإنني أدعو أبناء يافع وكل أبناء الجنوب إلى عدم الإساءة لإخوتهم أبناء البيضاء فمن يعتدي على يافع والجنوب هو الحوثي والحوثيين، وإن استخدموا بعض ضعفاء النفوس من هذه المنطقة أو تلك فإنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وقد تبرأ شرفاء البيضاء وآل حميقان من أمثال هؤلاء.
ومثلما خابت الجماعة السلالية العنصرية في جميع محاولاتها السابقة ستخيب هذه المرة وقد خابت في يومها الأول
"والعاقبة للمتقين ولا عدوانٌ إلا على الظالمين".