مرت ثمان سنوات من الحرب ولم تنتج الا مزيد من الفوضى والارهاب وتنفيذ اجندات خارجية تتبع دول اقليمية وأصبح الجنوب هو الضحية.. ومن الواضح جليا بان فريق الشرعية لم يكن منذ البداية جادا في استعادة عاصمة الدولة الضائعة واستثمر الدعم الاقليمي والدولي في اتجاهين رئيسين:
# الاول: تثبيت هيمنة حزب الاخوان المسلمين على مفاصل الشرعية مستخدما الاعتراف الاقليمي والدولي ومحاولة احكام السيطرة على الجنوب المحرر والعمل بكل الوسائل بما فيها استخدام السلطة في تعطيل الخدمات ومنع صرف المرتبات ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم استخدام الارهاب عبر إطلاق القاعدة واخواتها لتصول وتجول بحرية في ارض الجنوب واخيرا الغزو المباشر لجيشها الذي سيرته من مأرب وسيئون نحو عدن.
# الثاني : قامت الشرعية بمهادنة الحوثي عبر تفاهمات من تحت الطاولة تمثل بالانسحابات و ترك المعسكرات والجبهات دون قتال مع كامل عدتها وعتادها وهذا ليس بجديد فلديها خبرة حروب صعده السته لا زالت ماثلة، حيث كانت السلطة الحاكمة في صنعاء تشحن قوافل الذخيرة و العتاد من مخازن الجيش في صنعاء للمتحاربين على حد سواء وفي احيان اخرى تعطي الأوامر لقادة الألوية التابعة للدولة بتسليم كامل تسليح اللواء وسحب الأفراد بالسلاح الشخصي وهكذا مكنت الحوثي ان يصبح قوة يهدد جيران اليمن بهدف ابتزازهم.. فمن المعلوم أن:
*سلوك الشرعية الشاذ كان واضح للعيان و لم يتم ايقافه في حينه الا بعد ان سلمت ثلاث مديريات في محافظة شبوه دون قتال مما اضطر التحالف الى تغيير محافظ شبوه باخر ودفع قوات العمالقة لتحرير شبوه من سيطرة الحوثي و بعدها تمردت القوات التابعة للشرعية على محافظ شبوه الجديد بهدف استعادة الشرعية زمام سيطرتها على شبوه وظهر الدعم الكبير الذي قدمته مأرب وسيئون للمتمردين في شبوه ومع ذلك فشل التمرد وبقيت اوضاع مأرب وسيئون على حالها و لم يتغير من الأمر شيء رغم ان هناك اتفاقات وقرارات حول حشد القوات وتوجيهها نحو خط الجبهة باتجاه صنعاء ولا احد يدري ما هي العوائق التي تقف امام عدم تنفيذ الاتفاقات رغم تشكيل مجلس رئاسي جديد وحتى اليوم لم ينفذ شيء .
*هناك من يرفض تنفيذ الاتفاقات وحشد القوات من المنطقة العسكرية الاولى وتوجيهها نحو جبهة صنعاء وهناك من يرفض جمع الإيرادات للبنك المركزي والتصرف بها خارج النظام والقانون وهناك من استولى على المنافذ ويرفض التزحزح منها ويعتبرها ملكية شخصية وهناك من يمارس الفساد وهو في أعلى هرم سلطة الدولة على اعتبار لا أحد يستطيع محاسبته وهناك من لا يريد ان يتزحزح من منصبه وكأنه ملكية خاصة فيه وبقبيلته.. عجبا !!!!! عن اي دولة هؤلاء يتحدثون وهم اول من يمارس الاخلال بشروط وجود الدولة ومن الصعب ان احداً سيقنع الجنوب بان ينتظر - وإلى متى الانتظار !!- في الوقت الذي نشاهد امامنا العبث والفساد والتنمر وأصبح المجلس الجديد عاجز عن اداء دوره وعناصر عجزه في داخله.
* من أخطر القضايا التي لا زالت عالقة هو اختطاف الشرعية الجديدة ومحاولة السير بها بنفس الآلية التي كانت تسير عليها الشرعية السابقة وانما بثوب جديد وهنا لابد من التأكيد بأن الجنوب لن يستطيع ان يتحمل أكثر مما تحمل من رداءة الاوضاع الخدمية والسياسية ولن يتقبل ان يظل مختطف لسياسيات عقيمة وقوى سياسية عينها على الجنوب أكثر من همها استعادة الدولة في صنعاء.
* حتى الان لم يستفد الجنوب من ثرواته النفطية والغازية ومازالت تدار وتذهب عائداتها لنفس القيادات الشمالية في حرب 1994 و ستمرت حتى تم تغيير محافظ محافظة شبوه، وهنا ألتقت مصالح النخب الشمالية اخوانية و .. الخ مع استنفار الحوثيون قوتهم وبدأوا يهاجموا المنشآت النفطية والموانئ في شبوه وحضرموت وما اصرار المنطقة العسكرية الاولى بعدم الانتقال الا ويأتي في هذا السياق وهو التمسك بمواقع الثروة لصالح نفس المستفيدين من القيادات التي حكمت وتحكم صنعاء حاليا.
ما نلاحظه اليوم أن الحوثي يهدد حركة التجارة العالمية في بحر العرب والبحر الاحمر واصبح امن الطاقة العالمية في خطر كما يهدد الموانئ والمطارات والمنشآت الحيوية الجنوبية ويشل حركتها ويحاول فتح ثغرات في جبهات الجنوب و المجلس الرئاسي يشاهد و كأن الامر لا يعنيه و كأننا امام مشهد تراجيدي بأن الجميع من حوثي و شرعيه تتبادل الادوار لهزيمة الجنوب احدهما مباشر عبر المسيرات والصواريخ واقتحام الجبهات و الأخرى عبر خلخلة الجبهة الداخلية من تعطيل خدمات و عدم صرف رواتب الجنوبيين واستشراء الفساد في اجهزة الدولة وتسهيل وصول النازحين بتمكينهم من الاستيطان في الجنوب لتغيير الوضع الديمغرافي و تفقير الشعب الجنوبي بالتلاعب بالعملة واصطناع ازمات لضياع الوقت ..لكن شعب الجنوب متيقظ وعلى علم بأهداف ومطامع النخب الشمالية سواء كانت حوثية او شرعية او احزاب سياسية والهدف هو السيطرة على الجنوب تحت غطاء الشرعية مستغلة الدعم الدولي والاقليمي التي تعترف بهما تحت وهم حماية الوحدة التي تم الغدر بها من قبلهم سواء كان في حرب 1994 أو في تسليم صنعاء لأحفاد الإمامة و هزيمة الجمهورية في عقر دارها في صنعاء و محاولتهم غزو الجنوب عبر عدة تحالفات حيث اصبح الحديث عن الوحدة مجرد غطاء لضم الجنوب إلى سلطة صنعاء و التي كان و لا زال هدف كل القوى السياسية اليمنية متجاهلين رأي الشعب و التغييرات الجوهرية التي جرت في الجنوب و التي لن تقبل بأن يعاد استعباده من جديد تحت اي يافطة كانت و لدينا خبرة السنين و ما نشاهده اليوم من تخاذل في تنفيذ الاتفاقات و في حشد القوى لتوجيهها نحو صنعاء والاصرار على ابقاء الجنوب في دائرة الارهاب و الفساد والتهميش الا دليل فاضح على فساد عقيدتهم ونواياهم السيئة نحو الجنوب .
قاسم عبدالرب العفيف
12/11/3022