زيد الجلوي
ما يهمنا في اليمن, كعرب وخليجيين, حقن دماء شعبه, سواء بالمحافظة على وحدته, أو بالفيدرالية. فإن كان ذلك أو لم يكن, يجب ألا تتحول إلى سكين خاصرة لاستنزاف دول الخليج العربية, بصراعات تستنزف فيها ايران وتركيا دول الخليج العربية لامد طويل, وتحديدا المملكة العربية السعودية باعتبارها عماد بيت هذا الأمن والاستقرار.
كما أن مضيق باب المندب, يتوجب منع إيران أو تركيا من السيطرة عليه, لما له من تأثير كبير على الملاحة في البحر الأحمر, ولتقليله من كفاءة قناة السويس التي يرغب “الإخوان” في إعدام فائدتها, بعد ثورة 30 يونيو التي أزاحتهم من الحكم لذلك فإن تقديم عبد ربه منصور هادي استقالته بعد خراب روما (صنعاء), يثير الخشية من وجود توزيع للأدوار, تم وفقا لترتيبات دولية, يخشى معها من تهديد الأمن القومي العربي عموماً والخليجي تحديدا.
إن النهائية التي وسم عبد ربه استقالته بها, هل يريد منها, وضع خصومه الحوثيين وعلي صالح في موضع نزاع. أم أنه أراد عودة صالح عبر ابنه للسلطة, بإعادة انتخابه من جديد, من خلال برلمان يحيى الراعي المعروف بموالاته للرئيس السابق المخلوع. الذي يمكن مع وجوده, القول ان “المؤتمر الشعبي” عاد إلى حكم البلاد, وإن بطريقة غير مباشرة. بعدما تمت تصفية الوجود “الإخواني” في اليمن, بخروج كبار زعاماته إلى خارجه. وهنا لا خشية على اليمانية, ولا على الأمن الخليجي والعربي.
فالخشية من وجود توافق بين الجنوبيين والحوثيين, يتقاسمون بموجبه السلطة على غرار التوافق الكردي- الشيعي في العراق, ينفرد أو يغرق فيه الحوثيون في الشمال اليمني. كما انفرد وغرق شيعة العراق في حكمه, ويستقل الجنوبيون في حكم اليمن الجنوبي, مثل ما استقل أكراد العراق في حكم شماله. وهذا حل لا يطمئن له, لأن الحراك الجنوبي لا يخلو من بعض موالين لإيران, بالإضافة إلى تقارب عبد ربه مع “الإخوان”, الذين تدعمهم تركيا.
فإذا ما استقل جنوب اليمن, فإن أمن الملاحة في باب المندب, سوف تخضع لتوافقات إيرانية تركية, وهي تفاهمات ملتقية على إضعاف أهمية قناة السويس. لذا فإن لم يعدل هادي عن استقالته, ولم تعد حكومته إلى تسيير الأعمال. فإن اليمن سوف يدخل في موجة عنف شديدة, لكنها لن تستمر طويلا, لأن الشعب سوف يبحث عن من يحميه, ولن يكون في هذه الحالة سوى الجيش, الذي يتوقع التئامه بسرعة, أكبر من التئام الجيش الليبي, ولو كان بقيادة المؤتمر الشعبي برئاسة علي عبد الله صالح ذاته.
الذي سيجد تأييدا من شافعية وزيدية اليمن, خصوصاً إذا ما أدرك الجنوبيون, أن دول الخليج العربية ومصر, وأغلبية دول الجامعة العربية والعالم يهمها أولا الأمن والاستقرار, المتمثل ببقاء هيكلة الأنظمة, ولو استمر غير المرغوب بهم حكاما عليه, مثال ذلك بشار الأسد على رأس حكم سورية.
فلا مصلحة للجنوبيين في تأدية دور في لعبة توزيع الأدوار, بين تركيا وإيران. لأن القوة العربية والخليجية, قد عملت على تصفية الوجود “الإخواني” في اليمن. وإن الرهان على التعاون مع تركيا, بعد حصولهم على الاستقلال, لا مصلحة كبيرة فيه, لأن المصلحة الجنوبية مع دول الخليج العربية أكبر. وكذلك لن يكون حالهم مع الإيرانيين أفضل, ولهم في انفصال جنوب السودان أسوة حسنة, الذين عادوا إلى تقديم طلب حصول عضوية جامعة الدول العربية.
الخلاصة أن تولي “المؤتمر” رئاسة اليمن, سيكون معه اليمن بحالة أفضل, متى حسن من أدائه, وتجاوز أخطائه التي كانت سببا في الثورة على زعامته. كما أن الفيدرالية أو انفصال الجنوب, وإمكانية ضمه التدريجي لدول الخليج العربية, أمرا جيدا للغاية, أو بدلا من أي عاصمة خليجية تهدد منظومته بدعم “الإخونجية”.
كاتب كويتي
عن السياسة الكويتية.