ليس للجنوب أية اشتراطات أو رفض؛ ولا حتى تحفظات للدخول في عملية التسوية الشاملة؛ عبر عملية تفاوضية واضحة ومسؤولة كما تفعل بعض الأطراف؛ إما رغبة في مواصلة الحرب؛ أو تعجيزا وابتزازا لغيرها؛ أو خوفاً من مواجهة الحقائق وحشرها في زاوية ضيقة وإجبارها على الالتزام بما عليها من مسؤوليات ودفع ثمن أخطائها وجرائمها خلال سنوات الحرب.
فقضية شعب الجنوب الوطنية والمتمثلة بحقه المشروع في استعادة دولته الجنوبية المستقلة؛ أمر معلن وبوضوح تام منذ ما بعد حرب عام ٩٤م العدوانية ضد الجنوب؛ وتعرف ذلك جيداً كل الأطراف الإقليمية والدولية وفي مقدمتها دول التحالف العربي.
فقضية شعبنا وبكل أبعادها الوطنية والسياسية والتاريخية؛ تمثل جوهر وهدف المشاركة من قبل ممثلي الجنوب في كل مرحلة من مراحل عملية التفاوض المرتقبة؛ وأي استبعاد أو تجاهل أو تهميش للجنوب في سياق هذه العملية لن يكون مقبولاً وسينعكس سلباً بالضرورة على نجاحها وعلى مصداقيتها؛ ويثير الريبة والقلق المشروع لدى الجنوبيين.
وبدون ذلك لن يتمكن الجنوب من وضع رؤيته المستقلة المعبرة عن قضيته؛ بغية نيل استحقاقهش الوطني غير القابل للمساومات والمقايضات؛ أو لأي صيغة للحل تنتقص من حقه الأصيل في استعادة دولته وسيادته على أرضه وثرواته؛ ووفقاً لآلية مناسبة يقبل بها ويتم التوافق عليها في إطار الحل النهائي للتسوية الشاملة في اليمن.
لقد تعرض شعبنا الجنوبي الصبور والمكافح العظيم خلال السنوات الماضية؛ للكثير من المعاناة والآلام والفواجع والحرمان من أبسط مقومات الحياة التي يستحقها وتليق بكرامته وتاريخه؛ وقدم في سبيل حريته وسيادته على أرضه الكثير من التضحيات الغالية؛ أملاً بقرب يوم الخلاص من أوضاعه المأساوية التي فرضت عليه؛ وزادت من قسوتها وبشاعتها حرب الخدمات الممنهجة والظالمة ولأسباب لم تعاد خافية عليه؛ ولكل ذلك وغيره الكثير؛ فإنه لم يعد بمقدوره الانتظار والصبر على كل محاولات الالتفاف على قضيته؛ وإطالة أمد معاناته وجراحه؛ وعلى جحيم العيش الذي أصبح عنواناً لحياته اليومية؛ ولن يكون بمقدور من يتآمرون عليه اليوم إجباره على القبول بأي تسويات أو حلول تفرض عليه؛ مهما كلفه ذلك من ثمن.