عبر كل العصور والمراحل التاريخية المتعددة؛ على تعدد الشعوب والأمم وتنوع تجاربها التاريخية؛ تثبت لنا يقينًا بأن أحداث التاريخ وصناعة تحولاته الكبرى؛ لا يقوم بها الأشخاص السلبيون والوصوليون والمتخاذلون؛ أو من يحتفظون بمواقفهم وينتظرون لما ستؤول إليه الأمور؛ ولا من قبل أولئك الذين يدورون في فلك أعداء قضايا شعوبهم الوطنية العادلة؛ ويستحيل أيضًا أن يكون هناك دور وطني مشرف لمن يضعون مصالحهم الخاصة كأولوية مطلقة على ما عداها؛ ويخافون عليها كخوفهم من الموت. وإنطلاقًا من ذلك فإن من يصنعون اليوم مسيرة شعبنا الكفاحية نحو الغد؛ هم كل الأوفياء للجنوب — الوطن والتاريخ والهوية والمستقبل — ومن كل محافظات ومدن ومناطق الجنوب المختلفة؛ وهم من يتقدمون الصفوف بوعي وشجاعة وشرف للدفاع عن حرية شعبهم وكرامته الوطنية؛ ومن يقدمون التضحيات غالية في سبيل استعادة الجنوب لدولته الوطنية المستقلة؛ ولا يمنون أبدًا على شعبهم في ذلك؛ ولا يبحثون عن مكاسب خاصة بهم أو مناصب رفيعة كمكافأة لهم على تضحياتهم وصدق وطنيتهم؛ ولذلك فهم المعنيون اليوم أكثر من غيرهم بحماية مكتسبات الجنوب الوطنية والدفاع عنها. فمهمة الحفاظ على ما قد تحقق للجنوب أكبر وأصعب بكثير من عملية تحقيقها بالنظر لحجم المخاطر القائمة؛ وجعل التصويب للسياسات وتصحيح الأخطاء قاعدة ومنطلقًا لذلك؛ وبصورة جادة وحاسمة لا رجعة فيها من قبل الانتقالي ودون تردد؛ وبعيدًا عن أي إعتبارات أخرى ومن أي نوع كانت؛ وبما يعزز ويخدم مصلحة الجنوب العليا وتماسك جبهته الوطنية الداخلية وعلى قاعدة الشراكة الفعلية الواسعة؛ ضمانًا للحفاظ على المكتسبات المحققة والسير بثبات حتى نيل شعبنا لكامل إستحقاقاته الوطنية. وبالعودة للإشادة أعلاه بدور وموقف كل الأوفياء والمخلصين المشرف من قضية شعبهم؛ نجد بأن البعض هم القلة القليلة قد وقفوا على النقيض في سلوكهم ومواقفهم؛ حيث أختزلوا ( مهمتهم ) بالحصول على المكاسب والمنافع الشخصية لهم؛ بكونها ( حقًا ) لهم على ما قاموا به من ( دور ) أثناء مقاومة الغزو الحوثي - العفاشي عام ٢٠١٥م تحديدًا؛ وشارك فيها الألاف غيرهم من أبناء الجنوب وبدور وفعالية أكبر مما يدعيه هؤلاء. لقد ألحق هؤلاء الأذى الكبير بسمعة ومكانة ودور الغالبية العظمى من الشرفاء والمخلصين والأوفياء لدورهم في تلك الأجهزة والمؤسسات التي ينتسبون لها أو يعملون تحت مظلتها؛ ولذلك فقد آن الأوان لوقفة جادة أمام هذه الحالة الشاذة ومحاسبة كل من أسهم بنشر عدم الإنصباط؛ ومارس ( البلطجة ) وبأسم المقاومة والدفاع عن الجنوب وعلى حسابه؛ والإساءة لمعنى ومفهوم وقداسة الدفاع عن الوطن؛ وتأهيل وإعادة تأهيل من يستحقون ذلك. كما أن الأوضاع تفرض على الجهات المعنية عدم إستبعاد وجود إختراقات نوعية وعلى مختلف المستويات؛ وإتخاذ التدابير الإحترازبة الضرورية تحنبًا لأي مخاطر محتملة.