الأمين برس/ الجمهورية اللبنانية /عمر الصلح
يرى رئيس مركز «مدار» اليمني للدراسات الدكتور فضل الربيعي أنّ لجوءَ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الى عدن قد أربك المشهد السياسي اليمني برمّته وترتّب عن ذلك تغيّرٌ كبير في المواقف على المستويَين الداخلي والخارجي.
ويعتبر الربيعي أنّ اليمن وقع في فخّ التجاذبات الإقليمية بعد الدعم الذي نالته جماعة الحوثي من إيران ما دفع بدول الخليج خصوصاً السعودية للتمسّك بشرعية الرئيس هادي ومخرجات الحوار الوطني الذي يلحظ البند الخلافي بين هادي والحوثيين وهو قيام دولة إتحادية من ستة أقاليم.
ويؤكد الربيعي أنّ بعض مكوّنات الحراك الجنوبي يعتبر هادي رئيساً لدولة الاحتلال، وأنّ وجوده في عدن جعل منها عاصمة موقّتة ما يشكّل تهديداً خطيراً لمستقبل قضيّة الجنوب. فيما يرى آخرون أنّ وجوده مكسبٌ لدعم القضية إذا ما أقدم على معالجة القضايا التي ينادي بها الجنوبيون.
ويقول الربيعي إنّ المتابع لمسار العلاقات بين أنصار الله والسلطات في صنعاء ومواقف الحوثيين الرافضة لشرعية الرئيس هادي سوف يكتشف أنّ الامر لم يصل الى هذا الموقف إلّا بعد مروره بمحطات شبيهة بمسرحيات هوليودية، وأحداث متسارعة يشوبها الارتباك والغموض.
ويرى أنّ الحوثيين أقدموا على عقد الاتفاقيات مع إيران بعد أن تمكّنت طهران من إحراز تقدّمٍ كبير ولافت لنفوذها في اليمن، وظهرت أخيراً بموقع المؤثر بقوة في الشمال وتحديداً في الرقعة الجغرافية التي تتواجد فيها جماعة الحوثي سياسياً ومذهبياً ما يجعلها لاعباً قوياً في اليمن.
ويعتبر الربيعي أنّ دور مجلس التعاون الخليجي في اليمن قد تركّز على المساعدات المالية بدرجة رئيسة كطرف منقذ للحالات الصعبة، لكنه لم يرقَ الى مساعدة ومساندة النظام السياسي، ما مكّن إيران من التقدّم، وهنا يمكن القول إنّ إيران نجحت وأخفق الخليج في إدارة الازمة اليمنية.
ولكنّ لدول الخليج شأناً كبيراً في اليمن ويمكنها أن تساهم الى حدٍّ كبير في إرساء الاستقرار السياسي وكذلك الأمني. فالمبادرة الخليجية يُشهد لها بأنها جنّبت البلد الوقوع في الحرب الاهلية عام 2012، وحاولت إنقاذ علي عبدلله صالح بتنحّيه عن الحكم، لكنها لم تستطع أن تنتزع منه لا القوة العسكرية ولا السياسية لذلك يبقى صالح هو الشخص المربك والمعرقل للمبادرة نفسها.
ويشبّه الربيعي قضية جنوب اليمن بالقضية الفلسطينية لانّ ما جرى في الجنوب من حروب وممارسات من نظام صنعاء لا يختلف عن حروب الإبادة التي يمارسها العدوّ الصهيوني بحقّ شعب فلسطين.
فاجتياح الجنوب عام 1994 قد خلّف شرخاً عميقاً في النفسية الجنوبية خصوصاً واليمنيّة عموماً، ولا سيما انه استخدم في تلك الحرب الفتاوى الدينية والتحريض والتعذيب وصادر الاملاك ونهب الثروات وطرد مئات الآلاف من الجنوبيين من وظائفهم، وخَلَق الفتن، وهذا كان من أبرز الأسباب لقيام الحراك الجنوبي، لأنّ صنعاء حاولت أن تأتي بتمثيل صُوَري للجنوبيين في السلطة مقابل سكوتهم عن ما يجري لأهلهم في الجنوب، وقد أثّر ذلك سلبا في فهم قضية الجنوب في الخارج.
ويعتبر الربيعي انه على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر بين مكوّنات الحراك الجنوبي إلّا أنها تجمع على قضية استقلال الجنوب عن الشمال بَيْد أنّ الاختلاف يبقى حول كيفية الوصول الى تحقيق هذا الهدف، وهذه مسألة وقت.