الأمين برس

2025-02-11 00:00:00

ذكرى الشهيد الجنوبي.. تضحياتٌ خالدة ومسيرةُ نضال لا تتوقف

اخبار وتقارير
2025-02-10 21:48:01

تحل يوم غد الثلاثاء 11 فبراير الذكرى ال58 ليوم الشهيد الجنوبي لتعيد إلى الأذهان قصة نضال وتاريخ طويل من التضحيات الجسام التي قدمها أبناء الجنوب منذ عقودٍ طويلة في سبيل الحرية والاستقلال، وليكون شاهدًا على مسيرةٍ نضاليةٍ لم تتوقف منذ حرب 1994م، مرورًا بانتفاضة الحراك السلمي الجنوبي في 2007م، ثم معارك الصمود والتحدي خلال حرب 2015م، وحتى اليوم.

 

يُعتبر هذا اليوم محطةً وطنيةً خالدةً يُستذكر فيها الشهداء الذين رسموا طريق الحرية والاستقلال بدمائهم الطاهرة، وهو مناسبةٌ لتجديد العهد على المضي قُدمًا في طريق النضال حتى استكمال بناء الدولة الجنوبية كاملة السيادة. وفي ظل التحديات السياسية والأمنية والعسكرية التي يشهدها الجنوب، يُشكل يوم الشهيد دعوةً مفتوحةً لتوحيد الصفوف ورصّ الجهود خلف القيادة السياسية الممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، من أجل تحقيق الهدف الأسمى باستعادة الدولة الجنوبية على حدودها المتعارف عليها دوليًا قبل 21 مايو 1990م.

 

*تجديد الوفاء والعهد

 

يُعد يوم الشهيد الجنوبي مناسبةً وطنيةً تستعيد فيها الأجيال الجنوبية ذكرى الأبطال الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل حرية الجنوب واستقلاله، وهو يومٌ يجسد مدى عظمة التضحيات التي قُدمت في سبيل القضية الجنوبية، وضرورة استكمال المسيرة التي بدأها الشهداء.

 

ولا يقتصر يوم الشهيد على استذكار الماضي، بل هو أيضًا مناسبةٌ لترسيخ المبادئ التي ناضل من أجلها الشهداء، وإيصال رسالةٍ واضحة مفادها أن الجنوب لم ولن ينسى أبناءه الذين قدموا أرواحهم الطاهرة فداءً لوطنهم. كما أنه دعوةٌ لكل الجنوبيين لتعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ الخلافات، والمضي قُدمًا لتحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها الآلاف من الأبطال.

 

*ذكرى عظيمة*

 

وتعد ذكرى يوم الشهيد الجنوبي الـ (58) والتي تصادف ١١ فبراير من كل عام، الذكرى الأعظم على الإطلاق بالنسبة لأبناء الجنوب كافة، وفاءً للشهداء، وانتصارًا لتضحياتهم وإرادتهم ودمائهم التي امتزجت بتراب الوطن، مؤكدين أنهم ماضون في درب الشهداء، حتى تحقيق الحرية ونيل الاستقلال.

 

وأعلن الجنوبيون تجديد إحياء هذه المناسبة، منذ ما بعد الاستقلال الوطني الأول في عام ١٩٦٧م، ليكون هذا التاريخ يومًا للشهيد، وتخليدًا لذكرى الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الجنوب في مختلف المراحل التي ناضل فيها شعب الجنوب ضد المستعمر والاحتلال.

 

ووجهت مريم العفيف، نائب رئيس دائرة البحوث والدراسات و أكاديمية في جامعة عدن، رسالة لكل القيادات والجهات المعنية للالتفاتة الفاعلة والحقيقية لأسر الشهداء الذين عانوا الأمرّين بعد استشهاد ذويهم في سبيل الوطن.

 

من جانبها، قالت الناشطة السياسة ضياء الهاشمي: "بقدر ما ذكرى الشهيد حزينة إلا أنها تُحيي فينا حب الوطن والتضحية من أجله. وما زال الشهداء يسقطون منذ اغتيال الكادر الجنوبي بعد الوحدة المشؤومة عام ١٩٩٠م، مرورا بشهداء الحراك السلمي الجنوبي وشهداء ٢٠١٥م وحتى اليوم"، مؤكدة أن الحق سينتزع والجنوب سيعود.

 

*محطات النضال والتضحيات الجنوبية*

 

لم تكن الوحدة بين الجنوب والشمال التي أُعلنت في 22 مايو 1990م سوى مرحلةٍ انتقاليةٍ قصيرة، سرعان ما انكشفت حقيقتها كمشروعٍ توسعيٍّ استهدف الجنوب أرضًا وإنسانًا.

ومع تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية، وصلت الأمور إلى ذروتها في عام 1994م، حينما شنّ النظام الشمالي بقيادة علي عبدالله صالح حربًا ظالمةً ضد الجنوب، مستخدمًا كل إمكانيات الدولة لإخضاع الجنوب بالقوة.

 

خلال هذه الحرب، قدّم أبناء الجنوب آلاف الشهداء الذين دافعوا بشراسة عن أرضهم وهويتهم، في معركةٍ غير متكافئة انتهت باجتياح الجنوب في 7 يوليو 1994م، وسط عمليات نهبٍ وتدميرٍ ممنهجة، استهدفت كل مؤسسات الدولة الجنوبية، وتم تسريح عشرات الآلاف من الكوادر العسكرية والمدنية، في محاولةٍ لطمس هوية الجنوب وإخضاعه بالقوة.

 

ورغم أن الجنوب دخل مرحلةً من القمع والاستبداد بعد هذه الحرب، إلا أن جذوة المقاومة لم تنطفئ، وبقيت القضية الجنوبية حيّةً في وجدان أبناء الجنوب، حتى حان الوقت لمرحلةٍ جديدةٍ من النضال.

 

بعد سنواتٍ من التهميش والظلم الذي مارسته الأنظمة الحاكمة في صنعاء ضد أبناء الجنوب، اندلعت في عام 2007م شرارة الحراك الثوري الجنوبي، عندما خرجت جموعٌ من المتقاعدين العسكريين الجنوبيين تطالب بحقوقها المسلوبة، لتتحول هذه الاحتجاجات تدريجيًا إلى حركةٍ ثوريةٍ سلميةٍ تطالب باستعادة الدولة الجنوبية المستقلة.

 

واجهت قوات نظام صنعاء هذا الحراك السلمي بالقمع الوحشي، حيث استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء برصاص القوات الشمالية.

وعلى الرغم من ذلك، لم تتوقف الاحتجاجات، بل ازدادت قوةً وزخمًا، حتى أصبحت القضية الجنوبية قضيةً دوليةً، ووصلت إلى أروقة المنظمات الحقوقية العالمية.

 

مع اجتياح مليشيات الحوثي وقوات صالح للعاصمة الجنوبية عدن في مارس 2015م، وجد أبناء الجنوب أنفسهم أمام معركةٍ وجوديةٍ جديدة، لكنهم هذه المرة كانوا أكثر وعيًا واستعدادًا.

تشكّلت المقاومة الجنوبية سريعًا، وخاضت معارك شرسةً ضد قوات الغزو، مسنودةً بدعم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

في هذه الحرب، قدّم الجنوب آلاف الشهداء في مختلف الجبهات، حيث قاتلوا ببسالةٍ وتمكنوا من تحرير عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى من المليشيات الحوثية، مؤكدين أن الجنوب لا يمكن إخضاعه بالقوة.

وكانت هذه الحرب نقطة تحولٍ في مسيرة النضال الجنوبي، حيث أظهرت للعالم مدى تلاحم أبناء الجنوب وإرادتهم الصلبة في الدفاع عن أرضهم.

 

منذ تحرير عدن في عام 2015م، يواصل أبناء الجنوب معركتهم في مختلف المجالات، سواءً في تثبيت الأمن، أو مواجهة التنظيمات الإرهابية، أو التصدي لمحاولات إعادة احتلال الجنوب تحت أي غطاءٍ كان.

كما يخوض المجلس الانتقالي الجنوبي معركةً سياسيةً لإيصال صوت الجنوب إلى المحافل الدولية، والتأكيد على أن استعادة الدولة الجنوبية هو الحل العادل للقضية الجنوبية، وضمانٌ لاستقرار المنطقة برمتها.

 

*على درب الشهداء*

 

ويتفق كافة أبناء الجنوب على أهمية السير على درب الشهداء من خلال تجديد العهد للشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الوطن الجنوبي، وتأكيدًا من شعب الجنوب على أنهم لن يحيدوا عن هذا الطريق، وأنهم ماضون على درب الحرية والاستقلال، حيث ما زال الجنوب يقدم قوافل من الشهداء كتعبير بليغ عن أن تضحيات الشهداء لن تذهب هدراً.

 

واعتبر د. عبد الحكيم العراشي عضو مركز دعم صناعة القرار و دكتور علم الاجتماع، أن عدم السير على النهج الذي سار عليه الشهداء تخاذل من الجميع للشهيد الذي روى بدمائه تربة الجنوب الطاهرة.

وجدد الإعلامي يزيد الربيعي وفائه لآلاف الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل استعادة كرامة الوطن ورايته، وقال الربيعي: "لابد أن نحافظ على رسالة الشهداء أمثال الشهيد جعفر محمد والشهيد أبو اليمامة والشهيد نبيل القعيطي والشهيد خالد عسكر، الذين قدموا أرواحهم رخيصة لهذا الوطن، بأن نستمر على خطى ثابته من أجل نيل الحرية والاستقلال".

 

*الجنوب اليوم*

 

لم تذهب تضحيات شهداء الجنوب سدى بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن والعمل دائما لرفعة الوطن الجنوبي في مختلف الميادين، حيث تأتي الذكرى اليوم في وقت يمضي فيه الجنوب قدما على أكثر من صعيد، بشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيته الحكيمة، وانتصاراته العسكرية العظيمة، نحو استعادة دولته الجنوبية كاملة السيادة.

 

ويعد دور القوات المسلحة الجنوبية فيما وصل إليه الجنوب اليوم من الأمثلة الحية على التضحيات العظيمة لشهداء الجنوب، فقد سطر الجنود الجنوبيون ملاحم بطولية دفاعًا عن الجنوب، وأرضه، وشعبه، وقضيته، وأمنه واستقراره.

 

لا يزال الشعب الجنوبي يقدم اليوم قوافل من الشهداء، في الوقت الذي وصل فيه الجنوب إلى مرحلة مفصلية وتاريخية من مسيرة نضاله الوطنية، وما كان لتلك المرحلة أن تأتي اليوم لولا التضحيات العظيمة التي قدمها شهداء الجنوب في سبيل ثورتهم الجنوبية لاستعادة الدولة كاملة السيادة على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م

 

*قادة الجنوب يتحدثون عن الذكرى*

 

يحرص القادة الجنوبيون على إحياء ذكرى يوم الشهيد الجنوبي اعترافاً بتضحيات الشهداء واستذكاراً لملاحمهم البطولية وتجديداً للعهد والوفاء لتلك الدماء الطاهرة التي سالت على امتداد أراضي الجنوب

 

الرئيس القائد عيدروس الزبيدي تحدث عن الذكرى بقوله:

"نستذكر اليوم أبطالنا الذين قدموا أرواحهم في سبيل الجنوب، ونعاهدهم أننا على دربهم سائرون حتى تحقيق الهدف الذي استشهدوا من أجله. إن تضحيات الشهداء ستظل النبراس الذي يضيء لنا طريق الحرية والاستقلال."

 

فيما أكد اللواء أحمد بن بريك - رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي أن شهداء الجنوب هم اساس القضية الجنوبية متعهداً بأن تضحياتهم ودماءهم لن تذهب سدى.

وقال اللواء بن بريك:

"الشهداء هم أساس القضية الجنوبية، ودماؤهم لن تذهب سُدى. علينا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية التي تركوها لنا، من خلال توحيد الصفوف والعمل من أجل استكمال التحرير واستعادة دولتنا."

 

وحرص العديد من السياسيون الجنوبيون على إحياء الذكرى مؤكدين أن الاحتفاء بهذه الذكرى الغالية، والعظيمة، هو أقل واجب نقدمه للأبطال الذين روت دماؤهم الزكية هذه الأرض الجنوبية الطيبة، فداءً للوطن الجنوبي.

وأشاروا إلى أنه بفضل تضحيات شهداء الجنوب ينعم اليوم شعب الجنوب بالأمن والأمان ، وجددوا العهد والوفاء لكافة شهداء الجنوب الأبرار، بالمضي قدما على دربهم حتى تحقيق الاستقلال الثاني للجنوب بخطى ثابتة وإرادة فولاذية لا تعرف الانكسار خلف القيادة السياسية الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي.

ودعا السياسيون كافة أبناء شعب الجنوب إلى المشاركة الفاعلة في إحياء الذكرى الثامنة والخمسون ليوم الشهيد الجنوبي، مؤكدين على أهمية تعزيز اللحمة الجنوبية.

كما أشاروا إلى أن سر انتصارات الجنوب تكمن في التضحيات العظيمة التي قدمها شهدائه الأبرار، وكذا في تلاحمه، وقوة صفه.

كما ثمنوا تضحيات شهداء الجنوب، الذين دافعوا عن الأرض والعرض والشرف والكرامة الجنوبية، مجددين التأكيد على أهمية استمرار الثبات على الأرض والتمسك بحق شعب الجنوب بتقرير مصيره. مؤكدين على أهمية الالتفاف حول المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، لاستعادة وبناء دولة الجنوب كاملة السيادة".

 

*الدعوة إلى توحيد الصفوف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي*

 

في ظل التحديات الراهنة، يؤكد الجنوبيون أن وحدتهم وتكاتفهم خلف المجلس الانتقالي الجنوبي هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف الشهداء، واستكمال مشروع استعادة الدولة الجنوبية.

وقال العديد من المواطنين أن المعركة لم تنتهِ بعد، والمطلوب اليوم هو مزيدٌ من التلاحم، ونبذ الخلافات، والعمل المشترك من أجل تحقيق الحلم الذي ضحّى من أجله الشهداء.

 

https://alameenpress.info/index.php/news/49644
You for Information technology