بحث/ شايف الحــدي
يقول المعتمد البريطاني لمحمية عـدن (1930 ــ 1940م) السير/برناد رايللي Sir, Bernard Reilly في مذكراته التي دونها في كتابه ( ADEN AND THE YEMEN ) ما نصَّه :" في عام 1920م أجتاح الغزو الزيدي أراضي إمارة الضالع DHALA الموجودة في محمية عـدن والتي تربطها بحكومة عـدن معاهدة حماية من أيّ أعتداء خارجي وفي عام 1923م واصل الغزو الزيدي أجتياحه لمناطق محميات عـدن الغربية واستولوا على سلطنة البيضاء BEIDHA ومكيراس في الجزء العلوي من سلطنة العوذلي .
وأستولت الدولة المتوكلية اليمنية أيضا على منطقة العوذلي السفلى " لودر " وهناك قامت بريطانيا بقصفهم جوا وأجهزت عليهم المزيد من القوات الجوية البريطانية.
ومع ذلك، فقد أستمر سيطرة الزيود على سلطنة البيضاء التي لم يبرم سلطانها أيّ معاهدة مع بريطانيا على الرغم من أن إقليمه يمتد على الجانب البريطاني من حدود الأنجلو ــ أتراك المعينة في عام 1914م بإتفاقية الحدود الدولية.
ونجد أن القانون البريطاني تمكن من أسترجاع ما فقدته بريطانيا بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى والفوضى العارمة التي تسببت في حدوثها هذه الحرب، وسكان المحميات الذين خضعوا بشكل مؤقت لسيطرة الحكم الزيدي عند إحتلال أراضيهم رحبوا بالحُرّية التي أعطاها لهم القانون البريطاني، ولم يرغب سكان المحميات في الخضوع إلى الحكم الزيدي مرةً أُخرى.
ومع أستمرار الأعتداءات الزيدية الشيعية لمحميات عدن الغربية الشافعية خاصة بعد الأستيلاء على الضالع والبيضاء ومكيراس ولودر من الفترة (1920ــ 1926) قامت الحكومة البريطانية عام 1926م بالمزيد من المحاولات قبل ــ أتخاذ أي قرار عسكري ــ للتواصل مع الإمام إلى إتفاق وهذا عندما تم إرسال السير/جيلبرت كلايتون Sir, Gilbert Clayton إلى صنعاء محاولة منه في إبرام معاهدة مع الإمام، لكن جميع مفاوضاته الدبلوماسية فشلت تماما.
لقد فشلت المفاوضات بسبب ادعاء الإمام بأنه يملك كل شبر في الجنوب العربي للجزيرة العربية، بما في ذلك الجزء الأكبر من محمية عدن، بل وعدن نفسها وادعاؤه هذا مبني على حقيقة أن الأئمة الزيديين حكموا البلد كلها منذُ حوالي 1630م إلى حوالي عام 1730م.
هذا الادعاء لم تعترف به قبائل محمية عـدن، بما فيها حكامها المحليين الذين أعتبروا مطالبات الإمام مبالغ فيها وأن الأمامة اليمنية لم يحكموا مناطق الجنوب عبر التاريخ، بل أتوها غزاة، وهو ليس من أيّ نوع من أنواع الادعاءات التي يمكن أن يتقبله أحد في الحكومة البريطانية لأنه مبني على انتهاك لكافة المعاهدات والمواثيق التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع حكام هذه المناطق.
الوضع أوضحه الإمام تماما، لكن، لأنه وضع صلب، فلم يؤد الا الى طريق مسدود.
وبعد أن وصلت الحكومة البريطانية إلى طريق مسدود مع الإمام الزيدي لسحب قواته من المناطق التي غزاها في محميات عدن الغربية، أجهز سلاح القوات الجوية الملكية البريطانية في إمارة الضالع عام 1928م على جيش الإمام الذي أنهار وتقهقر وتراجع أمام ضربات الطيران البريطاني وتقدم قوات أمير الضالع من إتجاه ردفان وحالمين، ورغم تحرير الضالع ولودر ومكيراس من قبضة الدولة المتوكلية اليمنية ألا إن سلطنة البيضاء لم تحرر والممتدة على الجانب البريطاني من الحدود الأنجلو ــ تركية المعينة في عام 1914م، وسلطنة البيضاء لم تبرم أبدا عنها الحكومة البريطانية أيّ معاهدة لتحريرها وكفالة حمايتها، لهذا ظلت تحت الحكم الزيدي برغم وقوعها في إطار محميات عدن الغربية وهذا الأمر كان جدا سيء ...