المليشيات العصبوية القادمة من الكهوف ، غير المنتمية للعصر بهيئتها ،وسلوكياتها ،وشاراتها الخضراء وسبابة سيدها، تفسد الحياة وتنتهك الحقوق وتعتدي على الحريات الفردية والجماعية.
المليشيات لا تصنع أمناً، ولا تحمي حقاً، و لا تنتج حريات، مهما أدّعت، أو غيرت لبوسها وألوانها، فإنها تظل متكومة على حقيقتها غير قابلة للمخاتلة والمخادعة.
جوهر حقيقة مليشيات السيد يقوم على رفض الآخر، وتقويض مقومات الدولة، لذا فهي تستهدف الحقوق أولا، وتعمد إلى إلغاء الحريات وتضييق الخناق عليها بأحزمة "خضراء" اللون، وتناضل من أجل "الانتقام" من الجميع وفي المقدمة ما تبقى من النظام الجمهوري المُنتَجْ الحقيقي لثورة 26 سبتمبر، الذين اختاروا 21 سبتمبر بديلاً عنه كحالة ثأرية.
روح الانتقام تسكنهم، وتتجلى في سلوكياتهم العدوانية بسادية لا مثيل لها، وصلت لدرجة الانتقام من الجمادات، تفجيراً وتدميراً واستحواذاً، و نصَّبت نفسها بديلاً للدولة، تأمُر وتنهي، تُعيّنْ وتَعَتقِل، وتصدر إعلانات تدّعي دستوريتها.
يبدو أن درجة التعاطف التي نالتها هذه الجماعة العصبوية المسلحة، وحالة التضامن في مواجهة الحروب التي خاضتها ضدها مراكز القوى والنفوذ في عهد المخلوع، قد جعلاها تتمادى في ما وصلت إليه، ويتحول شعورها بالمظلومية ذات يوم، إلى أداة إمعان وإذلال للآخرين مع مرتبة التمادي والاستقواء بأدوات الإكراه المملوكة للدولة التي حصلت عليها تواطؤ وتسهيلاً من قبل جهات رسمية يعرفها الجميع، ظهرت جلية على السطح منذ إسقاط محافظة عمران بأيديهم وما رافقها من زيارة سلطوية صباحية.
المليشيات تلك باتت خطراً على الجميع بما تمثله من مرجعيات سلالية، وسلوكيات عدوانية، جعلتها تتعامل بروح توسعية لفرض سطوتها، وإخضاع مزيدا من المناطق لسلطتها الفاشستية.
ثورة 11 فبراير هي الأخرى لم تنج من انتقام مليشيات السيد، رغم مشاركتها في فعالياتها سنتذاك، وكشفت عن وجهها الممتلئ قبحاً وقيحا، فمارست شتى صنوف الاعتداءات بحق ثائراتها وثوارها الذين خرجوا للشوارع والساحات العامة إحياءً لذكراها الرابعة ورفضاً للانقلاب المليشياوي على ما تبقى من الوطن.
سلوكيات المليشيات توجب على الأطراف السياسية في اليمن، وتحديداً قيادات الأحزاب التوقف عن شرعنة تلك السلوكيات المضادة للحياة، العابثة بكل القيم والأخلاقيات الإنسانية، إذ إن الاستمرار في الحوار مع تلك الجماعة يمثل حالة من الخفة تجاه ما يعتمل على الأرض، ويمثل غطاء شرعي لما تقوم به من عبث وفوضى بكل شيء.
الحل يكمن في ترك المليشيات مكشوفة دون غطاء سياسي لتجد نفسها في مواجهة مباشرة ويومية مع الشارع الرافض لوجودها، وهي أعجز من أن تقهره أو ترهبه، مهما توفرت لديها من أدوات قمع وإكراه، وستعود ذات يوم إلى كهوف مران كجزاء لنكرانها اليد اليمنية المتسامحة التي امتدت لها و منحتها فرصة لأن تصبح طرف في العملية السياسية التي سرعان ما انقلبت عليها ونكثت بكل الاتفاقيات والمواثيق، وخانت العهود، ومن خان لا كان.