مرات كثيرة راودني شعور بالشفقة على المبعوث الأممي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ، لسوء الموقف الذي يوضع فيه، . . . فالرجل يحاول قدر الإمكان أن يتحاشى إشعار جماعة الحوثي بأنهم مجموعة مارقة وبعض قادتها مطلوبون للعدالة الدولية، بل إنه يتعامل معهم كمجموعة محترمة تفهم في السياسة وتعي معنى الضوابط القانونية والأخلاقية إلى درجة إنه يحاول إقناع الرئيس هادي وحكومته بإمكانية تعديل قرار مجلس الأمن رقم ????باتجاه تخفيف بعض الفقرات الصارمة أملا في إحداث اختراق باتجاه التهدئة والانفراج في المعضلة اليمنية التي تسبب فيها تحالف (الحوثي - صالح)، وبرغم كل هذا الدلال الذي يقدمه ولد الشيخ للمجموعة المارقة يصر أفرادها على التعامل معه كطرف معادي لا كوسيط دولي يقدم تنازلات كبيرة في ما يخص القرارات التي اتخذتها منظمته ضد هذه الجماعة. إذا صحت الأنباء التي تحدثت عن تهديدات تعرض لها ولد الشيخ على يد جماعة الحوثي في سياق محادثات جنيف? فإن هذا يبين لنا مدى الفارق بين من يمارس السياسة بما تقتضيه من أخلاقيات وضوابط والتزامات قانونية وبروتوكولية، وبين من يسلك سلوك الصبية المشاغبين المفتقرين إلى إبسط مبادئ اللياقة والمسؤولية والاحترام للذات وللآخر. من حسن الحظ إن الحوارات خارج اليمن لا يصطحب فيها المتحاورون بندقياتهم وإلا لكان اسماعيل ولد الشيخ وبعض العاملين معه من فرق الأمم المتحدة، في عداد الشهداء في معركة محاولتهم إقناع جماعة الحوثي وصالح بأنهم بشر وليسوا كائنات متوحشة بينما يصر أفراد الجماعة على أنهم لا ينتمون إلى قائمة الآدميين الأسواياء بل أنهم فوق مستوى البشر. من الطهارة والتميز في حين تعكس سلوكياتهم وتصرفاتهم اليومية مستوى أدنى من الآدمية والإنسانية ودرجة أعلى من التوحش والهمجية والبدائية وتلك هي محنة اليمنيين مع من يريدون أن يتحكموا في مستقبلهم. إنه الفرق بين الحوار السياسي وألعاب الصبية المشاغبين وسيئي التربية