حقيقة أن رأياً مقبولاً على نطاق واسع هي دليلاً على عدم سخافة هذا الرأي. في الواقع في ظل النظرة القائلة بسخافة الغالبية العظمى من الجنس البشري، الرأي المقبول على نطاق واسع مرجح ليكون رأياً أحمقاً وليس معقولاً. برتراند أرثر راسل.
سواءً اتفقت أو اختلفت مع هذه المقولة أو هذا الرأي للفيلسوف البريطاني فهذا رأيك وقناعتك التي لا ينبغي لأي انسان التدخل لتغييرها فأنت حر برأيك وكذلك ايضاً الآخرون، فالاختلاف سنة كونية بينة ظاهرة في كل مخلوقات الله ومنها اختلافاتنا نحن الآدميين. الأختلاف شيء إيجابي فأنت حتى لو لم تدرك ذلك فأنت تستفيد من الذين تختلف معهم أكثر من الذين يشاركونك نفس الرأي.
في عالمنا العربي نشأنا على عهد حكام في دساتيرهم التي صاغوها وحكمونا بها بمجرد ان تقول رأياً مخالفاً لأنظمتهم فتلك جريمة تُعاقب عليها بقسوة فيكون السجن أو القبر مصيرك أو تنجو فتسافر بلاد الغرب ان استطعت لذلك سبيلا.
وبطبيعة الحال هذا أمر اعتيادي لدول تأسست على القمع والاضطهاد، ولكن بما أن الأنظمة العربية التي كانت تسمي حكمها بالديمقراطي ظلت على عروشها لعقود طويلة وبلا ادنى وعي ورثت تلك الشعوب هذه العادة القبيحة فأصبحت وبدون ادراك تنظر للرأي الآخر أو الاختلاف بإنه جريمة وبإنه عداء ظاهر .
يقول علي الوردي في كتابه مهزلة العقل البشري " يجب على المسلمين اليوم أن يحمدوا ربهم الف مرة لأنه لم يخلقهم في تلك الفترة العصيبة ولو أن الله خلقهم حينذاك لكانوا من طراز أبي جهل أو ابي سفيان أو أبي لهب أو لكانوا من أتباعهم على اقل تقدير ولرموا صاحب الدعوة بالحجارة وضحكوا عليه واستهزأوا بقرآنه ومعراجه."
لا تذهب بك الظنون عزيزي القارئ فتقول ذاك شيء آخر ومستحيل فما نراه اليوم من شيطنة وتكفير وتخوين الآخر بمجرد الأختلاف بالرأي علينا ان نحمد الله اننا لم نخلق بتلك الفترة.
ما نراه اليوم من استبداد الرأي وقولي صواب لا يشوبه شائب وقولك خطأ غير قابل للصواب هو ما جعلنا شعوب عاجزة لا تنتج إلا القبور لا تنتج إلا الموت، شعوب معادية للحياة، شعوب إذا اختفت فجأة من على سطح الأرض فلن تتأثر باقي الشعوب من اختفائنا لأننا لم نستطيع بناء انفسنا فكيف نستطيع ان نبني اوطاننا أو نشارك في إعمار هذا العالم وقد قيل أن الرأي هو الذي يدير العالم وليس الفكر أو الخيال.