تستمر الحرب رغم الأصوات العالية المطالبة بوقفها ويستمر طرفاها بالتمرس، ولكل منهما أسبابه ودوافعه ومبرراته وحججه التي تسقط جميعها أمام الجحيم الذي يعيشه الشعب بسبب هذه الحرب المدمرة!
وعلى الجانب الآخر يستمر المبعوث الأممي مارتن جريفيثس بمواصلة مهمته بحثا عن السلام، وقد أثبت بأنه أكثر تحركا ونشاطا عن سابقيه، ولكن ما يؤخذ عليه سلبا (جنوبا) هي الطريقة التي يتبعها في عقد اللقاءات المتكررة مع كل (الأطراف)، أكانوا (كيانات) أو مجموعات أو مجرد أفراد وبصفات متعددة، وما أكثرهم، ودون مراعاة لوزن وحجم وحضور ومصداقية وتأثير كل من يلتقيهم على المشهد الجنوبي، بل إن (بعضهم) يلتقون به وهدفهم التشويش على موقف ومكانة الانتقالي ولأسباب ودوافع مختلفة، وكأن له قضية خاصة به غير قضيتهم التي يعلنون النضال من أجلها جميعا، وإن اختلفوا نسبيا على أشكال ووسائل تحقيقها!
غير أن الأسوأ من ذلك بأن هذا (البعض) ونكاية بالانتقالي، وكما يعتقدون خطأ، يقدمون صورة سلبية عنه وعن الوضع في الجنوب ويلحقون بذلك ضررا بالغا بقضية شعبهم عند من يفترض بهم نقل الحقائق والوقائع عبره إلى الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعله تائها عن معرفة طريق الحقيقة وينقل تبعا لذلك صورة غير واقعية تماما عن الأوضاع في الجنوب، ويصبح بذلك هو الملام والضحيّة للتضليل في آن واحد ومعه الأمم المتحدة!!
* ندعو الجميع إلى ضرورة التوقف أمام الدور غير ( الودي ) الذي برز مؤخرا وبشكل واضح لإحدى الدول العربية مع الأسف الشديد على الساحة الجنوبية وما كنا نتوقع منها ذلك، ونأمل أن تحافظ على موقفها الودي والعلاقة الطيبة مع الجميع في الجنوب وهو ما ندعوها إليه من خلال مراجعتها للأمر خدمة للمصالح المشتركة راهنا ومستقبلا؛ ففي ذلك فقط يكمن تحقيق الأمن والاستقرار المشترك ويثمر التعاون بين شعبينا.. ولعله من المفيد هنا أن نلفت انتباهها إلى أن الجنوب ليس المكان الملائم لتصفية الحسابات مع غيرها أو التنافس معهم، والجنوب المنهك ليس ميدانا مناسبا لاختبار القوة، ولَم يعد يحتمل المزيد من إنهاكه ومضاعفة معاناته وآلامه!
* ندعو أيضا إلى عدم التساهل أمام ما تقوم به حاليا بعض الأجنحة في الشرعية وتحديدا حزب (الإخوان) الذي اختطف دورها مع الأسف وسخّره لخدمة أجندته الخاصة ولصالح موقفه المعادي للجنوب وقضيته؛ فدوره يزداد اتساعا وخطورة سياسيا وعسكريا، ليس على الجنوب فحسب بل وعلى شرعية الرئيس هادي وما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة!
* لم يعد مفهوما ولا مبررا تعامل المبعوث مع بعض التجمعات الحقوقية الجنوبية ككيانات سياسية مثلها مثل الانتقالي وهي ليست كذلك بل ومعترفة بالانتقالي ومؤيدة له ولها ممثلوها في هيئاته المختلفة.. ولكن وكما يبدو بأن هناك من يريد لها أن تكون كذلك! وحرصه على دعوتها لحضور اللقاءات التشاورية، في الوقت الذي لا يعتمد ذلك في تعامله مع تعز أو تهامة أو حتى مأرب وهي (مشروع دولة إخونجية) وغيرها من مناطق الشمال الذي يتم التعامل معه (ككتلة!) موحدة و(كيان!) سياسي (واحد)، وهو كما يبدو بأنه مجبر على ذلك وليس خياره الشخصي، وهذ يعد مؤشرا على أن وراء الأكمة ما وراءها!!
* إن ما يزيد الطين بلة هو أنانية وذاتية بعض القيادات والنشطاء الجنوبيين مع الأسف ممن لا يرون إلا سلبيات وعثرات الانتقالي - وهي واردة بالتأكيد - طالما وهم خارجه أو في غير المواقع التي كانوا يطمحون بالوصول إليها؛ وهم بذلك أيضاً يشوشون وبطريقتهم على المجلس ويثبتون عدم رغبتهم الجدية في التفاعل والتكامل المطلوب معه حرصاً لا هدماً، والنظر إلى المستقبل والمساهمة في دفع العجلة التي بدأت تتحرك إلى الأمام رغم كل المعوقات والعراقيل والتحديات والمخاطر والأخطاء!
* إن هناك خللاً ما وحلقة مفقودة وتتمثل أساسا بالشكوك المتبادلة التي وصلت عند البعض إلى حد انعدام الثقة بالآخر وهو ما يحول دون التناغم الوطني المطلوب على ساحة الجنوب. ينبغي على المعنيين وفي كل المستويات القيادية الجنوبية البحث عن معالجة الأمر من خلال التقييم والمراجعة وبصورة وطنية عاجلة ومسؤولة.