في مثل هذا اليوم من العام ١٩٩٤م، دشنت صنعاء ونظامها، ومن على أرض الجنوب ،أبشع فترة احتلال في المنطقة،بل هي في التاريخ، وأكثرها تخلفاً.
كانت مساءات السابع من يوليو في ذلك العام ، أكثر ظلاماً، وفيها وجد الجنوبيون ولأول مرة أنفسهم ،في مواجهة أصعب مرحلة قهر وانكسار وإذلال ، لم يكونوا ليستطيعوا حتى تصورها ، كيف لا وقد غدت في مسيرة أعمارهم قروناً من الشؤم لم تعشها أمةٌ من قبلهم .
لم يستوعب الناس في عدن ماكان يجري حولهم وهم يرون من شرفات منازلهم الغزاة الحفاة القادمون من أدغال التاريخ يجوبون شوارع المدينة الوادعة وبتساءلون ماذا حدث ، وكيف حدث ، ولماذا يحدث لهم كل هذا .
بكى رجالٌ لم يبكوا من قبل لشدة القهر ، وسار الشباب باتجاه منافذ الهروب نحو المجهول، يترنحون وكأنهم سكارى وماهم سكارى وانما مقهورن لخذلان الأهل والجيران والعالم كله لهم.
عاش الناس صدمة غير متخيّلة وكانوا يمنّون النفس بأن مايرونه ليس سوى لحظة حلم أو كابوس ،أو مجرد مزحة سمجة من مخلوق ثقيل الدم ، لكنها كانت حقيقة ،وليست أي حقيقة.
لم يكن ٧يوليو ٩٤م يوماً عادياً في روزنامة الأيام، بل كان يوما مشوّه الملامح ، وفيه بدت مناظر الغزاة الناهبون ،الطامعون ،القامعون القاتلون وهم يجوبون شوارع المدينة وينهبون محلاتها فاجعة ..مأساوية..مصيبة..فاضحة ..كارثة..زلزال بكل مالهذه الكلمات من معانٍ .
كان وسيظل ٧يوليو يوما أسودا مشؤوما يكفي مجرد استذكار لحظاته لإثارة الضيق والهلع وكبت النفس واستعادة حالة القهر في قلب كل من عاش ذلكم الألم والوجع وتلك الذكريات السود.
حمداً لله على نعمة الخروج من نفق هذا اليوم ، وملعون من الله وملائكته ومن الناس جميعاً من يجتهد لإعادتنا إليه.
#منصور_صالح