“شبوة” حيث تنقلب المعادلات

همس اليراع..

 “شبوة” حيث تنقلب المعادلات

قبل 5 سنوات

في محافظة شبوة تتركب المعادلات وفقا لمعطيات مختلفة عن المألوف وتأتي المخرجات مفاجئة لتوقعات المتوقعين، فالواحد مع الواحد التي تساوي إثنين في كل مكان، هي في شبوة غير ذلك، والقاطن فيها والضيف (المغيث) ليسا دائما متآلفين في شبوة، وفي شبوة تتغير المعطيات وتختلف النتائج فالمضيف يستنجد بالضيف لإنقاذه من أهله، والضيف يقتل المضيف ويزيد اتهامه بالعمالة.

 

منذ أسابيع انتفض أبناء شبوة انتصاراً لقضيتهم الكبرى ـ قضية كل الجنوبيين، وكانت السلطة المحلية التي اشتكى رئيسها قبل ذلك أنه لم يجد الوقود (في المحافظة المنتجة للوقود) ولا الكهرباء (في المحافظة التي تغذي الكهرباء) ولا بقية الخدمات، هذه السلطة كانت حاضرة في مشهد انتفاضة الأهالي، لكنها بدلاً من أن تنتصر لمطالب وحق الأهالي ورفع المعانايات عنهم، راحت تستدرجهم في طلب المهلة تلو المهلة لتستغيث بضيوف قادمين من خارجها.

 

قدم الضيوف إلى شبوة وفعلوا ما فعلوا من سلبٍ ونهبٍ واختطافٍ وقتلٍ وتمثيلٍ بجثث الضحايا، ولم يقصروا مع من استدعاهم بل أعدموا له أحد أفراد قبيلته، وهو الشهيد سعيد القميشي عليه رحمة الله أحد الناشطين السياسيين الرافضين لاغتصاب شبوة واستمرار احتلالها، وكان هذا عربون صداقة مع  رأس السلطة المحلية في شبوة الذي استنجد بضيوفه القتلة، وتأكيداً على أن الإغاثة ليست مجانية.

 

اليوم في شبوة فريقان متواجهان: أهل شبوة بأطيافهم السياسية وقادة فعالياتهم السلمية ونخبتهم الأمنية ومقاومتهم المسلحة، وهؤلاء هم السواد الأعظم من سكان شبوة، وجيش جرار من الضيوف القادمين من محافظات شمال شبوة، لا يستطيع أحد إيقافهم أو ردعهم عما يفعلون ومعهم قلة قليلة من المحسوبين على شبوة ممن أدمنوا  الرهان على الاستقواء والتزييف وكل هؤلاء يفعلون ما يفعلون باسم “الشرعية”.

 

منذ أيام تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو فيها شباب جنوبيون من أبناء الضالع ويافع وعدن وغيرها قدمهم العارضون على إنهم “أسرى” لدى بعض مشائخ خولان، وقد تبين أن بعضهم كانوا مسافرين من السعودية إلى ديارهم جرى اختطافهم من الطريق، وكعادة الخاطفين وقطاع الطرق يسمون المخطوفين ضيوفا، مثلما كانوا يفعلون مع السواح والدبلوماسيين الأوروبين في عهد نظام صالح، وتحت تهديد السلاح ورعب الاختطاف والمصير المجهول يلقنونهم ما يريدون قوله للمصور بما في ذلك الإشادة بالخاطفين وامتداح المجرمين، ولا ينسون عرض الولائم والأطعمة كدلالة على الكرم، هؤلاء قدموهم على أنهم أسرى من معركة شبوة وفي خولان التي تقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

 

لن أفكك ما في المعادلة من معطيات وألغاز ومفارقات وتساؤلات فكل ذي فطنة كفيل بالتأمل فيها بطريقته الخاصة، لكن السؤال الوحيد الذي أوجهه لقادة الشرعية الذي ابتهجوا أيما ابتهاج باقتحام شبوة وقتل أبنائها وتعميم نهج السلب والنهب فيها هو: أهذه هي الدولة التي تعرضون على الناس في الشمال والجنوب الانضواء تحت لوائها؟ وهل تثقون بأن الناس يهيمون حباً بكم وأنتم تتغنون بهذا السلوك المشين؟ وحتى متى تظلون جاثمين على أنفاس أبناء شبوة بقطاع الطرق والخاطفين وأبطال السلب والنهب؟

 

شبوة تقلب المعادلات، وتغير في معطياتها، وعلى مدى التاريخ كانت مناطق شبوة وأهلها وأبناؤها الأباة وقبائلها الباسلة رقماً كبيراً في كل المعادلات التاريخية، ومعادلة ما بعد 28 أغسطس مبنية على معطيات مختلة وهي معطيات لم تقم إلا على حمض الخديعة وأكاسيد الاغتصاب وكربونات الاستقواء، وهي مركبات قصيرة العمر باهتة المفعول عديمة المنتجات إلا منتج الفوضى والهمجية واللادولة وتلك منتجات معاكسة لمسار التاريخ.

 

شبوة ستقلب المعادلة إن لم يكن اليوم ففي الغد غير البعيد.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

* من صفحة الكاتب على فيس بوك.

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر