تحقيق صحفي يكشف حجم الأدوية المهربة في العاصمة عدن

تحقيق صحفي يكشف حجم الأدوية المهربة في العاصمة عدن

قبل 4 سنوات
تحقيق صحفي يكشف حجم الأدوية المهربة في العاصمة عدن
الأمين برس / نوال باقطيان

-هناك تقاعس كبير من مكتب الصحة والوزارة في تنفيذ حملات التفتيش 

 

--معظم أدوية المنشطات الجنسية مهربة

 

--قانون الصيدلة والدواء ما زال في أروقة وأدراج مجلس النواب

 

--دخول رؤوس الأموال من غير الاختصاصيين أدى إلى انتشار الأدوية المهربة

 

 

 

شهدت العاصمة خلال الخمس سنوات الأخيرة اتساع وتزايد انتشار الأدوية المهربة المزورة، والتي تباع بصورة علنية في الصيدليات بالمحافظات الجنوبية عامة وفي العاصمة عدن خاصة، الأمر الذي يشكل الخطر الأكبر على صحة المواطنين والمرضى في ظل تقاعس وغياب الدور الحكومي ممثلًا بوزارة الصحة.

 

 

 

 

 

وعن ظاهرة انتشار الأدوية المهربة والمزورة والمخاطر التي تسببها قامت صحيفة" 4مايو" بفتح هذا الملف ونشر تفاصيل مهمة حول هذا الوضع في سياق التحقيق الآتي: 

 

 

 

منذ قرابة شهر تعرض مريضان في غرفة الإنعاش في أحد المستشفيات الخاصة في العاصمة عدن لخطر الموت بعد حقنهم بإبرة البيثيدين pethidine المهدئة، التي عرضتهم للغيبوبة بدلا من تنويمهم، وبتلافي هذا الخطر تدخل الطاقم الطبي في غرفة الإنعاش وأنقذ المرضى من موت محقق جراء حقتهم بهذه الحقنة التي تبين أنها من الأدوية المزورة.

 

 

 

 

عدن ومحافظات الجنوب تعايش يوميا عشرات القصص من واقع الأدوية وحال المستشفيات المزري والفساد الطبي الذي نشاهده في حياتنا اليومية دون أي حلول لإنقاذ أرواح المواطنين.

 

 

 

كارثة إحصائية للأدوية المهربة

 

 

 

وبلغت نسبة الأدوية المهربة في العاصمة عدن أكثر من 75% بعد أن كانت الأدوية المهربة لا تتجاوز نسبة 60%، وتبلغ نسبة الأدوية المزورة 30% من الأدوية المتواجدة بالسوق، حيث تعرف الأدوية المهربة بأنها: التي توجد فيها المادة الفعالة من الدواء، لكنها تفقد هذه صلاحيتها أثناء عمليات التهريب بفعل درجة الحرارة الكبيرة التي يتعرض لها. أما الأدوية المزورة تعرف: بالأدوية التي لا تحتوي على المادة الفعالة وتضر بالمريض أكثر مما تفيده وقد تسبب له أعراضا وأخطارا كثيرة والإصابة بالسرطانات المختلفة. 

 

 

 

وأكثر الدول التي يتم منها تهريب الأدوية إلى اليمن هي: الصين والهند ومصر. 

 

 

 

*أسباب انتشار الأدوية المهربة والمزورة :

 

 

 

1-غياب الرقابة الحكومية

 

 

 

يرى الدكتور محمد صالح البرطي - نائب مدير مستشفى 22مايو سابقا - أن السبب الرئيسي في انتشار الأدوية المهربة والأدوية المزورة هو غياب الرقابة الفعالة في العاصمة عدن من الجهات المختصة، الأمر الذي يشجع العديد من التجار المختصين باستيراد وتهريب الأدوية، خاصة بعد ارتفاع سعر الدواء بسبب عدم توفير الوكيل لأكثر الأدوية، الأمر الذي يشجع على تنافس المهربين بإدخال الدواء إلى عدن، فارتفاع الطلب على بعض الأدوية المتعلقة بالأمراض المزمنة وانخفاض مستوى العرض ساهم في تهريب معظم الأدوية.

 

 

 

 

 

2-عدم وجود ضمانات بنكية

 

 

 

بينما مدير إحدى وكالات الأدوية - رفض ذكر اسمه - يرى أن السبب الرئيس لانتشار الأدوية المهربة والمزورة هو إحجام مصانع الأدوية في البلدان الأوربية عن تزويد الوكيل بالأدوية؛ نظرا لعدم وجود ضمانات بنكية، وذلك لعدم استقرار اليمن، الأمر الذي بسببه يضطر الوكيل أو الشركة المستوردة للأدوية طلب الدواء من دول أخرى وتهريبها إلى اليمن، وترافق هذه العملية أيضا انعدام الرقابة على بيع وتداول الأدوية – حسب تعبيره.

 

 

 

 

 

3-زيادة الطلب وانخفاض العرض

 

 

 

بدوره أحد تجار الأدوية - رفض ذكر اسمه - فنّد أسباب انتشار الأدوية المهربة والمزورة في عدن، وقال: "هناك سبب رئيسي وهو زيادة الطلب مقابل انخفاض العرض في سوق الأدوية، الأمر الذي يساعد على ملء الفراغ الحاصل بالسوق بالأدوية المهربة والمزورة".

 

 

 

4-عشوائية بيع وشراء الأدوية

 

 

 

إحدى مندوبات الأدوية أكدت لمحررة " 4مايو" أن دخول بعض رؤوس الأموال من غير الاختصاصيين أدى إلى عشوائية بيع وشراء الأدوية، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأدوية المهربة والمزورة في السوق. 

 

وتحدث أحد الصيادلة - رفض ذكر اسمه - أن عشوائية الاستيراد للأدوية وإعطاء مكتب الصحة في عدن ترخيص مزاولة المهنة لمن هبّ ودبّ جعل الدخيلين على المهنة يلجؤون إلى تهريب وشراء الأدوية المهربة أو المزورة، إلى جانب هذه العشوائية خلقت حالة ارتفاع في سعر الأدوية.

 

 

 

5-أسباب أخرى لانتشار الأدوية المهربة 

 

 

 

من جانبه تحدث الدكتور مروان الشرجبي - مدير إدارة الصيدلة ونائب مدير الرقابة والتفتيش الطبي في مكتب الصحة في العاصمة عدن - إلى صحيفة "4 مايو" عن ظاهرة الأدوية المهرة.

 

 

 

وعدد د. الشرجبي عن الأدوية المهربة والمزورة قائلا: "أهم أسباب انتشار الأدوية المهربة:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

- البحث عن الربح السريع من قبل مالكي الصيدليات، حيث عادة ما يتم إضافة الربح بنسبة 20% فقط أما الأدوية المهربة يضاف لها بمعدل ألف إلى ألفين ريال. 

 

 

 

-بعض شركات الأدوية تقوم بتهريب حاوية أو حاويتين ضمن باقي الحاويات عبر الميناء لتقلل نسبة الضريبة.

 

 

 

-ضعف الرقابة على المنافذ البحرية والجوية والبرية، فلا بد من مسؤول على هذه المنافذ وفحص الأدوية، فعند استيراد الأدوية وإدخالها بطريقة شرعية يتم أخذ عينة من الدواء وفحصه لإعطاء التصريح بإدخاله للبلاد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-ارتفاع سعر الدولار الذي ضاعف من أسعار الأدوية مما سهل دخول الأدوية المهربة والمزورة لرخص سعره إلى جانب تغيير بعض التجار لنشاطهم التجاري للأدوية المهربة والمزورة التي تجني من خلالها أموالًا طائلة. 

 

 

 

-ضعف الأجهزة الرقابية وعدم وجود عقوبة رادعة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب".

 

 

 

اختبار عملي يوضح حجم الأدوية المزورة

 

 

 

وقال الدكتور الشرجبي: "للتحقق من تواجد وانتشار الأدوية المهربة والمزورة قمت بإجراء إحصائية بسيطة، وذلك بنزولي لبعض الصيدليات والتحقق بنفسي من تواجد ختم الوكيل على كرتون الدواء".

 

وأوضح قائلا: "في هذه الإحصائية البسيطة استهدفت خلالها 15 صيدلية ما بين مديريتي المنصورة والشيخ عثمان، وعاينت في الصيدليات دواء البندول panadol، ووجدت أثناء معاينتي لباكت الدواء، والذي من المفترض أن يحمل ختم الوكيل، سبع صيدليات يوجد لديها panadol إنجليزي لا يحمل ختم الوكيل، الأمر الذي يبين أن الدواء مهرب، بينما 4 من هذه الصيدليات وفرت بجانب البندول الإنجليزي بنادول إماراتي تحت اسم PANA LIFE والذي حمل اسم الوكيل على كرتون الدواء (لايف فارما) الأمر الذي يثبت أن الدواء ليس مهربًا أو مزورًا".

 

 

 

ارتفاع نسبة الأدوية المهربة 

 

 

 

وأكد أن أعداد الأدوية المهربة ارتفع من 291 نوعًا من الدواء المهرب إلى 450 نوعًا، كما بلغت في آخر إحصائية للأدوية المزورة إلى 80 صنفًا مزورًا بعد أن كانت عدد هذه الأدوية 46 نوعاً.

 

 

 

تأثير الأدوية المزورة وخطورتها 

 

 

 

وكشف الدكتور مروان الشرجبي بأن "بعض الأدوية المزورة تُحدث تأثيرًا كبيرًا على صحة الأم مثل دواء antiDRH والتي تعطى للحوامل لعلاج عدم توافق فصائل الأب والأم، وقد تبيّن أن هذا الدواء لا يوجد عليه ختم الوكيل، والدواء مزور، وهذا الدواء يؤدي إلى إجهاض الأجنة ويسبب مشاكل صحية لدى الطفل، وهناك كارثة كبرى حدثت قبل شهر، اكتشفنا أن حقنة pethinel100mg2ml مزورة، وهي حقنة مخدرة تضرب للمريض في أقسام الإنعاش بالمستشفيات لتساعده على الاسترخاء، وكنت قد ناشدت قبل عدة أسابيع وحذرت من هذه الحقنة، وقد اكتشف بعض الأطباء أن هذه الحقنة مزورة، وهناك حالات كانت ستموت وقد أنقذوا هذه الحالات بعد استجابة سريعة للأطباء، بعدها الهيئة العليا للأدوية قامت بإصدار تعميم وأخذ عينة من هذا الدواء وفحصته واكتشفت أنه لا يحتوي سوى 1% فقط من مادة pethidnel".

 

 

 

كارثة المنشطات الجنسية المهربة

 

 

 

وتابع الدكتور الشرجبي قائلا: "أغلب أدوية المقويات الجنسية المنتشرة بالسوق أدوية مهربة، وقد تحدثت عنها في العديد من المنابر الإعلامية، ومنها العسل الملكي، الذي راهنت على احتوائه على مادة الفياجرا، وفعلا قامت الهيئة العليا للأدوية بفحصه وتبيّن احتواءه على مادة الفياجرا، وهذه المادة خطيرة على مرضى القلب والسكر والضغط وكبار السن، ناهيك عن الأنسولين الذي ثبت تهريبه عبر المطار والتي يجب أن يخزن بدرجة حرارية من 2 إلى 8 درجات حرارية فقط لتلافي فقدانها الخواص والمواد الفعالة فيها وهي مادة (امينو اسيد) وتحتوي هذه المادة على مادتي حمض أميني وبروتين وعند سوء التخزين تتحطم هذه المادة وتفقد خواصها وبالتالي تتحول إلى مادة سامة لا يستفيد مريض السكر منها، وتختلف درجة حفظ وتخزين الأدوية من دواء لآخر".

 

 

 

غياب دور مكتب الصحة 

 

 

 

وعن دور مكتب الصحة قال الدكتور الشرجبي: "نحن في مكتب الصحة نحاول تجفيف منابع التهريب في الصيدليات بشكل عام، لكن هناك تقاعس كبير من القيادات في وزارة الصحة أدى إلى انتشار الأدوية المهربة والمزورة بشكل كبير.. وفي عام 2016م كانت آخر حملة ضد الأدوية المهربة والمزورة بقيادة الدكتور فؤاد ناصر اليافعي، وقد قمنا بمصادرة هذه الأدوية وإتلافها عندما كان الدكتور الخضر لصور مدير مكتب الصحة والسكان آنذاك، منذ تلك الحملة لم تتم أي نزولات تفتيشية سوى حملات بسيطة تنفذ على استحياء ولا يتم فيها مصادرة الأدوية وإتلافها وسحبها من السوق".

 

وأضاف: "لا بد من قوانين رادعة لهذه الصيدليات فقانون الصيدلة والدواء ما زال في أروقة وأدراج مجلس النواب منذ عدة سنوات رغم مناشدتي عبر القنوات الإعلامية المختلفة دون فائدة".

 

 

 

مناشدة بعودة حملات التفتيش

 

 

 

وناشد الدكتور الشرجبي وزارة الصحة ومكتب الصحة في عدن بالقول: " نحن نناشد كمكتب الرقابة والتفتيش مكتب الصحة والسكان ووزارة الصحة أيضا لعودة حملات التفتيش فنحن على أتم الاستعداد للنزول للصيدليات ومكافحة هذه الظاهرة".

 

 

 

تحذير من الأدوية المهربة والمزورة

 

 

 

وأورد الدكتور مروان الشرجبي عدة نصائح للمواطنين لتلافي الوقوع في شرك الأدوية المهربة والمزورة قائلاً: "من خلال صحيفة "4مايو" أنصح المواطنين لتجنب الوقوع في شرك الأدوية المهربة والمزورة وتعريض حياتهم وعائلاتهم للخطر أولا البحث عن ختم الوكيل على غلاف الدواء، مادام ختم الوكيل موجودًا يعني تم فحصه من قبل الهيئة العليا للأدوية وتم إجازته لبيعه في السوق، وثانيا البحث عن تاريخ الانتهاء، قد يكون غلاف الدواء يحوي ختم الوكيل لكن الدواء منتهي الفاعلية وذلك نتيجة عدم انتباه الصيدلي لذلك".

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر