استهداف منشآت الطاقة السعودية.. رسائل وتداعيات

استهداف منشآت الطاقة السعودية.. رسائل وتداعيات

قبل 3 سنوات

الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية السعودي تشكل الرسالة الأخيرة ليدرك المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة أن استمرار اعتداءات الميليشيا الحوثية على منشآت المملكة، والتي كان آخرها الاعتداء الإرهابي على مصفاة الرياض، والذي قوبل برد ساحق عبر تدمير مبنى تجهيز الصواريخ والطائرات المسيرة في صنعاء، يعد تصعيدا خطيرا مخالفا للقانون الدولي وتقويضا للأمن والاستقرار في المنطقة.

 

هذه الدعوة لا أفهمها إلا على أنها دعوة للولايات المتحدة لتصحيح المسار الخاطئ الذي انتهجته يوم أعلنت رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب، ذلك أن السعودية ودول التحالف العربي تعلن اليوم أنها تمد يدها للسلام الذي ينطلق من شرعية الدولة اليمنية التي وللأسف تجد نفسها في ظلم من المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن دور طهران الإجرامي في إدارة الانقلاب الحوثي ودعمه.

 

فالميليشيا الحوثية أثبتت التبعية الكاملة لنظام إيران، بل ووظفت بعض القيادات الفارسية من الحرس الثوري في مناصب إدارية حساسة في العاصمة صنعاء.

 

وواصلت تلك المنظمة الإرهابية استهداف الأعيان المدنية والمنشآت النفطية على وجه الخصوص عندما شعرت بتقاعس المجتمع الدولي عن مواجهتها بحزم، أو استصدار قرارات حاسمة ضدها، بما يكفل ردعها عن استهداف أمن الطاقة العالمي بشكل أساسي، ذلك أن هدف تلك الميليشيات ومن خلفها إيران هو التأثير المباشر على إمدادات الطاقة العالمية التي تعتبر المملكة محورها الرئيس.

 

وهنا يرد السؤال.. كيف تفهم الولايات المتحدة هذه الاعتداءات؟ وقبل ذلك، هل يمكننا القول إن صمت المجتمع الدولي عنها قد يفسر على أنه موافقة ضمنية لأعمال الحوثي الإرهابية خاصة مع اعتقاد الحوثيين بأن رفع اسمهم من قائمة المنظمات الإرهابية أشبه بالضوء الأخضر لممارساتهم الإرهابية، والأمر نفسه ينطبق على إيران التي تمارس إرهاب الدول وتتلقى وللأسف رسائل إيجابية من أميركا ودول الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي أرى أنه يجب على المجتمع الدولي ردع إيران وأذرعها الإرهابية في المنطقة، وما يقتضيه ذلك من تحرك أكبر في الجانب الدبلوماسي والقانوني والإعلامي، بما يفضي إلى استصدار قرارات حاسمة وحازمة ضد إيران والحوثي تجنب المنطقة والعالم تداعيات أمنية واقتصادية فادحة خاصة أن هذه الهجمات الإرهابية لا تستهدف المملكة وحدها، وإنما تستهدف أمن واستقرار إمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي.

 

قبل الإجابة عن الفهم الأميركي لهذه الرسائل التي يرسلها الحوثي إلى إيران، فإن من نافلة القول إن هناك عدة غايات لاستهداف منشآت النفط من قبل إيران وملحقاتها، ولعل المنشآت النفطية في السعودية هي منذ فترة ليست بالقليلة ضمن مكونات بنك أهداف مؤيدي إيران في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

 

ومن هذه الرسائل مثلا:

 

- النفط يعد عصب اقتصادات دول الخليج، وضرب منشآت النفط فيها سيصيب هذه الاقتصادات بالشلل ويجعلها توقف العديد من مشروعاتها الاستثمارية، وخاصة مشروعات رؤية 2030 في السعودية.

 

- رفع أسعار النفط في السوق الدولية حال وقوع سيناريو استهداف المنشآت النفطية في المنطقة، بسبب ارتفاع تكاليف التأمين على السفن الناقلة، وأسعار النقل كذلك. وهذا أمر تنجح إيران على الدوام في معرفة تداعياته على المنطقة ومن ثم استغلال تلك التداعيات كما رأينا في حرب الناقلات أيام الحرب العراقية الإيرانية.

 

لذلك لابد أن يدرك العالم أن تأثير هذه الأعمال على أمن الصادرات البترولية، وحرية التجارة العالمية، وحركة الملاحة البحرية، فضلا عن تعريض السواحل والمياه الإقليمية لكوارث بيئية كبرى قد يكلفه الكثير خصوصا مع استعار التسلح في المنطقة من كل الأطراف.

* متخصصة بالسياسات الأميركية وشؤون الشرق الأوسط

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر