بن سلمان : (العلم والإنسان) نافذتي وجناحي

معد ومقدم البرنامج الرائد على مستوى إذاعات الشرق الأوسط

بن سلمان : (العلم والإنسان) نافذتي وجناحي

قبل 9 سنوات
بن سلمان : (العلم والإنسان) نافذتي وجناحي

الإعلامي الشهير أحمد عمر بن سلمان



 

 

·                          أحب الهدوء لأنه سلام للروح وتسامح مع الأشياء            

هناك في دهليز صغير خيل إلي أنه موضع أطراف أحد جناحي طائر ضخم، تشع ابتسامة أخاذة فتضيء المكان.. هناك يقضي رجل نحيل تجاوز العقد الثامن من عمره – جل وقته، فتلك الناحية البعيدة من جناح الطائر هي محراب عمله الدءوب.. أما ذلك الطائر الضخم فهو إذاعة عدن التي هاجرت من خلالها أصوات شجية طافت العالم عبر موجات الأثير.. ومن تلك الأصوات أحمد عمر بن سلمان معد ومقدم البرنامج الشهير (العلم والإنسان) الذي ضرب رقما قياسيا من حيث سنوات بثه والذي ما زال محتفظا بطابعه منذ ما يقارب نصف قرن من الزمان..

في مكتبه المتواضع الذي يتقاسم معه لحظات الهدوء كانت لنا معه هذه الوقفة ..

حاورته / دفاع صالح

·  في البدء دفعني الفضول لمعرفة سبب العزلة الإبداعية لهذا الرجل المخضرم!

سألته، فرد قائلا: (بطبعي أحب الهدوء وأنظر للمسألة من جانب حضاري، فالهدوء سلام للروح، وتسامح مع الأشياء من حولنا .. العالم كله ضجيج لا يطاق لا أدري لماذا! يكفي أن من تخاطبه يسمعك، لا داعي لأن يصرخ أحد منا، فالصوت العالي يقتل لحظات الجمال والإبداع).

·  نحن أمام رجل شغوف بالعلم، غزير الثقافة، مليء بالخبرة، يراه الكثيرون في المقاهي البسيطة والأسواق الشعبية، يتنقل بواسطة المواصلات العامة، وبصمت يمضي في الأزقة والطرقات .. لكن القليل فقط يعرفون صورة الرجل الذي تجاوزت شهرة صوته حدود الزمان والمكان.. فمن هو أحمد عمر بن سلمان؟

** رجل بسيط عشت وسط أسرة متواضعة يسودها التكافل الاجتماعي كعادة كل أسرة يمنية وتلقيت تعليمي الابتدائي في مسقط رأسي غيل باوزير في محافظة حضرموت، وكذلك الدراسة الإعدادية، وتخرجت من المدرسة المتوسطة عام 1955م.

وأوفدت لدراسة الثانوية في حلوان، وتحصلت على نسبة عالية مكنتني من دخول كلية الطب، لكن نبأ وفاة والدي سبب لي صدمة جعلتني أترك دراسة الطب وأغادر أرض الكنانة عائدا إلى مسقط رأسي.

·  ومتى بدأ العشق الإذاعي لأحمد عمر بن سلمان ؟

** الإذاعة عشق قديم، وكوني أصبح مذيعا كان حلما حسبته لن ير النور. وذات مرة حين كنت أستمع لمحبوبتي (إذاعة عدن) وكانت فقرة علمية، قلت في نفسي ليس من الصعب أن أقدم أفضل مما يقوله هذا المذيع، وكانت خلفيتي العلمية التي اكتسبتها أثناء دراستي للطب قد ساعدتني كثيرا في بداية مشواري الإذاعي، فتقدمت للإذاعة كمساهم وما زلت كذلك حتى الآن.

يعني ان  وظيفتك الأساساسية ليست في إذاعة عدن ؟

** نعم، وظيفتي الأساسية مترجم لغة إنجليزية في إدارة المباحث الجنائية، وقد أحلت إلى التقاعد منذ سنوات عديدة.

وعملت في الستينات من القرن المنصرم في السلك التربوي، وكانت كلية بلقيس الرائدة هي محطتي الأولى في التدريس، ومن الزملاء الرواد في مجال التعليم أتذكر أحمد المروني، وعبدالله عيدروس السقاف، وعبد العزيز عبد الغني، وحسين الحبيشي، وعبدالله هادي سبيت، وعبد الله أبوبكر باذيب وعبد الرحيم الأهدل.

·  اللغة الإنجليزية أضافت إلى رصيدك المعرفي بالتأكيد، حدثنا عن ذلك ..

** نعم اللغة الإنجليزية هي اللغة العالمية الأوسع انتشارا وكوني أجيدها فذلك ساعدني كثيرا في الاطلاع على المعارف والعلوم والأبحاث العلمية المختلفة لخدمة برنامجي الذي أعتز بأنه مازال محتفظا بي وما زلت محتفظا به إلى حين يمتد بي العمر.

·  منذ أغسطس 1965م وبرنامج (العلم والإنسان) مع أحمد عمر بن سلمان، ما زال على موجات إذاعة عدن، إلى ماذا يرجع هذا النجاح وهذه الاستمرارية؟

** حبي للعلم، عشقي للإذاعة، إدماني للعطاء، فـ(العلم والإنسان) نافذتي التي لم تغلق منذ عشرات السنين، وجناحي الذي أحلق به في كون العلوم، فهذا البرنامج يعد الأكثر استمرارا من حيث سنوات بثه على مستوى إذاعات الشرق الأوسط.

·  وماذا تقول عن إذاعة عدن..؟

 **بدأت إذاعة عدن منذ نشأتها عام 1954م، ببث لا يتجاوز الساعتين لكنه جذب جمهوراً واسعاً من المستمعين الذين أحبوا صوت الإذاعة، وتهافت الناس إلى شراء ذلك الجهاز الصغير في حجمه، الكبير في معانيه ..

وكانت إذاعة عدن هي الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشاراً وتأثيراً، عكس الصحافة التي كانت حينها محدودة التوزيع نتيجة لارتفاع نسبة الأمية، لذا وقع اختياري على إذاعة عدن وكانت حينها تعد من أهم محطات الإذاعة في المنطقة العربية، وأحببت المجال العلمي وطمحت أن أجعل حقائق العلم في متناول أكبر عدد من الناس، نتيجة للتطورات المتسارعة التي رافقت النصف الثاني من القرن العشرين.

·  كيف تصف واقع الإذاعة كوسيلة جماهيرية في ظل التنافس المحموم بين وسائل الإعلام المختلفة؟

** الإذاعة باقية وما زالت محتفظة بجمهور واسع، ورغم أنها وسيلة قديمة مقارنة بالوسائل الإعلامية التي ظهرت فيما بعد، إلا أن تلك الوسائل لم تستطع إلغاء دور الإذاعة المتميز، فالإذاعة جهاز بسيط بطبيعته وغير مكلف، ويتيح فرصة لخيال المتلقي، صحيح أن الإعلام الإذاعي يواجه العديد من التحديات، لكن مع ذلك يبقى مثله مثل الكتاب الورقي لهما نكهتهما الخاصة.

·  برأيك هل استطاع الجيل الإذاعي الجديد مواكبة التطورات المتسارعة؟

** التطور والتجديد سنة من سنن الحياة، والشيء الممكن عمله مع جيل الشباب في أي مجال يجب أن نعمله، وجيل إذاعة عدن لديه طموح لا يخلو من الإبداع لكنه بحاجة إلى شيء من التأهيل. في الماضي كنا نعمل بأبسط الإمكانيات وساعات عمل طويلة وبيئة عمل يسودها التفاني، وكان المنتوج بحجم طموحنا.. لكن جيل اليوم يعمل في ظل بيئة أخرى أكثر تطورا وأشد تعقيدا، والطموحات كبيرة لكنها تصطدم بعوائق تحد من العزيمة، لذا فهذا الجيل ربما يجد نفسه أمام كم من الصعوبات إذا لم يستطع تجاوزها تظل مؤشرات النجاح دون المستوى المطلوب.

·  وماذا يقول المعلم القدير أحمد عمر بن سلمان لأبنائه الإعلاميين بهذا الصدد؟

** أقول لهم أن كل بيئة عمل لا تخلو من المتاعب، لكن حب العمل والإخلاص فيه والعلاقات الطيبة مع زملاء المهنة، وتغليب المصلحة العامة، والسعي نحو الابتكار والتجديد، كل ذلك وغيرها من أسباب النجاح تجعل الفرد يشعر بالرضا ويتطلع للإبداع دوما.  

·  بعد كل هذا العطاء في ميدان الإعلام الإذاعي، هل تجد أنك قد أوتيت حقك من التقدير ؟

** الحمدلله يكفي أنني راض عما قدمته، وهذا هو تقديري لنفسي، والعمل يظل عشقي الممتد.

·  هي ذاتها الابتسامة الأخاذة التي استقبلنا بها كانت مسك الختام لحوار مقتضب مع شخصية تصنع الإضاءة وهي خارج دائرة الضوء.


الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر