سبق لنا الحديث عن هذا الموضوع مرات عدة؛ وننطلق في ذلك ليس فقط مما تشهده الساحة الجنوبية من بعض التحركات ( السياسية ) المختلفة؛ التي تتجاوز حق التعبير عن الرأي والاختلاف في الرؤى والمواقف مع الآخر الجنوبي؛ بل يتعدى ذلك للإعلان وبوضوح تام؛ بأن أصحابها ضد مشروع الجنوب الوطني الجامع؛ بل ولديهم ( أدواتهم ) التي يسخرونها لمنعه من الانتصار لحريته ومستقبله؛ وبمسميات وعناوين مختلفة ومتعددة؛ ولكنها تلتقي عند نقطة العداء للجنوب من خلال محاولات تفكيكه سياسياً ووطنياً واجتماعيا؛ لتلحق به الهزيمة كما يعتقدون؛ والتي لن تكون إلا خدمة لأعداء الجنوب ولصالحهم ومدعومة منهم بكل تأكيد؛ حتى وإن تخفى البعض منهم عند الضرورة المؤقتة خلف شعارات مضللة وخادعة للناس.
بل أننا ننطلق كذلك في حديثنا المتكرر عن الاختراقات؛ بما يحدث من أعمال العنف المختلفة في المجتمع؛ والنبش في الماضي وإشعال حرائق الفتن المتنقلة؛ ومن مسلسل الاغتيالات التي تكاد لا تتوقف؛ ومن الأعمال الإرهابية المختلفة؛ والقائمة على التنسيق والفعل المتناغم بين أكثر من طرف؛ ومن قناعتنا الكاملة أيضاً؛ بأن أعداء الجنوب وقضيته الوطنية وعلى تعدد أهدافهم ومسمياتهم ومشاريعهم السياسية؛ أو أطماعهم غير المشروعة؛ بأنهم ليسوا في حالة رضا وقبول بمشروع الجنوب الوطني المعلن؛ والمتمثل بحقه بأن يستعيد دولته وسيادته على أرضه؛ ولا هم كذلك في وارد التفهم لتطلعات شعب الجنوب المشروعة؛ بحيث نطمئن لمواقفهم؛ أو نعتقد وببراءة السياسة القاتلة؛ بأنهم على استعداد للتصالح والتعايش معنا والتسليم بخيار شعبنا الوطني.
فمن المؤكد بأن النشاط الاستخباراتي المتنوع الأشكال والطرق والوسائل والمتعدد الجنسيات؛ لهو حاضر اليوم وبقوة في الجنوب؛ ولأهداف وغايات وحسابات متعددة؛ وعبر الفعل ( الناعم ) والأكثر خطورة والمتمثل بالنشاط غير المرئي؛ والذي يقوم به الجواسيس والمخبرون المجندون لهذه المهمة القذرة؛ مقابل الحصول على المال أو منافع مؤقتة أخرى؛ وهم من يتم اختيارهم بعناية بالغة؛ وممن لا يثيرون الشبهات حولهم بسبب تدريبهم المتقن؛ أو من قبل أشخاص يتم كسبهم وهم في مواقع حساسة ويحظون بثقة قياداتهم ولا يخضعون لأي نوع من الرقابة؛ وبالتالي يكون أمثال هؤلاء عادة هدفاً لاستقطاب تلك الأجهزة وعبر أكثر من وسيلة؛ وبواسطة شبكة علاقات ذكية؛ قد لا تثير لديهم الشك بأنهم قد وقعوا بصورة أو بأخرى في مصيدة تلك الأجهزة؛ ناهيك عن دور المال الذي تهتز معه القناعات ويضعف التمسك بالمبادئ وتُخترق به القلاع المحصنة.
لذلك فإن التحديات الماثلة أمام الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المعنية في الجنوب وبوضعها القائم اليوم؛ كبيرة وخطيرة وتتطلب مساندتها ودعمها بكل ما تتطلبه من دعم وإمكانيات ورعاية وتدريب وتأهيل متخصص؛ واختيار عناصرها بعناية بالغة واستثنائية ووفقاً لمعايير صارمة.