العمل السياسي يقوم أساسا على عقد الصفقات هذا مقابل هذا ، ومع ذلك فإن ثمة مواقف مجانية للمجاملة ، ولكن ليست ثمة تنازلات مجانية ، لأنها مثل حبات المسبحة إذا بدأت ، فسرعان ما تتوالى ، وكل تنازل يقود الى تنازل جديد أخطر من سابقه .
إذا كان ولابد أن تخرط حبات مسبحتك فليكن ذلك مقابل مسبحة جديدة على الأقل .
وإلا أقول لك بالعربي :
الشعب الجنوبي تقبل شراكة الانتقالي في سلطة دولة الاحتلال ، ليس من أجل توحيد الصف لدخول صنعاء وهزيمة الحوثيين لأن قضية دخول صنعاء هي قضية شمالية والشعب الشمالي وقيادته هم المعنيون بها ، وإنما تقبل الجنوببون هذه الشراكة مقابل قيام التحالف العربي وسلطة الاحتلال ودول الوصاية على اليمن وبالطبع المجلس الانتقالي الجنوبي بتحسين ظروف الحياة في الجنوب ، وإيجاد الحلول لوقف تدهور الخدمات وقيمة العملة المحلية ، ومحاربة الفساد ، ورفع المعاناة عن كاهله الى أن يتم وقف الحرب والتفاوض حول الحل السياسي النهائي .
ومع ما يعيشه الشعب الجنوبي من استمرار لانحدار مستوى حياته في جميع المجالات ، وما يلاحظه من عدم اهتمام ولا تدخل ولا إجراءات توقف هذا التدهور ، ومع ما يلمسه من أن الأمور تسير كل يوم الى أسوأ من ذي قبل ، فإن الجنوبيين كشعب ليسوا مجبرين ولا ملزمين بالبقاء متفرجين على بعضهم وهم يقتربون كل يوم الى الهاوية والسقوط صرعى معاناتهم ، وصرعى سياسات وفساد وعجز السلطة والحكومة ، وتنصل التحالف العربي ودول الوصاية على اليمن من واجباتهم تجاهه ، ومن حقهم أن يرموا بكل الاتفاقات والشراكة عرض الحائط ، وأن يهبوا لانقاذ أنفسهم من الموت ، ويبحثوا عن حلول تخرجهم من دوامة الضياع والعدمية الى مراسي تعيد لهم التوازن ، ويعبرون من خلالها الى وضع أفضل مما هم فيه حاليا .
ليس من المنطقي ولا المعقول مطالبة الشعب الجنوبي بترحيل نضاله من أجل انتزاع حريته واستقلاله وفي الوقت ذاته مضاعفة معاناته ومضاعفة أساليب التضييق عليه في لقمة عيشة ، ومستوى حياته ، والتخلي عن كل الالتزامات نحوه ، فمن يطالبه بذلك فإنما يطالبه بدفع ثمن مقابل لا شيء بل بدفع ثمن هلاكه ، وبذلك فهو يطالبه بتنازل مجاني مركب .