يحتفل أبناء سقطرى والجنوب في الثالث من مارس من كل عام بيوم اللغة السقطرية، احتفاءً بهذا الإرث الثقافي العريق الذي يعكس الهوية والتاريخ الجنوبي. تأتي هذه المناسبة في ظل تحديات متزايدة تهدد استمرارية هذه اللغة الفريدة، ما يستدعي تكثيف الجهود لحمايتها وتوثيقها لضمان انتقالها إلى الأجيال القادمة.
اللغة السقطرية.. تاريخ ممتد وهوية راسخة
تعد اللغة السقطرية من أقدم اللغات السامية الجنوبية، وتتميز بمفردات وتراكيب لغوية لا توجد في أي لغة أخرى، مما يجعلها كنزًا لغويًا فريدًا. وعلى الرغم من عدم وجود نظام كتابي رسمي لها، فإنها حافظت على بقائها عبر التناقل الشفهي بين الأجيال.
ويصنف الباحثون اللغة السقطرية ضمن اللغات الإفريقية الآسيوية السامية، إذ تنتمي إلى عائلة اللغات العربية الجنوبية. كما تتميز بخصائص لغوية خاصة، منها وجود أحرف غير مستخدمة في لغات سامية أخرى، مثل "الشين الجانبية" أو ما يُعرف بـ"السين الثالثة".
التحديات التي تواجه اللغة السقطرية
تواجه اللغة السقطرية العديد من التحديات التي تهدد استمرارها، أبرزها:
• عدم وجود نظام كتابي رسمي، مما يجعلها عرضة للاندثار.
• تراجع استخدامها بين الأجيال الجديدة بفعل العولمة والانفتاح الثقافي.
• قلة المبادرات المؤسسية لتوثيقها وتعليمها في المناهج الدراسية.
جهود المجلس الانتقالي في حماية اللغة السقطرية
يولي المجلس الانتقالي الجنوبي اهتمامًا خاصًا بحماية اللغة السقطرية، إدراكًا منه لأهميتها في الحفاظ على الهوية الجنوبية. ووجه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي الجهات المختصة لدعم توثيق اللغة وتطويرها، باعتبارها جزءًا من التراث الثقافي الجنوبي الذي يعود تاريخه لآلاف السنين.
وتماشياً مع هذا التوجه، أكد اللقاء التشاوري الجنوبي في العاصمة عدن وإعلان الميثاق الوطني الجنوبي على اعتماد اللغتين المهرية والسقطرية بشكل رسمي في أقاليمها، ما يعكس حرص القيادة على حماية التنوع اللغوي الجنوبي.
إنشاء مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث
في خطوة مهمة للحفاظ على اللغة السقطرية، أُنشئ "مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث" في 9 مايو 2023، بمبادرة من النخب الثقافية والشبابية، بهدف توثيق اللغة وتدريسها للأجيال القادمة. ويسعى المركز إلى إدراج اللغة السقطرية ضمن المناهج الدراسية، وتعزيز استخدامها في المجتمع السقطري.
أصوات تدعو للحفاظ على اللغة السقطرية
في سياق الاحتفال بيوم اللغة السقطرية، كتب الكاتب محمد بن قبلان مقالًا أكد فيه أهمية هذا اليوم كفرصة لتعزيز الوعي بضرورة حماية اللغة السقطرية، بوصفها مكونًا أصيلًا من الهوية الجنوبية.
وقال بن قبلان: "اللغة السقطرية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي سجل ثقافي يحمل في طياته تاريخ الجزيرة وعاداتها وتقاليدها، ومن واجب الجميع المشاركة في الحفاظ عليها من خلال التوعية والتعليم".
وأضاف: "الاحتفال بهذا اليوم ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو تأكيد على ضرورة توثيق اللغة وتعزيز وجودها في المناهج الدراسية والإعلام والأنشطة الثقافية".
دعوة لحماية اللغة السقطرية قبل فوات الأوان
يمثل يوم اللغة السقطرية فرصة لتجديد العهد بالحفاظ على هذا الإرث اللغوي العريق، وضمان استمراريته كجزء من هوية سقطرى والجنوب. فاللغة ليست مجرد كلمات، بل هي هوية شعب، وقصة تاريخ، وروح أمة يجب أن تبقى حيّة للأجيال القادمة.